كحل للقضاء على أزمة السكن وإزالة مناطق المخالفات السكنية في سوريا، صدر قانون التطوير والاستثمار العقاري رقم “15” في 9 من تموز 2008.
أحدث القانون “الهيئة العامة للتطوير والاستثمار العقاري”، وهي هيئة عامة تهدف إلى تنظيم أعمال التطوير العقاري وتشجيع الاستثمار في هذا المجال، لزيادة مساهمته في عملية البناء والإعمار، وتفعيل دور القطاع الخاص الوطني، وجذب الاستثمارات العربية والأجنبية للمشاركة في التطوير العقاري.
وكل ذلك بهدف إمداد قطاع الإسكان والتعمير بما يلزم من الأراضي المعدة للبناء والأبنية والخدمات والمرافق اللازمة لها، وإقامة مدن وضواحٍ سكنية متكاملة مجتمعية عمرانية جديدة، ومعالجة مناطق السكن العشوائي وتأمين الاحتياجات الإسكانية لذوي الدخل المحدود بشروط ميسرة.
وبعد 12 عامًا من صدور القانون، تحدث وزير الأشغال العامة والإسكان في حكومة النظام السوري، سهيل عبد اللطيف، في كانون الأول 2020، عن تعديله “لوجود قصور في بعض مواده”، مشيرًا إلى أن القانون الحالي لا يمنح “الهيئة العامة للتطوير والاستثمار العقاري” الصلاحيات الكافية للقيام بمهامها المتعلقة بمعالجة مشكلة السكن العشوائي، وتنظيم أعمال التطوير العقاري، وإعطاء التراخيص للمطورين العقاريين.
واعتبر الوزير في تصريح لجريدة “الوطن“ المحلية، أن التعديلات الجديدة ستسهم في معالجة مناطق السكن العشوائي، وإعادة هيكليتها، وتنظيمها، مؤكدًا على ضرورة منح المطورين العقاريين مزيدًا من المزايا والتسهيلات بما يخدم إطلاق وتنفيذ مشاريع التطوير العقاري.
إلا أن حقوقيين سوريين اعتبروا أن القانون يسمح للنظام السوري وحلفائه بالسيطرة على أملاك المعارضين السوريين ويتيح لهم سلب العقارات.
مشكلة السكن العشوائي تفاقمت في سوريا خلال السنوات العشر الأخيرة، نتيجة القصف الممنهج من قوات النظام السوري على مساكن المدنيين، والنزوح والتهجير القسري، وفي الوقت الحالي تعمل حكومة النظام على إعادة تنظيم مناطق السكن العشوائي، خاصة في حي مخيم “اليرموك”، بموجب القانونين رقم “23” لعام 2015 ورقم “10” لعام 2018.
اقرأ أيضًا: هل أسهمت حكومة النظام السوري بخلق العشوائيات في دمشق
وتشكل مناطق السكن العشوائي على المستوى الإجمالي الوسطي 15- 20% من الإجمالي في سوريا (ريف وحضر)، و25– 30% نسبة لمراكز المدن، وترتفع هذه النسبة إلى ما يزيد على 30– 40% في مراكز المدن الرئيسة، بحسب بحث بعنوان “المشكلة العقارية وتداعياتها على حقوق الملكية في سوريا” صادر عن منظمة “اليوم التالي” في حزيران 2019.
ويقدر عدد المساكن في مناطق السكن العشوائي بما يقارب 500 ألف مسكن، تعادل كقيمة عقارية 300 إلى 400 مليار ليرة سورية، ويقدر عدد السكان الإجمالي لهذه المناطق بـ2.5 مليون نسمة، وباعتماد معدل وسطي للكثافة السكانية في هذه المناطق 450 شخصًا على الهكتار، يمكن تقدير المساحات التي تشغلها هذه المناطق بـ5555 هكتارًا.
توصيات ومقترحات
في بحث بعنوان “العشوائيات والتجارب العربية والعالمية”، تناول المدرس المساعد بكلية التخطيط العمراني في جامعة “القاهرة” محمد محمود يوسف العشوائيات السكنية، وأسباب نشوئها، وحجمها في بعض الدول العربية، وتجارب عربية وعالمية لمعالجتها.
