بلا مشاريع للري.. مزارعو جسر الشغور يعدون الأيام لنزول المطر
عنب بلدي – جسر الشغور
أكثر من 15 يومًا مرت بلا نقطة مطر واحدة، عدها أنور وهو يصف “عطش” أرضه التي تنتظر “الفرج”، “تأخر المطر كثيرًا، ذهبتُ اليوم إلى الأرض ورأيتُ التشققات على سطحها، هناك عطش واضح، وبعض البذار لم تنمُ من قلة الري. قسم كبير من البذار لم يكبر”.
يعتمد معظم السكان في ريف إدلب الجنوبي الغربي على الزراعة لتأمين رزقهم من أرضهم الخصبة، لكن ارتفاع الأسعار والتكاليف الزراعية، ترك نجاحهم في العام الحالي مرهونًا بأمطار قل منسوبها وتباعدت فترات هطولها.
إثر الجفاف.. زراعة بعد الزراعة
زرع أنور الحمود 45 دونمًا من الحبة السوداء في جسر الشغور وسهل الروج، معتمدًا على ماء المطر في سقايتها، “هذه المواسم شتوية بعلية، نزرعها ونعتمد على ماء المطر، ولا بديل لدينا لريها لأنها بعيدة عن الآبار وقنوات الري”، كما قال لعنب بلدي.
نبتت بعض البذار بعد هطول الأمطار بداية الموسم الزراعي، وتجاوزها خطر الصقيع، إلا أن قسمًا آخر من البذار “مات”، على حد تعبير أنور، بسبب جفاف التربة.
اضطر مرعي الحسن لإعادة زراعة أرضه نتيجة لذلك “الموت”، “أعدتُ زراعة 15 دونمًا من الحنطة”، كما قال لعنب بلدي، متحدثًا عن أثر تأخر الأمطار الشتوية في العام الحالي.
“المطر قليل هذا العام، ولا طريقة أخرى لدينا للري”، قال المزارع الخمسيني، مشيرًا إلى أن وجود الآبار لا يكفي، لأن المزارعين لا يستطيعون تحمل تكلفة استخراج الماء.
تعتمد 95% من الأراضي الزراعية في جسر الشغور على ماء الأمطار، حسب تقدير رئيس المجلس المحلي للمدينة، محمد الحسن، الذي يحمل شهادة معهد متوسط زراعي ويعمل مزارعًا.
“انحباس المطر كان نتيجة الطفرات المناخية وزوال الغابات والتلوث البيئي”، حسبما قال الحسن لعنب بلدي، مضيفًا أن بعض المزارعين اضطروا لإعادة تأهيل وزراعة أراضيهم بعد تلف البذار نتيجة قلة ماء الري في العام الحالي ومعدل الهطول “الضعيف” الذي تشهده المنطقة، مقارنة بالأعوام السابقة.
وقدر “برنامج الغذاء العالمي” مساحة الأراضي المحروقة في جسر الشغور، خلال شهري أيلول وتشرين الأول من عام 2020، بـ508 هكتارات، لكن تلك الخسائر، مع الجفاف اللاحق، لم تدفع لدعم المزارعين ومساعدتهم على إنجاح مزروعاتهم في العام الحالي.
بلا دعم.. لا حلول عملية للري
تقف “الجدوى الاقتصادية” حائلًا دون تنفيذ مشاريع الري من قبل المزارعين، حسب تقدير مدير المجلس المحلي، محمد الحسن، “هذه المشاريع مكلفة، والماء موجود على أعماق متفاوتة، وتكلفة استخراجه كبيرة مقارنة بسحب الماء من السطح”، حسبما قال، مضيفًا أن عمق الآبار قد يصل إلى 200 متر أحيانًا.
تكلفة استخراج الماء الجوفي تضمن “خسارة محققة” للمزارعين، قال الحسن، مشيرًا إلى ارتفاع تكاليف الزراعة، من شراء البذور والأسمدة بالدولار ثم بيع المحاصيل بالأسعار المحلية، ضمن الأسواق “الضيقة والمغلقة”، نتيجة الوضع الأمني للمنطقة.
“قامت بعض المنظمات بدعم المزارعين من خلال منظومة عربات الطاقة الشمسية، لضخ الماء من السدود السطحية أو من الأسطح المائية للمزروعات فقط”، حسبما قال الحسن، إلا أن الدعم استثنى استخراج الماء الجوفي أو حفر الآبار، رغم اعتماد 80% من العائلات في المنطقة على الزراعة، حسب تقديره، مستفيدين من أراضي جسر الشغور وسهل الروج، التي يصلح 60% منها للزراعة.
استخدام الطاقة الشمسية هو الحل “الوحيد” للري، على حد قول المزارع محمد السلامة، وهو من قرية كنيسة بني عز، إلا أن “أغلب الناس لا يستطيعون تركيبها بسبب الغلاء (…) وبسبب غلاء المحروقات لا يمكن تشغيل محركات الديزل للسقاية”.
تؤدي قلة الأمطار إلى قلة الإنتاج وكثرة الأمراض والآفات، حسبما قال محمد، الذي يزرع أرضه التي تبلغ مساحتها ستة دونمات بالقمح والحبة السوداء، “انتشرت الفئران بسبب الجفاف وحصدت المزروعات”.
برأي المهندس الزراعي الدكتور رامز المصطفى، فإن مصير المحاصيل، في حال استمرار نقص الهطول، سيكون “الهلاك”، مضيفًا أن تطبيق حلول الري الممكنة، من الري بالرشاشات أو سقاية الجر، “مستحيل” دون جهة داعمة، وأثرها سينعكس على غلاء المحاصيل، التي لا ضبط لها في أسواق جسر الشغور.
وبحسب أحدث تقييم لمبادرة “REACH“، في تشرين الثاني من عام 2020، لمعدل ارتفاع الأسعار في شمال غربي سوريا، فإن أسعار المواد الأساسية في جسر الشغور ارتفعت بنسبة 94% بين شهري أيار وتشرين الثاني من عام 2020.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :