هل ينعش تشغيل مطار “حلب” اقتصاد المدينة

  • 2021/01/24
  • 9:42 ص

مطار حلب الدولي (رويترز)

عنب بلدي – زينب مصري

أوقف انتشار جائحة فيروس “كورونا المستجد” (كوفيد- 19) حركة الطيران في مطار “حلب” الدولي، عقب إعلان وزارة النقل في حكومة النظام السوري إعادة تشغيله في شباط 2020، ليعود المطار إلى العمل في 15 من كانون الثاني الحالي، مع وصول طائرة تابعة لشركة “السورية للطيران” من بيروت إلى المطار، وعلى متنها عدد من الركاب.

عادت حركة الطيران إلى مطار “حلب” في شباط 2020، بعد توقف دام ثماني سنوات، بتسيير رحلة جوية داخلية قدمت من دمشق، عقب إعلان وزير النقل السوري، علي حمود، أن مطار “حلب” الدولي سيعود إلى العمل، بعد أن وسّعت قوات النظام سيطرتها على مناطق واسعة في ريف حلب.

ويقع المطار على بعد عشرة كيلومترات من وسط مدينة حلب، وتبلغ مساحة أرضه حوالي 3.044 كيلومترًا مربعًا، ويخدّم مدينة حلب والقرى والمدن المحيطة بها، ويعتبر أحد مقرات شركة الخطوط الجوية السورية.

وما إن أُعلن عن إعادة تشغيل الرحلات الدولية في المطار حتى بدأ النظام السوري يروّج للنفع الاقتصادي الذي سيجلبه استئناف تلك الرحلات على مدينة حلب، وتشجيع المغتربين على العودة إليها وتشغيل القطاع السياحي في المدينة.

حلب بلا مقومات اقتصادية

مدير عام الطيران المدني في سوريا، باسم منصور، قال في تصريح لإذاعة “شام إف إم”، في 15 من كانون الثاني الحالي، إن عودة المطار إلى العمل هي عودة ربط مدينة حلب مع العالم الخارجي، إذ كانت المدينة قبل الحرب في سوريا مرتبطة عن طريق المطار بأكثر من 45 محطة.

وأضاف منصور أن استئناف الرحلات الجوية عن طريق المطار تساعد المواطنين بالدرجة الأولى، كما تساعد المغتربين والصناعيين والتجار والمقيمين خارج البلاد في عودة تواصلهم ونشاطهم التجاري والصناعي، مشيرًا إلى أن أغلب القادمين من مطار “رفيق الحريري” الدولي في بيروت هم مسافرو عبور (ترانزيت) قادمون من محطات أخرى.

ويروّج النظام السوري لعودة السوريين المغتربين واللاجئين إلى سوريا بعد مؤتمر “اللاجئين”، الذي عُقد في دمشق بدعوة ورعاية روسية على مدار يومين في تشرين الثاني 2020.

وأوضح المدير أن الطيران المدني في سوريا دعا كل الشركات إلى العمل عبر المطار، ووجه “الشركة السورية للطيران” وشركة “أجنحة الشام” لإعادة العمل بوحداتهما.

وأعلنت صفحة المطار في “فيس بوك“، في 11 من كانون الثاني الحالي، تشغيل رحلة جوية أسبوعية بين أربيل في كردستان العراق وحلب، عبر شركة “فلاي بغداد”.

ولا وجود لرحلات مجدولة إلى مطار “حلب” حتى الآن، بحسب ما رصدته عنب بلدي على المواقع الرسمية لشركات الطيران الثلاث، “السورية للطيران” و”أجنحة الشام” وفلاي بغداد”.

وللوقوف على الآثار الاقتصادية لاستنئاف حركة الطيران في مطار “حلب”، تواصلت عنب بلدي مع رئيس “مجموعة عمل اقتصاد سوريا”، الدكتور أسامة القاضي، الذي قال بدوره، إن تفعيل حركة النقل والشحن الجويين قد يسهم في جلب وشحن بضائع بين حلب والعالم الخارجي.

لكن إنعاش مدينة حلب يحتاج إلى نشاط اقتصادي حقيقي، بحسب القاضي، إذ إن شحن ونقل البضائع يحتاج إلى موارد من القطع الأجنبي، وهذا الأمر غير متوفر في المصرف المركزي أو المصارف الخاصة، ولا حتى في السوق السوداء، بعد صدور مرسوم رئيس النظام السوري، بشار الأسد، رقم “3” لعام 2020، المتعلق بمنع التعامل بغير الليرة السورية كوسيلة للمدفوعات.

