مع الصيد “الجائر”.. ثروة “الفرات” السمكية تواجه الخطر
الرقة – حسام العمر
على زورق وسط نهر “الفرات”، شرقي سوريا، يتدلى من مولدة كهربائية سلك يصل إلى نهاية عمود خشبي طوله أربعة أمتار، يمر عبره تيار يصعق أسراب الأسماك لتموت بالعشرات، “لا سبيل للرزق غيرها”، قال محمد السالم، مشيرًا إلى الطريقة التي استخدمها للصيد خلال السنوات الثلاث الأخيرة.
وأضاف محمد، البالغ من العمر 35 عامًا، أنه يعلم أن طريقة الصيد بالصعق الكهربائي “خاطئة وغير مشروعة”، إلا أن العمل الذي يمارسه منذ 15 عامًا لم يعد مردوده كما كان.
تهديد للأسماك
ورث محمد، الذي يسكن حي الدرعية بأطراف مدينة الرقة الغربية، مهنة صيد الأسماك عن أبيه، وبرأيه فإن الصيد “الجائر”، “يكاد يقضي على الثروة السمكية في الفرات”، كما قال لعنب بلدي.
تتعدد طرق الصيد، من الصنارة والشباك، وهي الطرق “المشروعة غير الضارة”، حسب وصف محمد، والكهرباء والديناميت، “وهي ما يسمى بالصيد الجائر”.
عمل رضوان الخضر (55 عامًا) بمهنة صيد الأسماك منذ أكثر من 30 عامًا، ويعمل الآن بمهنة حياكة الشباك، وبرأيه فإن طرق الصيد “الجائر” تمثل “خطرًا حقيقيًا يهدد الثروة السمكية في نهر الفرات”، حسبما قال لعنب بلدي.
يحاول رضوان تقديم الشكاوى لـ”الجهات المعنية”، إلا أنها تبقى “عاجزة” عن إيقاف المخالفين، ما يضطره لتقديم النصح للصيادين بشكل مباشر، كما قال، مضيفًا أن الرد دومًا يكون بالتهكم والإساءة.
بالمقابل، يؤكد محمد أنه لو وجد طريقة لجلب الرزق غير صيد الأسماك لتركها بأسرع وقت، “لكن لا حول لي ولا قوة في ظل هذه الظروف الاقتصادية السيئة التي تعيشها الرقة”.
تعاطف مع الصيادين لا مع الأسماك
يضم نهر “الفرات”، الذي يدخل الأراضي السورية من مدينة جرابلس بريف حلب الشمالي ويخرج منها عند البوكمال بريف دير الزور الشرقي، قاطعًا مسافة 700 كيلومتر، مرورًا بمدينتي الرقة والطبقة، أنواعًا متعددة من الأسماك.
أكبر الأسماك حجمًا يدعى “الجزر” أو “الفرخ”، يليها “الكرب” و”الكرسين” و”الرومي” و”المطواق” و”البني” و”البوري” وحتى “السردين”، وكل هذه الأنواع بدأت تقل كمياتها بسبب الصيد “الجائر”، حسب رأي أغلب الصيادين الذين تحدثت إليهم عنب بلدي.
عضو في “مكتب حماية الثروة السمكية” في لجنة الزراعة والري التابع لـ”مجلس الرقة المدني”، طلب عدم الكشف عن اسمه لأنه لا يملك تصريحًا للحديث لعنب بلدي، أكد أن المكتب يعمل “جاهدًا” للقضاء على طرق الصيد غير المشروعة، “لكن هذا لا يعني أن المهمة سهلة وممكنة بالوقت الحاضر”.
ويرجع عضو المكتب أسباب استمرار ظاهرة الصيد “الجائر” إلى ما أسماه “الرأفة” بحال الصيادين الذين يقتاتون على الصيد، إضافة إلى طول نهر “الفرات”، وصعوبة حصر مجراه ومراقبته من قبل مؤسسات “الإدارة الذاتية”.
وسط مدينة الرقة تقع السوق الرئيسة لتسويق الأسماك، التي تعد من أهم الوجبات بالنسبة للسكان، وتتراوح أسعارها ما بين ألف ليرة سورية وحتى خمسة آلاف، بحسب الأنواع، التي يعتبر “البوري” و”البني” و”الكرب” أكثرها تفضيلًا في المنطقة.
ويمنع الصيد بشكل نهائي في نهر “الفرات” لمدة ثلاثة أشهر سنويًا، بدءًا من آذار وحتى أيار، وهي فترة تكاثر الأسماك، لكن، وبحسب كل من تحدثت إليهم عنب بلدي، لا يلتزم أغلبية الصيادين بالامتناع عن الصيد خلال تلك المدة.
وعوّل عضو “مكتب حماية الثروة السمكية” على “الوعي المجتمعي والمسؤولية الجماعية” لحماية الثروة السمكية في النهر، لأنها “ملك للجميع”، حسب تعبيره، ومن الواجب حمايتها وعدم التسبب بالقضاء عليها.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :