شرقًا وغربًا.. 2021 عام العلاقات التركية المفتوحة

  • 2021/01/01
  • 10:56 ص

رؤوساء تركيا وأمريكا وكندا مع وزير الخارجية التركي في قمة العشرين بألمانيا عام 2017 (الرئاسة التركية)

أبدت تركيا خلال الأيام الماضية استعدادها لإقامة علاقات مع دول مختلفة، وتوطيد علاقات مع دول أخرى.

وشهدت علاقات تركيا خلال العام الماضي توترات، ولا سيما مع الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية.

وأبدى الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، انفتاح بلاده على تحسين علاقاتها خلال العام الحالي، وقال “ليست لدينا أي مشاكل أو قضايا عصية على الحل مع أوروبا أو الولايات المتحدة أو روسيا أو الصين أو أي دولة في المنطقة”.

الاتحاد الأوروبي لـ”صفحة جديدة”

أبدى الرئيس التركي رغبته بفتح “صفحة جديدة” مع الاتحاد الأوروبي، بعد توتر العلاقات إثر خلافات شرق البحر المتوسط بشأن التنقيب عن الغاز أدت إلى فرض عقوبات على أنقرة.

وقال أردوغان، في اتصال مع المستشارة الألمانية، أنجيلا ميركل، في 18 من كانون الأول الماضي، إنه يريد فتح “صفحة جديدة” مع الاتحاد الأوروبي، وفق ما نقلته وكالة “الأناضول” عن بيان للرئاسة التركية.

وجاء في البيان، خلال اجتماع عبر الفيديو مع ميركل، “صرّح الرئيس أردوغان أن تركيا تريد فتح صفحة جديدة في علاقاتها مع الاتحاد الأوروبي، وشكر المستشارة لإسهاماتها البناءة وجهودها لمصلحة العلاقات بين تركيا والاتحاد الأوروبي”.

وأضافت الرئاسة أن “هناك فرصة جديدة” لتعزيز العلاقات بين تركيا والاتحاد، لكن بعض الدول تحاول “خلق أزمة” لتخريب هذه “الأجندة الإيجابية”، من دون تحديد الدول المقصودة.

واعتبرت أن حصر العلاقات التركية- الأوروبية ضمن المصالح الضيقة لبعض الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي خلال العامين الماضيين أدى إلى مضيعة الوقت.

بدوره، قال وزير الخارجية التركي، “مستعدون للسير بعلاقاتنا مع الاتحاد الأوروبي في بيئة أكثر إيجابية العام المقبل، وننتظر من الاتحاد أن يكون كذلك”.

ومرت العلاقات التركية- الأوروبية بعدة اضطرابات لأسباب، أبرزها ملف التنقيب التركي عن الغاز في منطقة شرق المتوسط، وملف اللاجئين على الأراضي التركية، إذ فتحت حدودها لهم أمام اليونان.

وتوصلت تركيا والاتحاد الأوروبي، في 18 من آذار 2016، إلى ثلاثة اتفاقات حول الهجرة، وإعادة قبول طالبي اللجوء، وإلغاء تأشيرة الدخول للمواطنين الأتراك.

وتقول أنقرة إنها التزمت بما يجب عليها بخصوص الاتفاقين الأولين، في حين لم تقم بروكسل بما يجب عليها بخصوص إلغاء تأشيرة الدخول للأتراك وبنود أخرى.

وقرر القادة الأوروبيون خلال قمة عُقدت في بروكسل، في كانون الأول الماضي، فرض عقوبات على أنقرة بسبب ما وصفوه بـ”أفعالها الأحادية واستفزازاتها” في شرق البحر المتوسّط، الغني بالغاز وحيث تتنازع تركيا السيادة على مناطق بحرية مع اليونان وقبرص.

ومنذ أشهر، تمرّ علاقات تركيا مع هذين العضوين في الاتحاد الأوروبي بمرحلة صعبة بشكل استثنائي، وكذلك مع فرنسا التي تدعمهما.