واستئناف العمل في المطار وسط شح الموارد والمواد الأولية وغياب القطع الأجنبي من السوق، أي شح العوامل التي يحتاج إليها أصحاب المنشآت للإنتاج والتصنيع والتصدير وحتى الاستيراد، يجعل إسهام الرحلات الجوية في دوران عجلة الاقتصاد “قليلة”، وليست بالشكل المطلوب.

ويعاني النظام السوري من أزمات اقتصادية نتيجة عدم قدرته على ضبط سعر الصرف، وانخفاض قيمة العملة المحلية، ومعدلات التضخم المرتفعة، بالإضافة إلى العقوبات الاقتصادية المفروضة عليه وفق قانون “قيصر”، إلى جانب العقوبات الأوروبية.

وتُمنع الطائرات السورية من الهبوط في مطارات الاتحاد الأوروبي، بسبب العقوبات المفروضة على النظام، ما يحصر حركة الطيران بالدول التي تتعامل حكوماتها مع النظام السوري، وأبرزها حليفاه، روسيا وإيران.

من جهته، قال رئيس اتحاد غرف السياحة السورية، طلال خضير، إن وصول أول طائرة إلى مطار “حلب” هو مؤشر مهم على عودة دوران الحركة الاقتصادية في المحافظة، مشيرًا إلى أن ذلك يسهم في تشغيل القطاع السياحي بحلب من مطاعم وفنادق، إضافة إلى تشجيع المواطنين المغتربين على العودة إلى المدينة.

وفيما يتعلق بتشغيل القطاع السياحي في المدينة، لا يرى القاضي أن هناك أثرًا كبيرًا لإعادة تشغيل مطار “حلب” في ذلك، إذ إنه في طبيعة الحال النشاط السياحي في العالم ككل منخفض بسبب تفشي جائحة فيروس “كورونا”، ولن تكون هناك سياحة في بلد “فيها كل جيوش الأرض”، وفيها حالة عسكرية لا تشجع على التجارة أو الاستثمار أو السياحة.

وكانت وكالة الأمم المتحدة للطيران المدني (ايكاو) ذكرت، في 16 من كانون الثاني الحالي، أن حركة الركاب الدولية انخفضت بنسبة وصلت إلى نحو 60% في 2020، بسبب الإجراءات الوقائية وإغلاق الحدود نتيجة تفشي فيروس “كورونا”.

وأضافت الوكالة أن الخسائر المالية لشركات الطيران بلغت نحو 370 مليار دولار أمريكي، مع انخفاض عدد المسافرين بنسبة 50% على الرحلات المحلية وبنسبة 74% على الرحلات الدولية .

أسباب عسكرية

ورجح القاضي، في حديثه إلى عنب بلدي، أن يكون فتح المطار لأسباب عسكرية واستراتيجية أكثر منها أسباب اقتصادية.

وقال القاضي، إنه يخشى أن يطغى نقل الميليشيات الإيرانية والبضائع الخاصة المتعلقة بـ”الحرس الثوري الإيراني” على طبيعة عمل مطار “حلب” بعد عودة الرحلات الدولية إليه.

وأضاف القاضي أنه “يخشى أن تقصف إسرائيل المطار بشبهة نقل أسلحة من خلاله، كما استهدفت إسرائيل مطار دمشق الدولي سابقًا عدة مرات”.

وتابع، “منذ سنتين، عندما أتى وزير النقل الإيراني إلى سوريا، استُقبل في مطار حلب، وكان كل الموجودين حينها إيرانيين، فيغلب على الظن أن تكون حركة فتح المطار من أجل تسهيل حركة الإيرانيين في الشمال”.

وخلال السنوات الماضية، استهدفت غارات إسرائيلية محيط مطار “دمشق” عدة مرات، وفقًا لرواية إعلام النظام السوري، بينما لم تعلن إسرائيل مسؤوليتها عن الهجمات، في سياسة اتبعتها منذ سنوات في سوريا.

مقالات متعلقة

أخبار وتقارير اقتصادية

المزيد من أخبار وتقارير اقتصادية