مخيم “زيزون” في درعا.. عشر سنوات من فيضان الصرف الصحي

  • 2021/01/03
  • 7:13 ص

الصرف الصحي في شوارع مخيم زيزون بدرعا - كانون الأول 2020 (عنب بلدي حليم محمد)

درعا – حليم محمد

يحمل تمام طفله الصغير محاولًا إبعاده عن الأرض كي لا يلوث ثيابه بالوحل، بعد أن امتلأت شوارع مخيم “زيزون”، غربي محافظة درعا، بمياه الصرف الصحي التي تفيض من المنازل المتلاصقة وتملأ الشوارع، مخلفة روائحها الكريهة مجددًا.

مشكلة امتدت عشر سنوات، لم تقدم لها العلاج لا المنظمات الإنسانية، التي عملت في أثناء سيطرة المعارضة على المنطقة الجنوبية، ولا المجالس المحلية التابعة لحكومة النظام السوري.

مخيم من عمر “النكسة”

أُنشئ المخيم، الواقع شرق بحيرة “زيزون” الطبيعية، لإيواء النازحين من الجولان السوري، بعد “نكسة” عام 1967، التي احتلت إسرائيل خلالها 1260 كيلومترًا مربعًا من مساحة الجولان، بما فيها مدينة القنيطرة، مجبرة أكثر من 130 ألف سوري على النزوح.

يتبع المخيم إداريًا لمجلس محافظة القنيطرة، مع سكان بلدات الفوار وخربة قيس وعموريا ومخيم “اليادودة” ومخيم “المزيريب” ومساكن جلين ومخيم “درعا”، على الرغم من وجودهم ضمن حدود المناطق الإدارية لمجلس محافظة درعا، وهو ما حدّ من تقديم الخدمات للسكان.

قال تمام لعنب بلدي، إن المخيم يعاني من ضعف الخدمات، بسبب بعده عن مجلس المحافظة  ووقوعه  خارج نطاقه الجغرافي، حسب معرفة السكان.

وبدأ المخيم بعدد صغير من البيوت، وتوسع مع مرور الزمن وتكاثر سكانه، ضمن رقعة أرض لا تتجاوز 50 دونمًا، في بيوت متلاصقة غير مخدمة بشبكات صرف صحي.

وأضاف الرجل الأربعيني أن الحلول التي طُرحت من البداية “لم تكن جذرية”، فالسكان حفروا حفرًا ووضعوا فيها براميل ثم أغلقوها بشكل محكم، “وبعد امتلائها فاضت وخرجت للشوارع”.

وعود بلا تنفيذ

تطل نافذة منزل تمام على الشارع، ولكنها تبقى مغلقة بإحكام، “الرائحة منعتني من تهوية غرفتي،  وفي فصل الصيف تكثر الحشرات ويزداد الوضع سوءًا”.

أمل سكان المخيم أن تعود الخدمات بعد استعادة النظام السوري سيطرته على المنطقة، في تموز من عام 2018، ولكن بعد مرور ما يزيد على عامين من “التسوية”، لم يقدم مجلس محافظة القنيطرة أي خدمات تذكر للمخيم.

ولم تفلح سابقًا جهود الناشطين في المخيم بدفع المنظمات الإنسانية لتنفيذ مشروع للصرف الصحي، حسبما قال إعلامي سابق لعنب بلدي، طلب عدم الكشف عن اسمه لأسباب أمنية.

وتقدم سكان المخيم باقتراح مشاريع الصرف لأغلبية المنظمات الإنسانية، ورغم الوعود لم ينفذ هذا المشروع، ولم يتم وضع حد لمعاناتهم من خطر التلوث.

ووصف الإعلامي الوضع الصحي في المخيم بـ”الخطير”، والذي يزداد سوءًا عامًا بعد عام.

كان بناء المخيم “حلًا مؤقتًا” لإيواء نازحي الجولان، حسبما يسترجع “أبو محمد”، من سكان قرية زيزون، الذي قال لعنب بلدي، إن الدولة استأجرت أرضه من الفلاحين، وبنت مساكن هي عبارة عن “خفان” مسقوف بألواح “أترنيك”، وخدّمته بوحدات صحية، دون وضع أساسات للبناء، ولا إقامة شبكة للصرف الصحي.

توقع السكان “إقامة مؤقتة”، كما قال تمام وهو يجهز ركوة القهوة على السخان، بعد عودة التيار الكهربائي الذي طالت عليه ساعات التقنين.

يحاول بعض السكان تخفيف المعاناة من خلال شفط حفر الصرف الصحي بصهاريج، إلا أن التكلفة العالية منعتهم من تكرار السحب، إذ وصلت تكلفة شفط حفرة الصرف إلى 15 ألف ليرة سورية (خمسة دولارات)، في حين يعمل أغلبية سكان المخيم بالزراعة وتربية المواشي، ويعانون من غلاء المعيشة.

اليوم تتزايد مخاوف السكان، حسبما رصدت عنب بلدي، من المخاطر الصحية لفيضان مياه الصرف الصحي بعد انتشار فيروس “كورونا المستجد” (كوفيد- 19) في سوريا، الذي قاربت أعداد المصابين به أن تصل إلى 900 في محافظة درعا، مع 40 حالة وفاة، حسب الإحصائيات الحكومية.

يرتدي تمام كمامة، ويتخذ إجراءات صحية لتجنب الإصابة بالفيروس، ويقول مازحًا، “ارتداء الكمامة كان واجبًا علينا قبل انتشار الجائحة لتفادي الرائحة الكريهة”.

مقالات متعلقة

أخبار وتقارير اقتصادية

المزيد من أخبار وتقارير اقتصادية