عنب بلدي – زينب مصري
من خلال كاميرا هاتفها المحمول، عرّفت لميا مصري عن نفسها وعرضت هويتها الشخصية السورية وبطاقة إقامتها اليونانية، وأرسلت المقطع المصوّر إلى وكيلها في مدينة إدلب، ليسلمه إلى كاتب العدل وينظم وكالة تمكنه من بيع منزل لها وسط المدينة.
جاء ذلك بعدما فوجئت لميا (53 عامًا)، وهي سورية من أهالي مدينة إدلب، مقيمة في اليونان منذ 20 عامًا، بإشغال منزلها المغلق بسبب اغترابها عن المدينة منذ حوالي عقدين من الزمن، من قبل عائلة لا تعرفها أو تربطها بها صلة قرابة، دون علمها.
واعتبرت لميا أن العائلة “احتلت” المنزل، لاستخدامها له دون محاولة الوصول إليها لاستئجاره أو السؤال عن السكن به، وعندما كلفت أحد أقاربها الموجودين في المدينة ليشرف على إخلاء المنزل، لعرضه للإيجار أو بيعه، رفضت العائلة الإخلاء وطالبت قريبها بإثبات ملكية المنزل، وذلك بإحضار مستندات رسمية تثبت أن المكلية تعود لها، ما دفع لميا إلى تنظيم وكالة إلى قريبها ليوثق ملكية منزلها، ويبيعه، بحسب ما روته لعنب بلدي.
إشغال المنزل بغير علمها، وعدم الاستفادة منه ماديًا، كانا سببين من الأسباب التي دفعت لميا إلى بيعه، إلى جانب أسباب لخصتها في حديث سابق إلى عنب بلدي، تتمثل في غياب الاستقرار الأمني والأمان، وتردي الأوضاع الاقتصادية والمالية في إدلب.
آلية تنظيم الوكالة
لعوامل مختلفة، أبرزها غياب الاستقرار الأمني والأمان وتردي الأوضاع الاقتصادية والمالية، يقرر أهالٍ مغتربون من محافظة إدلب بيع ممتلكاتهم العقارية في المدينة، ويُشترط لإتمام تلك البيوع، توكيل المغترب شخصًا في الداخل السوري ينوب عنه في عملية البيع.
المحامي أحمد خبو العامل في مدينة إدلب، شرح لعنب بلدي آلية تنظيم وكالة للمغتربين سواء في الدول العربية أو الغربية، الذين يودون بيع عقار لهم في المدينة.
وتتطلب عملية تنظيم الوكالة بيان قيد عقاري، وصورة عن الهوية السورية للموكل والوكيل، وإثبات شخصية للموكل في بلد اغترابه أو لجوئه، ومقطع مصوّر يتحدث فيه الموكل عن معلوماته الشخصية، وشاهدين، واتصال فيديو مباشر بين كاتب العدل والموكل.
وقال خبو، إن السلطات المحلية في إدلب تجري، كخطوة أولية، دراسة أمنية على الشخص الذي يود بيع عقاره في المدينة، وعقب ظهور نتائج الدراسة، بعد مدة عشرة إلى 15 يومًا، تُستكمل إجراءات البيع في حال كانت نتائج الدراسة إيجابية.
وكانت حكومة “الإنقاذ” العاملة في مدينة إدلب استحدثت “بيان وضع” (موافقة أمنية) للأشخاص قبل إبرام عقود العمليات العقارية، سواء عقد الإيجار أو تمليك عقارات، أو أي أمور ذات صلة، للتثبت من سلامة سجلهم القضائي في قضايا الجنايات، أو قضايا “شبه العمالة” للنظام السوري.
وبرر مدير المكتب الإعلامي في الحكومة، ملهم الأحمد، في حديث سابق إلى عنب بلدي، استصدار “بيان وضع” أو “موافقة أمنية” لعدم توفر بطاقات شخصية في مناطق الشمال السوري، ولضرورة التأكد من الحال الأمنية للمستأجر والمؤجر، أوالمالك والمستملك.
ويُنظم التوكيل عبر مقطع فيديو يرسله الموكل إلى كاتب العدل، يقول فيه “أنا فلان ابن فلان، أوكل عني فلانًا ابن فلان الموجود في سوريا ليقوم مقامي ببيع العقار والتوقيع على عقد بيع في السجل العقاري أصولًا”.
ويُظهر الموكل في المقطع المصوّر بطاقته الشخصية السورية وإثبات شخصية أو بطاقة تظهر وضعه القانوني في البلد الآخر المقيم به، كبطاقة إقامة أو لجوء أو جواز سفر أو بطاقته الشخصية لجنسية أخرى يحملها في حال كان مزدوج الجنسية.
ويجري التعرف على الموكل من قبل شاهدين، يؤديان اليمين أن معلومات الشخص الذي ظهر في مقطع الفيديو صحيحة، كما يشهدان على عملية البيع.
كما يُشترط لإتمام تنظيم الوكالة إجراء كاتب العدل بثًا مباشرًا (اتصال فيديو مباشر) مع الموكل، ليتكلم معه عن العقار وعملية البيع وقبض الثمن، ويتأكد من صحة المعلومات الواردة خلال التوكيل والبيع.
توُثق الوكالة بعد دفع رسومها عند كاتب العدل الذي يُفرغ محتويات المقطع المصوّر لتنظيمها، ثم إعطائها لصاحب العلاقة أو الوكيل ليتابع المعاملة العقارية في السجل العقاري حسب الأصول.
وأما بالنسبة لشراء مغترب عقارًا في مدينة إدلب، فتنطبق الشروط نفسها على الموكل في حال كان مشتريًا للعقار لا بائعًا، ما عدا أنه لا يحتاج كاتب العدل إلى إجراء بث مباشر معه، بحسب المحامي أحمد خبو.
اعتماد الوكالات الخاصة فقط
لا يستطيع المغترب تنظيم وكالة عامة لإدارة جميع ممتلكاته العقارية، في حال كان يمتلك أكثر من عقار واحد، كما كان معمولًا به سابقًا، وإنما يمكنه تنظيم وكالة خاصة لكل عقار على حدة، ويمكنه أن يوكل الشخص نفسه لإدارة تلك العقارات.
ووفقًا للمحامي خبو، لا يجري البث المباشر مع الشخص من قبل كاتب العدل في حالات الوكالة القضائية أو وكالة تأجير أو وكالة شراء، وإنما يكون البث المباشر فقط في حالة البيع القطعي.
ويشمل البيع القطعي البيع في حال وجود حصة إرثية للشخص أو حصة قيدية أو كان يملك تمام العقار أو أي نوع من أنواع الملكية، كما يمكن أن يكون مالك العقار بموجب وكالة عدلية أو بموجب قرار حكم قطعي أو مبرم، وكل أنواع البيوع تلك “جائزة وصحيحة وشرعية وقانونية”، بحسب تعبيره.
وتجري عمليات أرشفة وتوثيق الملكيات وبيع وشراء المساكن والأراضي في “مكتب التوثيق العقاري” بـ”مديرية المصالح العقارية” (الطابو) التابع لوزارة الإدارة المحلية والخدمات لحكومة “الإنقاذ”.