“كريسماس في مكة”.. رواية تسلّط الضوء على صراع الهويات
طرح الكاتب العراقي أحمد خيري العمري داخل روايته “كريسماس في مكة” مشاكل عصرية يعيشها الفرد في بلدان الشرق الأوسط، من خلال أربع شخصيات خيالية رئيسة، هي “مريم”، و”ميادة”، و”سعد”، و”حيدر”.
الشخصية الأولى، “مريم”، شابة عراقية الأصل، مولودة من زواج مختلط بين عائلتين سنية وشيعية، تربت في بريطانيا حتى وصلت إلى مرحلة الدراسة الجامعية، تدرس العمارة في جامعة بريطانية، وتعاني من صراع هويات بين هويتها المسلمة الأصلية وهويتها الغربية المكتسبة، التي صاغتها في النهاية على شكل تحدٍّ طرحته ضمن مشروع تخرجها الذي تعمل عليه، وهو مشروع معماري لتطوير الحرم المكي، لذلك تذهب لأداء العمرة مع أمها ولقاء أفراد عائلة الأب الذين لا تعرفهم.
أما شخصية “ميادة”، فهي أرملة عراقية شيعية متزوجة من سني، عانت من مقتل أخيها على يد المسلحين السنة، ثم مقتل زوجها على يد المسلحين الشيعة، ولم تجد أمامها إلا الهروب بابنتها الوحيدة من الموت المتكرر في وطنها.
وترغب “ميادة”، كما صوّرها الحدث المركزي للرواية، أن تعرّف ابنتها إلى عائلة الأب، لتكسب ودها وتنهي القطيعة التي فرضتها على البنت تجاه عائلة أبيها، عبر ترتيب زيارة العمرة واللقاء هناك، والأهم أنها تحاول أن تحصل منهم على دعم مالي عن طريق ميراث البنت لتستثمره في شراء بيت في لندن والانتقال إلى العاصمة لتتوفر للبنت فرصة التعرف إلى الجالية العراقية والعربية، وبالتالي لتزداد فرصها في الحصول على زوج مناسب.
شخصية الدكتور “حيدر”، وهو شقيق “ميادة” وخال “مريم”، يعيش، بحسب الرواية، حياة فكرية منفتحة، وهو طبيب استشاري ناجح تزوج زميلته الصيدلانية الغربية، وربى ابنته الوحيدة على “الانفتاح المفرط”، ليصاب في لحظة فارقة بصدمة صراع الهويات نتيجة حرية البنت في المجتمع الغربي.
ويأتي “حيدر” للعمرة كمحرم مع أخته وابنتها، لكنه في الحقيقة كان يبحث عن حل لأزمته النفسية عبر “الاغتسال الروحي ومحاولة العودة بحثًا عن الأصل الذي ضيعه”.
وكان “حيدر” في مأزق نفسي، ولم يستطع أن يضبط أمور بيته، فقد أنجبت ابنته مولودًا خارج نطاق الزوجية، وهو ما يعتبره المسلمون “زنا”، وتعاقب الفتاة على فعلتها هذه في حال كانت في دول إسلامية.
تناقش الرواية قضايا متعددة، كأزمة ضياع الهوية والثقافة التي تختلط على المهاجرين الشباب العرب في البلاد الغربية، وكان هناك تحدٍّ حول كيف يمكن لشخصيات الرواية أن تعيش في بلد غربي، وفي نفس الوقت يجب، وفق معتقدها، الحفاظ على جذورها الاجتماعية وعاداتها وتقاليدها.
وتطرح الرواية موضوع الحرب الأهلية في العراق، والقتل على الهوية بين الطائفتين السنية والشيعية، والواقع الأليم الذي عاشه العراقيون آنذاك.
وكخطوة إلى الوراء، ربط الكاتب أحداث روايته تاريخيًا بالأحداث التي شهدها العراق في عهد الخلافة العباسية وهجوم التتار على بغداد.
وفي نهاية الرواية، تعرض الصفحات أن شخصيات القصة في مكة توحدوا تحت ظل الإسلام رغم اختلاف مصائبهم وألوانهم، وأن في أرض الحرم تتبدد الذنوب بالندم والاستغفار والدموع.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :