وجهت قوات النظام السوري تعزيزات عسكرية إلى محافظة درعا جنوبي سوريا، وسط شكوك حول الهدف من إرسالها في الوقت الحالي.
وسبق التعزيزات إبلاغ الروس اللجان المركزية بتوجيهات لـ”الضرب بيد من حديد” لمحاربة تنظيمي “الدولة الإسلامية” و”حراس الدين”، وتهديد “الفرقة الرابعة” باقتحام الريف الغربي.
أين تتوزع التعزيزات وما الذريعة
وقال قيادي سابق في قوات المعارضة، في حديث إلى عنب بلدي اليوم، السبت 23 من كانون الثاني، إن النظام يتخذ من إهمال عناصر “التسويات”، الذين هم من أبناء المحافظة، ذريعة لنشر حواجز وفرض واقع عسكري جديد على المنطقة.
وأضاف القيادي الموجود في درعا (تحفظ على ذكر اسمه لأسباب أمنية) أن الحملة الجديدة تستهدف اعتقال قيادات وعناصر متهمين بالانتماء إلى تنظيم “الدولة الإسلامية” في حين فشل النظام في حملاته السابقة باعتقال أي عنصر من التنظيم.
وبدأت “قوات الغيث” التابعة لـ”الفرقة الرابعة” التي يقودها ماهر الأسد، شقيق رئيس النظام السوري، بشار الأسد، اليوم بنشر حواجز جديدة على طريق درعا- حوض اليرموك مرورًا ببلدات اليادودة والمزيريب وتل شهاب ومساكن جلين، حسبما أفاد مراسل عنب بلدي.
وأضاف المراسل أن حواجز جديدة نُشرت قرب دوائر الري ومزرعة الأبقار على طريق اليادودة- المزيريب بريف درعا الغربي، بينما عززت “الفرقة الرابعة” حاجزًا جديدًا على دوار مساكن جلين غربي درعا.
ونشرت حسابات ترصد تحركات قوات النظام، صورًا لتعزيزات عسكرية تضم آليات وعناصر ودبابات.
https://twitter.com/200_zoka/status/1352207557780254720
تعزيزات عسكرية استقدمها الجيش العربي السوري الى #درعا . pic.twitter.com/WNj8Z5Xlwy
— أخبار سوريا الوطن Syrian (@SyriawatanNews) January 21, 2021
تهديدات باقتحام المنطقة الغربية
سبق أن هددت قوات “الفرقة الرابعة”، مطلع الشهر الحالي، باقتحام المنطقة الغربية على خلفية مقتل ضابط برتبة مقدم، وبرفقته خمسة عناصر في بلدة سحم بريف درعا الغربي، في نهاية كانون الأول 2020.
ورصدت عنب بلدي حينها استقدام عناصر وآليات لـ”الفرقة الرابعة”، تمركزت في ضاحية درعا، وتزامن ذلك مع اجتماعات مكثفة أجرتها قيادة الفرقة في مدينة درعا مع وجهاء كل قرية في المنطقة الغربية على حدة، حسبما أكد عضو في “اللجنة المركزية” لعنب بلدي.
تبعها إبلاغ روسيا (الجهة الضامنة لاتفاق التسوية في تموز 2018) اللجنة المركزية في درعا، أنها طلبت من حكومة النظام “الضرب بيد من حديد” لمحاربة تنظيم “حراس الدين”، وتنظيم “الدولة الإسلامية” في المنطقة، حسبما قال عضو اللجنة لعنب بلدي.
وأرجع الباحث غسان المفلح، في حديث إلى عنب بلدي، فتح النظام ملفات تنظيم “الدولة” و”حراس الدين”، والكلام عن تمددهما في محافظة درعا، إلى خلاف خفي بين الروس من جهة والنظام وإيران من جهة أخرى.
وتبنى تنظيم “الدولة” بعض عمليات الاغتيال التي جرت في المحافظة، وبقيت خلاياه من المتهمين بتنفيذ الاغتيالات، في حين كانت منطقة حوض اليرموك تحت سيطرة التنظيم عام 2017، وخط جبهة للقتال مع قوات المعارضة، قبل تمكن قوات النظام من السيطرة عليها في آب من عام 2018.