الولايات المتحدة الأمريكية.. من دون أحكام مسبقة

زادت توترات العلاقات التركية- الأمريكية خلال 2020، ولا سيما بسبب شراء تركية منظومة الصواريخ الروسية “S-400”.

وبلغت قمة التوتر بفرض الولايات المتحدة عقوبات على تركيا بسبب الصفقة، وردت عليها أنقرة بوصفها خطأ جسيمًا.

أنقرة المنفتحة على العلاقات الدولية خلال العام الجديد، لم ترد بفرض عقوبات على واشنطن، وأبدت رغبتها بفتح صفحة جديدة مع واشنطن خلال العام الحالي.

وقال الرئيس التركي، لدينا علاقات سياسية واقتصادية متجذرة بعمق مع الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي.

وأضاف أردوغان أن “التعاون السياسي والاقتصادي والعسكري المتعدد الجوانب ليس بديلًا عن روابطنا المتجذرة مع الولايات المتحدة”، بحسب ما نقلته وكالة “الأناضول“، في 23 من كانون الأول الماضي.

وأعرب أردوغان عن أمله بـ”فتح صفحة جديدة في علاقاتنا مع الولايات المتحدة وأوروبا خلال العام الجديد”.

ويرى أردوغان أن الرئيس الأمريكي الجديد، جو بايدن، سيولي الأهمية المطلوبة للعلاقات التركية- الأمريكية، مؤكدًا عدم وجود أي أحكام مسبقة وعداوة وخصومة لأحد لدى أنقرة.

بدوره، قال وزير الخارجية التركي، مولود تشاووش أوغلو، إن الولايات المتحدة عرضت على تركيا تأسيس مجموعة عمل مشتركة بشأن العقوبات المرتبطة بقانون “كاتسا”.

وفي 14 من كانون الأول الماضي، فرضت الولايات المتحدة عقوبات على تركيا على خلفية شرائها منظومة “S-400” الدفاعية من روسيا، استنادًا إلى قانون معاقبة الدول المتعاونة مع خصوم واشنطن (كاتسا)، الذي وقعه الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، ودخل حيز التنفيذ في 2 من آب 2017.

روسيا.. لمواصلة العلاقة والتنسيق

ترتبط تركيا مع روسيا بعلاقات قوية على المستوى التجاري والسياسي، وتنسقان مع بعضهما في عدة ملفات، أبرزها في سوريا وليبيا وأذربيجان.

وأعرب الرئيس التركي عن تطلع بلاده لاستمرار العلاقات القوية مع روسيا خلال الفترة المقبلة.

وأضاف أردوغان في تصريحات صحفية، في 25 من كانون الأول الماضي، نقلتها “الأناضول“، “نسير نحو أهدافنا المنشودة بإصرار (مع روسيا) نظرًا إلى حجم التجارة بيننا”.

وعبر أردوغان عن أمله في أن تستمر العلاقات التركية- الروسية على الشاكلة ذاتها خلال الفترة المقبلة في المجالات السياسية، والعسكرية، والدبلوماسية، والثقافية، والاقتصادية.

وقال، “آمل أن تستمر علاقاتنا مع روسيا على المنوال ذاته خلال الفترة المقبلة”، مشيرًا إلى أن روسيا من الدول النادرة التي لها علاقات ثنائية قوية بتركيا مقارنة بالعلاقات مع الدول الأخرى.

وكانت العلاقات التركية- الروسية مرت بعدة اختبارات خلال السنوات الماضية، أبرزها مقتل السفير الروسي في أنقرة، وإسقاط طائرة روسية عند الحدود التركية- السورية، وآخرها التوترات حول محافظة إدلب عندما أصرت تركيا على منع تقدم قوات النظام وهاجمتها بضربات طائرات مسيّرة.

أرمينيا لتجاوز ملفات شائكة

قال الرئيس التركي، إن النصر الذي حققته أذربيجان على أرمينيا في إقليم كاراباخ يمثل صفحة جديدة في تاريخ منطقة القوقاز.

