تعا تفرج
خلي بالك من رورو والدب الروسي
خطيب بدلة
سررت كثيرًا وأنا أقرأ الخبر الذي نشرته “عنب بلدي” عن الانتقاد الروسي للقصف الإسرائيلي على سوريا، فهذا الخبر يحمل في طياته الكثير من المعاني الإيجابية، أولها أن الانتقاد جديد في سياسة روسيا، فقد كانت في الماضي “تطنش” عليه، ولا ندري إن كان قلبها يزغرد من شدة الفرح، لأنه يصدر عن حبيبة القلب إسرائيل من جهة، ويخبط الوجود الإيراني المنافس لروسيا على النفوذ في سوريا من جهة ثانية.
المعنى الجميل الثاني، أن الاحتجاج لم يأتِ من مكان بعيد، بل حصل في قلب تل أبيب، إذ أطلقه السفير الروسي، أناتولي فيكتوروف، وقال فيه إن إسرائيل هي مَن تهاجم “حزب الله” اللبناني وليس العكس، وإن روسيا ترفض أي غارات إسرائيلية على سوريا، سواء في الماضي، أو في المستقبل، وهذا الأمر جميل وسار، فهو يدل على العقل والحشمة اللذين يمتلكهما “حزب الله” اللبناني، فهو، بحسب السفير الروسي، يتلقى الهجوم الإسرائيلي بصدر رحب، ولا ينزل إلى مستوى الرد على دولة تافهة تضعها إيران على قائمة الدول الآيلة إلى الزوال، فطالما أنها زائلة ما جدوى الرد عليها؟ وأما المعنى الثالث، فهو أن الرفض الروسي للقصف الإسرائيلي جاء هذه المرة بأثر رجعي، وامتد إلى المستقبل، ويشمل الحاضر تحصيلًا لحاصل. والمعنى الرابع يمكننا أن نقتبسه من قول السفير فيكتوروف بأن المشكلة في منطقة الشرق الأوسط لا تكمن في أنشطة إيران، وإنما في غياب التفاهم بين الدول، وعدم الالتزام بالقرارات الأممية، وهذا بدوره ينقسم إلى شقين، أولهما يتعلق بـ”غياب التفاهم بين الدول”، وهذا المعنى يكاد أن يكون نسخة كربونية عن تصريح وزير خارجية النظام السوري السابق، وليد المعلم، بخصوص القصف غير الخاضع للتنسيق في سوريا، فهو يُحدث ما فتح الله ورزق من الفوضى، وتقاطع النيران، وقلة المردود، وثانيهما له علاقة بـ”عدم الالتزام بالقرارات الأممية”، والحقيقة أن سياسة روسيا في هذا المجال كانت واضحة، وهي مقابلة أي قرار يمكن أن يؤدي إلى حل القضية السورية بـ”الفيتو”، وقد تمكنت، بتيسير الله تعالى، والاستعانة بأصابع المندوب الصيني في مجلس الأمن، من إحباط دستة ونصف الدستة من القرارات، ثم انتقلت إلى معالجة القرار الذي لم ترفع له “الفيتو”، أعني القرار “2254” لعام 2015، واشتغلت على تفتيته بندًا بندًا، فإذا قال مندوب إحدى الدول إن القرار يقضي بذهاب الأطراف المتنازعة إلى جنيف، يردون عليه قائلين: وما لها أستانة؟ ولماذا لا يذهبون إلى سوتشي؟ وإذا جاءت شاحنات محملة بالأدوية والأغذية والخيام والبطانيات لمساعدة الأهالي الذين شردهم الأسد والروس والإيرانيون و”حزب الله”، إلى معبر “باب الهوى”، تقول روسيا للسائقين “استنوا شوي يا أبو الشباب”، ويذهب مندوبها إلى مجلس الأمن، ويتقدم بقرار حول إمكانية إدخال مساعدات إنسانية إلى سوريا، ويجتمع المجلس المسكين بكامل أعضائه، ويبدأ بالتصويت، حتى إذا جاء دور المندوبين الروسي والصيني يرفعان أصابعهما بـ”الفيتو”، ويأتي الإيعاز إلى السائقين الواقفين في “باب الهوى” أن: وراء در. أمام سر. وهكذا.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :