تعيش مدينة الحسكة شمال شرقي سوريا أزمة انقطاع مياه الشرب، إذ قُطعت المياه عن المحافظة منذ 17 من كانون الثاني الحالي حتى اليوم، ما أدى إلى أزمة أُضيفت إلى معاناة سكان المدينة.
وقال مدير مياه الحسكة، محمود العكلة، لوكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا)، إنها المرة الـ18 التي تُقطع فيها مياه الشرب عن مدينة الحسكة، متهمًا تركيا بذلك.
وتتهم “الإدارة الذاتية“، التي تسيطر على أجزاء من مدينة الحسكة، “الجيش الوطني” المدعوم من تركيا، بقطع المياه عن المدينة من خلال إيقاف محطة “علوك” التي تمد الحسكة بالمياه، بحسب وكالة “هاوار” التابعة لـ”الإدارة الذاتية”.
وبحسب ما أفاد به مدير مشروع محطة “بلدة 47” في الحسكة، المهندس سليمان خليل، لـ”هاوار”، بدأت الورشات بأعمال تأهيل خطوط جر المياه، في 4 من كانون الثاني الحالي، ووصف خليل المشروع بأنه “أحد المشاريع الإسعافية، التي ستزوّد الحسكة بكمية من مياه الفرات”.
وكانت مظاهرة خرجت في الأحياء التي يسيطر عليها النظام السوري بمدينة الحسكة، في 18 من كانون الثاني الحالي، وتجمع المتظاهرون أمام القصر العدلي، احتجاجًا على عدة أمور منها الحصار الذي تفرضه “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد) الذراع العسكرية لـ”الإدارة الذاتية”، وانقطاع المياه في المدينة، بحسب ما أفاد به مراسل عنب بلدي في المنطقة.
لكن مدير المكتب الإعلامي للمجلس المحلي في مدينة رأس العين شمالي الحسكة، عبد الله الجشعم، اتهم قوات حزب “الاتحاد الديمقراطي” (PYD)، وهو نواة “الإدارة الذاتية”، بقطع الكهرباء عن رأس العين، حيث توجد محطة مياه “علوك” وتصدّر الكهرباء إلى مدينة الحسكة، ما أدى بشكل تلقائي إلى توقف المحطة التي تضخ المياه إلى الحسكة عن العمل.
انقطاع المياه يسبب أزمة للمدنيين
الضحية الأولى لانقطاع المياه والمتأثر الأكبر هم المدنيون، ويرى باسل فتّيح (35 عامًا) وهو أحد سكان حي المشيرفة على أطراف مدينة الحسكة، أن قطع المياه عن المدينة هو استغلال غير مبرر يضاعف أزمات المدنيين، الذين يلجؤون لشراء الماء من الخزانات والصهاريج المتجولة، “التي لا نعرف مصادرها أساسًا”، إلى جانب ارتفاع سعر تعبئة الخزان إلى أربعة آلاف ليرة سورية.
فاطمة الخليل (40 عامًا) وهي أيضًا من سكان المنطقة قالت لعنب بلدي، إنها تقطع مع بناتها مسافة تصل إلى 1000 متر لنقل المياه التي تقتّر باستخدامها، إذ تحصل عليها من إحدى المضخات التي تستخرج الماء من الآبار الجوفية.
وأضافت فاطمة أن المضخة التي تعود ملكيتها لأحد أصحاب المزارع على أطراف المدينة، لا تخلو من تزاحم الناس عليها بسبب الانقطاع المتواصل لمياه الشرب عن المدينة.
تبادل سابق للاتهامات
وكانت الأطراف تبادلت الاتهامات (“قسد” و”الجيش الوطني” المدعوم من تركيا، وتركيا)، حول هوية المتسبب بقطع المياه عن المدينة، في آب من عام 2020.
ولا تعتبر هذه المرة الأولى التي تشهد فيها محافظة الحسكة انقطاعًا لمياه الشرب فيها خلال العام الحالي، إذ عاشت المدينة وعدة أجزاء من أريافها انقطاعًا للمياه لأكثر من يوم، في شباط من عام 2020.
وكان رئيس هيئة “الاقتصاد والزراعة” التابعة لـ”الإدارة الذاتية” في شمال شرقي سوريا، سلمان بارودو، قال لعنب بلدي، في مراسلة إلكترونية سابقة، إن السبب المباشر لانقطاع المياه هو “الضغط على الإدارة الذاتية” و”إفشال مشاريعها التنموية في المنطقة” من قبل فصائل المعارضة السورية المدعومة من تركيا.
واستند بارودو حينها بهذا الاتهام إلى بيان لـ89 منظمة مدنية وحقوقية نددت بقطع تركيا والمجالس المحلية التابعة لها المياه عن المدنيين للمرة الثامنة على التوالي، واستخدام المياه كـ”ورقة ابتزاز”.
ووصف مسؤول “الإدارة الذاتية” إدخال المياه بالصراعات السياسية والعسكرية بـ”جريمة حرب” يعاقب عليها القانون الدولي.
ويحمي القانون الدولي فئات معيّنة من الأشخاص والممتلكات التي تدخل في تنظيم ضخ مياه الشرب إلى المناطق والمدن، باعتبارها عنصرًا لا غنى عنه لتلبية الحاجات الأولية لبقاء الأفراد على قيد الحياة.
لكن آبار “علوك” تتغذى من خط خاص من محطة تحويل الكهرباء في الدرباسية شمال شرقي الحسكة (تحت سيطرة الإدارة الذاتية)، إذ تحتاج المضخات (عددها 12) إلى الكهرباء لدفع المياه إلى الحسكة، وهو ما يلقي باللوم على “الإدارة الذاتية” التي تقطع التيار بشكل دوري عن رأس العين.
وقال بارودو، ردًا على هذا الاتهام حينها، إن فصائل المعارضة التي تسيطر على رأس العين تعمل على ربط خطوط الكهرباء الواصلة إلى محطة “علوك” بنقاطها العسكرية وبعض القرى التي تسيطر عليها، لتتضخم الكمية الاعتيادية التي يجب أن تصل إلى محطة “علوك” ثلاثة أضعاف، بحسب تعبيره.
وقال مدير الخدمات في المجلس المحلي بمدينة رأس العين، عدنان الجدعان، في 18 من آب 2020، إن النظام السوري وحزب “العمال الكردستاني” (تتهم المعارضة حزب الاتحاد الديمقراطي بالتبعية المباشرة لحزب العمال المحظور في تركيا والمصنف إرهابيًا) هما المسؤولان عن قطع التيار الكهربائي عن المحطة، من المصدرين الدرباسية وسد “تشرين”.
وسيطرت تركيا خلال معركة أطلقت عليها اسم “نبع السلام”، التي انطلقت في 9 من تشرين الأول 2019 وانتهت في 22 من الشهر نفسه، على مدينتي تل أبيض بريف الرقة ورأس العين بريف الحسكة.
–