عنب بلدي – العدد 40 – الأحد 25 تشرين الثاني 2012
هنا الحلبي
عاش الشعب السوري على مدى سنة وثمانية أشهر أحزانًا وهمومًا ومصائب كبيرة، عانى خلالها الأمرّين من قتل وتشريد واعتقال وتعذيب وتنكيل. قُصفت فيها المدن وهُجّر
ورغم كل هذا واجه الشعب السوري هذه الظروف بثبات وتمكن من قهرها بدلًا من أن تقهره هي.
ورغم هذه المحنة، فقد أثبت الشعب الحلبي أنه شعب جبار، فبرغم نزوح أكثر من 60% من أبناء أحياء حلب، إلا أن المظاهر المدنية في المدينة لم تتوقف، وأوجد هذا الشعب الحلولَ والبدائلَ لكل التحديات من كسب لقمة العيش، إلى إيجاد بدائل عن المدارس لاستمرار عملية التعليم، وحتى الأفراح لم تتوقف، فمن كان يعتزم الزواج لم توقفه هذه المحنة العصيبة فأقام النازحون افراحهم في المدارس وفي مناطق النزوح.
وكذلك الحال بالنسبة للناشطين، والذين هم من أكثر الناس معاناة، فجميعهم ملاحقون ومهددون بالاعتقال أو القتل، وكثير منهم ذاقوا ويلات الاعتقال والتعذيب. ومن بين الملاحقين بشدة الناشطون في المجال الطبي، والذين عامل النظام المعتقلين منهم بوحشية هي الأشرس وتعرضوا لأشد أنواع التعذيب في المعتقلات، كما كانت أكثر أساليب القتل وحشية ترتكب بحق الأطباء والعاملين في المجال الطبي، ابتداءًا بالطبيب «صخر حلاق» في بدايات الثورة، مرورًا بالأطباء الثلاثة «حازم بطيخ وباسل أصلان ومصعب برد» وليس انتهاءًا بالطبيب «نور مكتبي» – رحمهم الله جميعًا. وبالرغم من تلك الوحشية فهم ما زالوا مستمرين وصامدين، ماضين في نضالهم وعملهم، ولا تخلو جمعاتهم من المرح والمعنويات المرتفعة. فها هي ممرضة من الفريق الطبي في إحدى النقاط الطبية في منطقة سيف الدولة قد تم الاحتفال بخطبتها على قناص من الجيش الحر منذ أشهر، وهو الحفل الذي تم تصويره وعرضه على القنوات الإعلامية.
وقبل أيام شهدت المدينة الاحتفال بزواج أحد أطباء الفرق الطبية، بعد مُضي ما يقارب ثمانية أشهر على خطبته، وذلك بعد أن أجل زفافه أكثر من مرة بسبب الظروف التي تمر بها المدينة وبسبب تفرغه وتفانيه في العمل الطبي وخدمة الثورة. وهو الذي كان يتردد ما بين مدينته حلب ومعرة النعمان حيث خطيبته ليزورها إضافة إلى مساهمته في العمل الطبي في المعرة. وأخيرًا وبعد أن طال الانتظار، وبعد أن نزحت خطيبته مع أهلها من معرة النعمان إلى حلب، قررا الزواج رغم الظروف المحيطة. وكان حفل الزفاف مفاجئًا له، حيث حضّر له زملاؤه حفلًا في أحد المشافي الميدانية!! وأقاموه في الطابق الثاني من المشفى كي لا يزعجوا المرضى. وكان حفل الزفاف كاملًا يليق بمناضل من أبناء المدينة، وكانت الطقوس الحلبية حاضرة، فكانت الضيافة الحلبية التقليدية، وشراب اللوز وقالب الكاتو. كما أنه كان لابد من العراضة الحلبية الممزوجة بأهازيج الثورة.
ورغم كل شيء، لم ينسَ الثوار أصدقاءهم من الفريق الطبي، الشهداء حازم وباسل ومصعب الذين استشهدوا حرقًا في أقبية المخابرات، إضافة لرفاقهم المعتقلين…. فكان حفل الزفاف حفلًا حلبيًا بطابع ثوري، وعلت أصواتهم وهم يغنون: وبدنا نفرح يا ثوار غصب عنك يا بشار
رغم كل ممارساته الوحشية وقمعه وإرهابه، لن يستطيع هذا النظام أن يمنعنا من الفرح، أو أن يُدخِل اليأس إلى قلوبنا. نحن شعب نحب الفرح والتفاؤل والاحتفالات وسوف نتوج أفراحنا بالنصر القريب بإذن الله مع سقوط الطاغية وتحرير بلدنا.