تختلف سياسة رئيس الحزب “المسيحي الديمقراطي” الألماني القادم، أرمين لاشيت، عن سياسة سلفه المستشارة الألمانية، أنجيلا ميركل، فخلال الحرب السورية انحاز لاشيت إلى رئيس النظام السوري، بشار الأسد، وتجلت مواقفه الداعمة للأسد منذ بدء الهجمات الأمريكية عام 2014 على مواقع لتنظيم “الدولة” في سوريا.
وانتخب الحزب، في جولة إعادة الانتخابات التي جرت عبر الإنترنت، في 16 من كانون الثاني الحالي، رئيس حكومة ولاية شمال الراين ويستفاليا الألمانية، أرمين لاشيت، لرئاسة الحزب خلفًا لميركل، متقدمًا على فريدريش ميرتس، بحسب ما نقله موقع “دويتشه فيليه” الألماني.
ولا يعني فوزه بالانتخابات تسلمه مهام المستشارية بل تسلمه مهام رئاسة الحزب فقط، ولكن باعتبار أن الحزب هو أكبر الأحزاب الألمانية، فيؤخذ بالاعتبار أن يكون رئيسه مناسبًا لمنصب المستشار، الذي تشغله ميركل منذ 16 عامًا.
مواقف سابقة مؤيدة لحكومة النظام السوري
أرمين لارشيت لديه موقف مؤيد للنظام السوري، إذ رد على وزير خارجية الولايات المتحدة الأمريكية السابق، جون كيري، في 20 من آب 2014، بالقول، إن الحكومة الأمريكية تدعم تنظيم “الدولة” و”جبهة النصرة”، الممولين من السعودية وقطر.
@JohnKerry:Yes,Mr Kerry.But You supported ISIS and Al Nusra against President Assad in Syria.And they are financed by Qatar and Saudi-Arabia
— Armin Laschet (@ArminLaschet) August 20, 2014
وحين لاحت ملامح النقاش في ألمانيا حول إعادة تقييم النظام السوري، قال لاشيت لصحيفة “تاجشبيجل” الألمانية، في 23 من أيلول 2014، إن “سوريا تحت حكم الأسد دولة استبدادية، لكنها سمحت بالتنوع الديني لدرجة أن المسيحيين والشيعة والعلويين واليهود لديهم متنفس، ولو تمت الإطاحة بالأسد، كما كانت تنوي بعض الدول الغربية في بعض الأحيان، لكان تنظيم الدولة الإسلامية في دمشق اليوم، ليس بعيدًا عن الحدود مع إسرائيل”.
وطالب لاشيت بأن تعمل ألمانيا على تغيير الولايات المتحدة لمسارها في محاربة إرهابيي تنظيم “الدولة” في سوريا.
وكانت مجموعات المعارضة المدعومة من الولايات المتحدة تقاتل تنظيم “الدولة”، لكن لاشيت شارك في رواية النظام السوري، التي ساوت جميع مجموعات المعارضة بتنظيم “الدولة”.
وشارك رواية النظام عبر حسابه في “تويتر“، في نيسان عام 2018، التي تحمّل تنظيم “الدولة” مسؤولية الهجوم بالأسلحة الكيماوية على الغوطة الشرقية التي كانت تسيطر عليها المعارضة بالقرب من دمشق، دون تحميل النظام المسؤولية، على الرغم من أن التنظيم لم يكن موجودًا في الغوطة الشرقية.
وتعرضت مدينة دوما، في 7 من نيسان 2018، لهجوم كيماوي تسبب بمقتل 60 شخصًا، وإصابة ألف آخرين بالاختناق، وذلك في أثناء الحملة العسكرية التي قادها النظام السوري، بدعم روسي، للسيطرة على الغوطة الشرقية.
وأكدت منظمة “حظر الأسلحة الكيماوية”، في آذار 2019، استخدام مادة سامة خلال الهجوم على مدينة دوما.
واتهمت العديد من الدول الغربية النظام السوري بتنفيذ الهجوم، بعد معلومات استخباراتية تفيد بذلك، إلا أن النظام نفى ضلوعه بالهجوم كما اتهمت روسيا الغرب بفبركته.
