تبدأ أحداث الفيلم الإسباني “THE BAR” من صباح إسباني كثيف الحركة في أحد شوارع مدريد، فتخرج إيلينا وهي فتاة حسناء للقاء شاب تعرّفت إليه عبر الإنترنت، في الحانة التي يجتمع بها في الصباح أناس من مختلف الطبقات الفكرية والاجتماعية، يتزودون بفطورهم أو قهوتهم قبل الانخراط بيومهم الطويل في مدريد.
في المقهى تدور أغلبية أحداث الفيلم، الذي أخرجه أليكس دي لا إغليسيا بخفة بصرية ورشاقة في الحبكة تخفف من هول مشاهد قليلة قاسية حضرت في العمل.
فالقضية أن أحد المصابين بفيروس “إيبولا” يدخل إلى المطعم، وعند علم السلطات بالأمر تقرر تصفية كل من في المقهى حتى لا يتفشى الوباء بين الناس، فتضرب حصارًا على المقهى وتقتل كل من يخرج منه.
عند حصار الناس في الداخل، يبدأ التندر بالأسباب التي لا تأتي نشرات الأخبار على ذكرها، فالسلطات تتكتم على الموضوع حتى لا تتعطل عجلة الحياة المدريدية.
في المقهى أيضًا أربع حقن من المصل المضاد للفيروس وخمسة أشخاص أحياء بحاجة إلى المصل، وهنا يبدأ صراع على الوجود، يغذيه حوار منطقي ومدروس ومكتوب بعناية.
الأوقات العصيبة التي تمر على المحتجزين في المقهى تفرض على المحاصرين نزع قشور شخصياتهم، لتظهر من تحتها وجوه لا تظهر في الوضع الطبيعي، فتطغى الشراسة على سلوكيات بعضهم، والأنانية على سلوكيات بعضهم الآخر، ومن لا يريد نزع أقنعته الشخصية سيتماهى مع المشهد، ويستخدم القسوة والدفاع الوحشي عن البقاء ليحاكي سلوكيات الآخرين.
وينشب من أجل الجرعات الأربع من المصل المضاد صراع يتجلى في حواره الصراع الطبقي والفكري، فالكل سكوت أمام تعرض فقير متسول للأذى والضرب والاعتداء، والكل يدافع عن الشاب المتحضر الغني في صراعه مع ذاك الفقير.
العمل يستخدم الصورة المناسبة واللون المناسب والإضاءة التي توحي بجو المشهد، لتخرج الصورة مريحة للنظر، بديكور لطيف غير متكلف ومقام على الطراز الأوروبي.
وهنا يمكن قراءة الآلية التي تتبعها بعض الحكومات في التعامل مع الملفات الحساسة، والقضايا المهمة، إذ تتكتم الحكومة على الموضوع عبر وسائل الإعلام، وتسعى لتمويه القضية وتمييعها بخلق ما يشوش عليها، عبر إحراق العجلات في الطرقات، ومحاصرة المكان وإغلاقه.
بمفهوم بعض الحكومات، لا بأس بموت القليل لأجل الكثير، إلا أن أسلوبًا أكثر حذرًا ورحمة، كفيل بتقليص الخسائر، والتعامل معها بعقلانية أكبر، لكن في فيلم “THE BAR” تتعامل الحكومة بقسوة دون حساب للخسائر.
ومن بين المتصارعين الخمسة على المصل المضاد في مكان أغلقته السلطات وأحرقته بالكامل، تخرج إلينا من أعماق الأرض، ومن خلف الحي المحاصر، وتولي ظهرها للسلطات التي تحيط بالمقهى من كل جانب.
العمل منسوج بخيوط من الكوميديا السوداء والإثارة، واستطاع المخرج توظيف شخصياته بما يخدم العمل، لا سيما بالحديث عن البطلة بلانكا سواريز (إيلينا) وعن الممثل خايمي أوردونيز، الذي لعب دور شخص مشرد يُدعى “إسرائيل”، وماريو كاساس (ناتشو) وخواكين كليمنت (أندريس).
كتب السيناريو أليكس دي لا إغليسيا، وجورج جورتيشاتشافاريا، والموسيقى من توقيع جوان فالينت، وجرى تصوير العمل بكاميرا أنجيل أموروز.
وحصل العمل على تقييم 6.3 من أصل 10 في موقع “IMDb” المتخصص بنقد وتقييم الأعمال الدرامية والسينمائية، ونال 86% عبر موقع ” “ROTTEN TOMETOESلتقييم الأعمال السينمائية، بتقييم المشاهدين عبر الإنترنت.