وقال المفلح لعنب بلدي، إن “حراس الدين” في درعا هم بقايا “جبهة النصرة”، التي كانت في المحافظة في أثناء سيطرة فصائل المعارضة على المنطقة، وهي مجموعة صغيرة لا تأثير لها على المشهد الحالي في الجنوب السوري.
التهديد محاولة لإنهاء “التسوية”
اعتبر الصحفي ياسر الرحيل وهو من أبناء درعا، في حديث إلى عنب بلدي اليوم، أن التهديد بالقوة العسكرية محاولة لإنهاء “التسوية” القديمة في 2018، التي تخرج السيطرة الفعلية من يد النظام على المنطقة، وخلق واقع عسكري جديد تضرب من خلاله قوات النظام بيد من حديد كل من يعارضها بتهمة الانتماء لتنظيم “الدولة”.
وتدفع قوات النظام بـ”الفرقة الرابعة” ذات الولاء المطلق للنظام وإيران، والتي تسيطر حاليًا على المنطقة الغربية بشكل كامل وجزء من الريف الشمالي، في حين حاولت اقتحام درعا البلد ففشلت، وحاولت وضع قدم لها في الريف الشرقي بعد التهديد باقتحام قرية الكرك الشرقي ولكن تدخل “اللواء الثامن” المدعوم روسيًا أفشلها أيضًا، حسب الرحيل.
أما عن الجانب الروسي، فقال الرحيل لعنب بلدي، إن الروس يغضون الطرف عن تغلغل الميليشيات الموالية لإيران قرب الحدود مع الجولان السوري كورقة ضغط للتفاوض مع إسرائيل وأمريكا.
ويتخوف النظام من خروج مظاهرات خلال فترة الانتخابات السورية المقبلة، لذلك يرى الرحيل أن اتفاق “التسوية” القديم يمنع قوات النظام من الدخول ضمن مناطق بريف درعا الغربي وهذه المناطق شهدت مظاهرات ضد النظام السوري.
ليس الانتشار الأول
في أيار 2020، انتشرت “الفرقة الرابعة” ضمن مناطق الريف الغربي، بعد مفاوضات مع اللجنة المركزية انتهت بتطعيم حواجز عناصر “التسوية” التابعين لـ”الفرقة الرابعة” بعناصر من خارج المحافظة، لكن سرعان ما انسحب هؤلاء العناصر وأُبقي على عناصر “التسوية” من أبناء المنطقة.
وقُتل عنصران من مرتبات “الفرقة الرابعة” في حزيران 2020، نتيجة إطلاق النار عليهما في ريف درعا الجنوبي الشرقي، وهي أول عملية استهداف لـ”الفرقة” بعد انتشارها في أيار.
وعاودت “الفرقة الرابعة” الانتشار على طريق درعا- حوض اليرموك في آب 2020، وثبتت حواجز شارك فيها عناصر “التسوية”، ولكنها انسحبت بداية أيلول 2020، لتنتشر حاليًا برفقة دبابات وعربات ومضادات على الحواجز.
وفي 17من تموز 2019، استهدف مجهولون حافلة مبيت لـ”الفرقة الرابعة”، قُتل إثره خمسة عناصر من بينهم ضباط وأُصيب 16 آخرون بجروح.
وسيطرت قوات النظام السوري على درعا والقنيطرة في تموز 2018، وفرضت “تسوية” على الراغبين بالبقاء، أهم بنودها الإفراج عن المعتقلين و”تسوية” أوضاع المنشقين وعودة الموظفين إلى دوائر عملهم، لكن معظم البنود لم تنفذ.
وشهدت المحافظة عقب “التسوية” عمليات اغتيال طالت عسكريين للنظام وقادة وعناصر سابقين في المعارضة، إضافة إلى مسؤولين للنظام.
ووثقت عنب بلدي مقتل 296 شخصًا في درعا و417 عملية اغتيال خلال عام 2020، استنادًا إلى بيانات من مركز “توثيق الشهداء في درعا”.
–