تأييد للوجود الروسي في سوريا
وعقّب لاشيت مجددًا، في 12 من أيلول 2018، على الضربات الروسية لمناطق المعارضة آنذاك، بأن ذلك هو “الحل الوحيد في سوريا”.
واستغرب من اعتبار الانتشار الروسي مقلقًا بينما يعتبر العالم الضربات الجوية الغربية على سوريا مفيدة.
https://twitter.com/ArminLaschet/status/642781338135826432
وأكد لاشيت مرارًا وتكرارًا أنه ينتمي إلى من يعتقدون بأن المشكلة الحقيقية هي أن الناس ببساطة لا يتحدثون بشكل كافٍ مع روسيا، واشتكى من “الشعبوية المعادية لبوتين”.
كما أنه مدافع عن خط أنابيب الغاز “نورد ستريم 2″، الذي تحاربه دول أوروبا الشرقية على نطاق واسع، لأنها تعتبره مشروعًا جيوسياسيًا لـ”الكرملين”.
قبل ترشحه
عمل أرمين لاشيتن (59 عامًا) صحفيًا سابقًا، ويعد محافظًا معتدلًا، وبقي حتى عام 2010 وزيرًا للاندماج في أكبر ولاية من حيث عدد السكان في ألمانيا، وأيّد ميركل فيما يخص سياسة استقبال اللاجئين في عام 2015.
وترأس منطقة شمال الراين ويستفاليا المكتظة بالسكان في غربي ألمانيا، عام 2017، وتحفّظ على الترشح لرئاسة الحزب عام 2018.
ويعرف بموقفه الليبرالي المنفتح، فيما يتعلق بتقبل الأجانب بما يتعارض مع الدوائر المحافظة داخل الحزب “المسيحي الديمقراطي”.
ودافع عدة مرات عن الاعتراف رسميًا بالإسلام كمكوّن من مكوّنات المجتمع الألماني، كالمسيحية واليهودية، بينما يمثّل خطًا متشددًا على صعيد السياسة الأمنية.
أبو اللاجئين؟
ويُعرف لاشيت بدعمه لسياسة ميركل فيما يخص استقبال اللاجئين في ألمانيا، لدرجة أن الألمان سموه بـ”أرمين التركي”، في إشارة إلى الجالية التركية، أكبر جالية مهاجرة في ألمانيا.
كما عُرف لاشيت بآرائه الليبرالية وعلاقاته الوثيقة بالجاليات المهاجرة، ودافع بشراسة عن سياسات ميركل في الهجرة في أثناء أزمة اللجوء عام 2015.
وكان للاشيت موقف رافض لمقترحات حظر النقاب في ألمانيا، وقال إنها نقاش زائف وتشتيت للانتباه عن القضايا الأكثر أهمية.
وطالب، في آذار 2020، الحكومة الألمانية بتبني موقف جدي ضد الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، بعد تأزم الوضع على الحدود الأوروبية الخارجية المتمثلة بالحدود اليونانية مع تركيا.
وقال لاشيت آنذاك، “لابد من زيادة الضغوط على أردوغان، لوقف هذه اللعبة والضغط على أوروبا باستخدام اللاجئين”.
وكان أردوغان قال، في آذار 2020، إن تركيا ستفتح حدودها أمام تدفق اللاجئين عبر حدودها مع اليونان للتوجه إلى أوروبا، وإيقاف العمل بالاتفاق التركي- الأوروبي الذي يقضي بمنح تركيا ستة مليارات يورو، في مقابل أن تمنع المهاجرين من العبور باتجاه أوروبا.
وجاء قرار أردوغان بحجة أن المساعدات الألمانية لم تصل إلى اللاجئين بعد، بحسب ما نقلته وكالة “الأناضول” التركية.
ووصل معظم اللاجئين عن طريق الحدود البحرية، وكانوا في معظمهم من سوريا والعراق. وغرق من بينهم 3695 لاجئًا.
وسببت هذا التدفق للاجئين خلافات سياسية كبيرة بين دول الاتحاد الأوروبي.