واقترح المدرس المساعد استنادًا إلى تلك التجارب في حل مشكلة السكن العشوائي، عدة توصيات للتعامل مع العشوائيات، أبرزها:
- ضرورة إعداد دراسات خاصة للمؤهلات والقدرات الإنتاجية لسكان المناطق العشوائية، وضرورة التنمية الاقتصادية وتوفير فرص عمل في القرى والمناطق الريفية بمحيط إقليم المدن، للحد من الهجرة إلى المدينة ونمو المناطق العشوائية.
- ضرورة الالتزام بتطبيق صارم ورادع للقوانين وتحديثها مع ضرورة إيجاد أنظمة للتعامل مع الفساد بالمحليات والمصالح السياسية التي تُستغل.
- إبراز القضية إعلاميًا، والعمل على رفع وعي المواطنين في العالم العربي حول تبعات قضية العشوائيات.
- تشجيع المستثمرين على البناء البديل لقاطني العشوائيات، وتنظيم لقاءات ترويجية تمويلية للمصارف العربية وأصحاب الأعمال لعرض البلديات للمناطق العشوائية بها وإمكانية تمويل وتطوير المناطق العشوائية فيها.
- ضرورة تحديد المخططات العمرانية الحضرية مناطق السكن والإنتاج والخدمات بشكل دقيق ومتابعتها لمنع العشوائية، والتنسيق والتوازن بين استعمالات الأراضي لتشجيع ربط التنمية الاقتصادية بالمناطق السكنية.
- عدم فصل التعامل مع العشوائيات عن جوانب التنمية الاجتماعية والاقتصادية، والاعتماد على دراسات خاصة بالمناطق العشوائية ودمجها اقتصاديًا في المدينة.
- النظر إلى المناطق العشوائية من منظور الحفاظ على الرصيد العقاري بالدول العربية في الإطار الدولي.
- إنشاء مشروعات إسكان لذوي الدخل المحدود داخل المدن، وتشجيع المشروعات السكنية التعاونية، وتوفير الأراضي الصالحة للسكن لفئة ذوي الدخل المحدود.
- تفعيل دور الرقابة البلدية في التشريعات الخاصة بالبناء لتكون أكثر فعالية، للحد من الاستمرار في إنشاء المباني المخالفة لأحكام التنظيم ومتطلبات تراخيص.
- توفير البنى التحتية والحد الأدنى من الخدمات في مواقع تحددها الدولة حسب خطة إسكانية معينة، يتم من خلالها تنظيم مواقع من حيث البنى التحتية والخدمات، لجعلها جاهزة لاستقبال سكان جدد، واستخدام أسلوب السكن القابل للتطور (السكن النواة)، إذ يبني الناس من خلاله مساكنهم حسب حاجاتهم وإمكانياتهم طبقًا لتصميم وحدة سكنية مبسطة تجهز خصيصًا لنمو المبنى بالأسلوب التدريجي المرن.
- وضع سياسات بعيدة المدى تهدف إلى كبح ظاهرة البناء العشوائي في المناطق العشوائية واستمرار التدهور في المناطق القديمة من خلال توفير المقومات الأساسية لذلك، مثل وضع تخطيط ملائم وتشريعات وجهات إدارية قادرة وكذلك التوعية الجماهيرية الرسمية والشعبية.
- وضع سياسات متوسطة المدى تتطلب وضع خطط كفيلة بتطوير قطاع الإسكان في المدن من خلال وضع الحوافز المناسبة لمساهمة القطاع الخاص والأفراد والاجتماعي المحلي، للاستثمار به، وكذلك تنشيط صناعة البناء ومواءمة ذلك مع الواقع البيئي والاقتصادي الاجتماعي والمحلي.
- وضع سياسات حالية تقضي بتنفيذ برامج تحسين وتطوير وإحياء للمناطق القديمة والأحياء العشوائية، وذلك من خلال تحسين جميع الأوضاع السكنية والخدمية، وقيام برامج إسكانية عامة وإزالة المناطق العشوائية بشكل كامل أو جزئي بعد نقل ساكنيها.
–