عنب بلدي – خاص
أفقدته جائحة “كورونا المستجد” (كوفيد- 19) عمله، وبسبب إجراءات الإغلاق والحظر التي تفرضها السلطات اللبنانية، لم يتمكن حسان فشو، وهو لاجئ سوري مقيم في مخميات عرسال شمال شرقي لبنان، من إيجاد عمل جديد، ما راكم الديون عليه ودفعه إلى انتظار الدعم المقدم من مفوضية الأمم المتحدة للاجئين في لبنان.
وقال حسان لعنب بلدي، إنه بعد حوالي ثلاث سنوات من تسجيله وعائلته المكونة من زوجته وابنته، على قوائم الأمم المتحدة الإغاثية، حصل لأول مرة، منذ شهر تقريبًا، على مادة المازوت، وهي المرة الوحيدة التي يحصل فيها حسان على دعم محروقات.
وتعد أبرز احتياجات المخيمات مادة المازوت للتدفئة والمواد الغذائية، بحسب حسان، الذي أوضح أن مواد التدفئة في المخيم، كالحطب، لا تُوزع بشكل “عادل”، فبعض الخيام المتضررة من الأمطار لا تحصل على حطب، وبعض الخيم المستقرة حصلت على الدعم.
وأضاف حسان أن الخيام تغرق بالمياه بسبب عدم تعبيد الطرقات، والاكتفاء بـ”التبحيص” الذي ما يلبث أن يزول حتى تعود الطرقات كما كانت عليه، وتتجمع برك المياه مختلطة بالطين لتشكل واحات من الوحل.
لكن تعبيد الطريق “آخر هموم” أهالي مخيمات عرسال، فاحتياجهم الأبرز في أحوال الطقس الحالي هو المازوت والكهرباء والمواد الغذائية، وإيجار الأراضي المقامة عليها الخيام، وذلك لأن إيجار الأرض “يكسر الظهر”، بحسب تعبير حسان.
مبادرات خجولة
ضربت عاصفة ثلجية مناطق مختلفة من لبنان، في 20 من كانون الثاني الحالي، ووصلت إلى مخيمات عرسال للاجئين السوريين في أقصى الشمال الشرقي اللبناني، وبعد ذوبان الثلوج المتجمعة في المخيم، تشكلت برك ماء أغرقت خيام اللاجئين وأتت على مفروشاتهم وممتلكاتهم الشخصية.
ووسط الطقس البارد، عمل متطوعو فريق “ملهم التطوعي” في لبنان على إمداد اللاجئين في المخيمات بمادة المازوت.
وفي حديث إلى عنب بلدي، قال مدير مكتب الفريق في عرسال، عبد السلام غنوم، إن استجابة الفريق كانت مباشرة خلال الساعات الأولى من العاصفة، ويعمل الفريق على تأمين العوائل في المخيمات بـ20 ليترًا من مادة المازوت لكل عائلة، تكفيهم لمدة خمسة أيام إلى أسبوع بشكل تقريبي.
وأضاف غنوم أن جميع الحلول المقدمة لسكان مخيمات عرسال مؤقتة، والحل الوحيد هو إعمار سكن من حجر أو أسمنت للعوائل واستبدال الخيم، لكن السلطات اللبنانية تمنع إشادة أبنية أو مخيمات أسمنتية، وبالتالي فالحل عبارة عن مساعدة العوائل بتقديم مساعدات عينية.
وتعد مادة المازوت والمواد الغذائية من أبرز الاحتياجات في مخيمات عرسال، بحسب غنوم، الذي أشار إلى أن دعم المنظمات الإغاثية لا يكفي، لأنه موسمي فقط خلال الشتاء في أثناء الثلوج والأمطار، أو خلال شهر رمضان.
وأكد أن الوضع الإنساني في المخيمات يحتاج إلى دعم دولي، لا سيما في ظل تراجع الليرة اللبنانية أمام الدولار الأمريكي وارتفاع الأسعار الناتج عن ذلك، ورخص اليد العاملة، إضافة إلى توقف المشاريع كل فترة بسبب تفشي جائحة فيروس “كورونا”.
لا مأوى ملائمًا
تناولت منظمة “هيومن رايتس ووتش”، في تقريرها الصادر في 19 من كانون الثاني الحالي، أحوال اللاجئين السوريين في بلدة عرسال اللبنانية الحدودية مع سوريا، وغياب الأمكنة الملائمة لإيوائهم خلال أشهر الشتاء الحالي.
وقالت المنظمة، إن أكثر من 15 ألف لاجئ سوري في عرسال يواجهون شتاءهم الثاني منذ صدور قرار “مجلس الدفاع الأعلى” اللبناني، الذي يترأسه رئيس الجمهورية، بتفكيك السوريين خيامهم الأسمنتية، ما أرغمهم على العيش من دون سقف وعزل ملائِمَيْن، واضطرهم إلى تحمل ظروف الشتاء القاسية، بما فيها درجات حرارة دون الصفر وفيضانات.
في تموز 2019، هدم الجيش اللبناني خيامًا أسمنتية بناها السوريون في عرسال، وسط الظروف الاقتصادية الصعبة التي يعيشونها، بذريعة مخالفة القانون في شروط البناء، وذلك بموجب قرار صادر عن المجلس الأعلى للدفاع اللبناني، في أيار من العام ذاته.
ويعد البرد الشديد أحد الأسباب التي دفعت اللاجئين لإنشاء الجدران الأسمنتية لخيامهم في عرسال، كونها أكثر دفئًا ومقاومة للرياح والعواصف الثلجية والمطرية من الخيام القماشية، إلى جانب إحكامها بأبواب ونوافذ تتناسب مع معيشة اللاجئين.
وبحسب المنسقة الأولى لحقوق اللاجئين والمهاجرين في المنظمة، ميشال رندهاوا، تهدد ظروف عيش اللاجئين السوريين في عرسال، وقيود الحركة للحد من تفشي فيروس “كورونا”، سلامة اللاجئين وحياتهم.
ويقدر عدد الخيام في منطقة عرسال بنحو 15 ألف خيمة، منها سبعة آلاف خيمة بجدران حجرية، ونحو 2500 مكونة من جدران أسمنتية، وفقًا لمسؤول برنامج الرعاية الصحية في “اتحاد الجمعيات الإغاثية والتنموية” العامل في المنطقة، زياد عزيز.
وبحسب المنظمة، تفتقد برامج الاستجابة الإنسانية للاجئين السوريين في لبنان التي تؤمّن الملجأ لهم إلى التمويل بشكل كبير، إذ كانت المجموعات التي تؤمّن الملاجئ بحاجة إلى 155.6 مليون دولار تقريبًا، ولم تؤمّن، حتى تشرين الثاني 2020، سوى 27 مليون دولار من التمويل، أي ما نسبته 17% فقط.
وواجه اللاجئون السوريون في لبنان ارتفاعًا كبيرًا بالأسعار والإيجارات، بسبب التضخم المتسارع في البلاد، ما أرغمهم أحيانًا على الاختيار بين شراء الطعام والحاجيات الأساسية أو تسديد الفواتير.
ووفق النتائج الأوّلية لعام 2020 لـ”تقييم جوانب ضعف اللاجئين السوريين في لبنان”، المُشترك بين “برنامج الأغذية العالمي”، و”المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين”، ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف)، تبين أن الأزمة الاقتصادية وتفشي فيروس “كورونا” دفعا 89% من اللاجئين السوريين في لبنان إلى ما دون خط الفقر المدقع.