منصور العمري
ماجستير قانون في العدالة الانتقالية
في 11 من كانون الثاني/ يناير الحالي، نشرت منظمة الصحة العالمية في ليبيا على “فيسبوك” و”تويتر” تعليقات وصورًا تظهر استئجارها شركة “أجنحة الشام” لنقل بضائع من دبي إلى ليبيا.
شركة “أجنحة الشام” ضالعة بجرائم حرب في سوريا ودول الجوار. استئجار الأمم المتحدة شركة ربحية ضالعة بجرائم حرب، يوجه رسالة لضحايا هذه الجرائم أن الأمم المتحدة لا تكترث بهم بل تمول شركات تسهم في قتلهم.
فرضت الولايات المتحدة عقوبات على شركة “أجنحة الشام”، لتعاونها مع الحكومة السورية في نقل المسلحين الأجانب إلى سوريا للقتال نيابة عن النظام السوري، وساعدت المخابرات العسكرية في نقل الأسلحة والمعدات للنظام السوري، وغسيل الأموال عبر رحلات من دمشق إلى دبي.
لماذا اختارت منظمة الصحة العالمية هذه الشركة الضالعة في جرائم حرب من بين كل شركات الطيران في العالم، والليبية من بينها، لنقل بضائع من دبي إلى ليبيا؟ هذا السؤال يستوجب تحقيقًا رسميًا في اختيار منظمة الصحة هذا.
التعامل المالي مع شركة ربحية ضالعة في جرائم حرب، ودفع الأموال لها، فضيحة كبيرة ويبدو أنها تحمل طابعًا إجراميًا، وانتهاكًا فاضحًا لمواثيق الأمم المتحدة، وقوانين مسؤولية الشركات.
لا يبدو أن مواثيق الأمم المتحدة المكتوبة تمنع ممارسات موظفيها ومكاتبها التي تنتهك هذه المواثيق، لذلك يجب البحث في الطرق الأنسب للضغط على الأمم المتحدة كي تلتزم بمبادئها. من بين هذه الطرق بدء تحقيق جدي في شركة “أجنحة الشام”، وتحميلها المسؤولية الجرمية عن دورها في جرائم الحرب بسوريا، لقطع يد الأمم المتحدة عن تمويل هذه الشركة الإجرامية. كما يجب أن يتحرك المجتمع السوري الحقوقي وشركاؤه الدوليون في التحقيق بجميع الشركات التي تتعامل معها الأمم المتحدة في سوريا، لمحاسبة هذه الشركات جنائيًا ومنع الأمم المتحدة من الإسهام في تمويل جرائم الحرب في سوريا.
نقلت سارة فيرث مراسلة “تي آر تي” التركية رد برنامج الغذاء العالمي بشأن استخدام شركة “أجنحة الشام” السورية التي تفرض عقوبات عليها: “نظرًا إلى الوضع على الأرض، فإن خيارات تسليم الشحن الجوي إلى ليبيا محدودة للغاية، تم نقل الشحنة الطبية لمنظمة الصحة العالمية من قبل (أجنحة الشام)، التي لا تخضع لعقوبات الأمم المتحدة”.
لكن هذا التبرير غير واقعي، ويتجاهل قواعد عمل الأمم المتحدة الملزمة لمنظمة الصحة العالمية، التي هي إحدى وكالات الأمم المتحدة المُلزمة بقواعد الأمم المتحدة في العمل مع الشركات، وتعاملها مع شركة “أجنحة الشام” ينتهك عدة قوانين وقواعد أممية للتعامل مع الشركات، من بينها:
“المادة 1” من مبادئ الأمم المتحدة للتعامل مع مقدمي الخدمات للأمم المتحدة، التي تنص على:
“يجب ألا تكون الشركة تحت تحقيق رسمي، ولم تعاقَب خلال السنوات الثلاث الماضية من قبل أي سلطة وطنية لدولة عضو في الأمم المتحدة بسبب الانخراط في ممارسات محظورة، بما في ذلك على سبيل المثال لا الحصر: الفساد والاحتيال والإكراه والتواطؤ أو عرقلة أو أي ممارسة أخرى غير أخلاقية”.
توضح هذه المادة انتهاك منظمة الصحة العالمية لمبادئ العمل مع الشركات، باعتبار الولايات المتحدة العضو في الأمم المتحدة فرضت عقوبات على شركة “أجنحة الشام”.
كما أن “المادة 10” من مدونة قواعد السلوك لموردي الأمم المتحدة تستوجب على الشركة ألا تكون ضالعة في انتهاكات حقوق الإنسان.
ما الذي يجب فعله، من بين أمور أخرى يجب:
توقف منظمة الصحة العالمية فورًا عن أي تعامل مع شركة “أجنحة الشام”.
فتح تحقيق خارجي في الحادثة ومحاسبة المسؤولين.
نشر أسماء جميع الشركات التي تتعامل معها منظمة الصحة العالمية ومكاتب الأمم المتحدة الأخرى في سوريا.
وضع قواعد لضمان عدم تكرار هذه الانتهاكات.
يجب مخاطبة وحثّ الاتحاد الأوروبي لفرض عقوبات على هذه الشركة، وغيرها من الضالعين في انتهاكات حقوق الإنسان والجرائم في سوريا.
السؤال الآخر المهم:
ماذا لو لم تنشر منظمة الصحة العالمية صورة طائرة “أجنحة الشام”؟ هل كنا عرفنا بهذا الانتهاك؟ لا بد من تدقيق ومتابعة صحفية وحقوقية لعمل جميع مكاتب الأمم المتحدة في سوريا.