وأضاف أردوغان في ختام زيارته إلى أذربيجان، في 10 من كانون الأول الماضي، “مع نصر كاراباخ فُتحت صفحة جديدة في تاريخ القوقاز، وسيتشكل تاريخ المنطقة في اتجاه جديد”.

وتحدث أردوغان إلى مبادرة المنصة السداسية للتعاون الإقليمي، بحيث تتكون من روسيا وتركيا وأذربيجان وإيران وجورجيا إلى جانب أرمينيا، وأوضح أنه “إذا انخرطت أرمينيا في هذا المسار، وأقدمت على خطوات إيجابية، فيمكن فتح صفحة جديدة في العلاقات التركية- الأرمينية”.

بدوره، أبدى وزير الخارجية التركي إمكانية تأسيس بلاده علاقات مع أرمينيا، في حال التزمت باتفاق وقف إطلاق النار في إقليم كاراباخ، وقال، في 24 من كانون الأول الماضي، “نستطيع أن نتحاور مع من لا نتفق معهم في عدد من القضايا”.

وأضاف أن الدبلوماسية التركية “لا تزال حاضرة بقوة في العديد من الملفات الإقليمية والدولية، مثل سوريا وليبيا وشرق المتوسط وإقليم كاراباخ الأذربيجاني”.

وفي 10 من تشرين الثاني الماضي، وقّعت كل من أذربيجان التي تدعمها تركيا وأرمينيا على اتفاق ينهي إطلاق النار بينهما في إقليم كاراباخ.

ويمتد التوتر بين تركيا وأرمينيا إلى عقود من الزمن، إذ تغذيه قضية “الإبادة الأرمنية” الجدلية بين تركيا من جهة والدول الأوروبية وأرمينيا من جهة أخرى، وسط اتهامات أوروبا المتكررة للقوات العثمانية بارتكاب “إبادة منظمة وممنهجة” بحق 1.5 مليون أرمني خلال الحرب العالمية الأولى.

بينما تنفي تركيا ذلك بقولها، إن ما لا يزيد على 500 ألف أرمني قُتلوا خلال الحرب العالمية الأولى بسبب المجاعة التي ضربت بلدانًا عدة، بالتزامن مع “حرب أهلية” وقعت بين الأرمن المسيحيين والأتراك المسلمين قبيل انهيار الدولة العثمانية.

وتقول الرواية التركية إن عددًا مماثلًا من الأتراك قُتل أيضًا في أثناء الحرب الأهلية بين الأرمن والأتراك.

إسرائيل.. الخطوة بخطوتين

أكد الرئيس التركي، في 25 من كانون الأول الماضي، أن بلاده لا تقبل بسياسة إسرائيل تجاه فلسطين، مشيرًا إلى أن هذا الخلاف يمنع انتقال العلاقات للأفضل.

وأضاف أردوغان، “علاقاتنا مع إسرائيل على المستوى الاستخباراتي مستمرة ولم تتوقف، ونواجه بعض الصعوبات مع الشخصيات في أعلى الهرم”.

وتابع، “لا يمكن أن نقبل بسياسة إسرائيل تجاه فلسطين، وهذه هي نقطة خلافنا معها والتي تستند إلى مفهومنا للعدالة ووحدة أراضي الدول، وما عدا ذلك نأمل أن ننقل علاقاتنا معهم إلى مستوى أفضل”.

تصريح لافت آخر أطلقه مؤخرًا مستشار الرئاسة التركية، مسعود كاسين، قال فيه، “إذا خطت إسرائيل خطوة واحدة، فربما يمكن أن تخطو تركيا خطوتين”.

وأشار المسؤول التركي، في مقابلة مع موقع “فويس أوف أمريكا” الإخباري، إلى إمكانية إعادة العلاقات الدبلوماسية الكاملة بين تركيا وإسرائيل، بحلول آذار المقبل.

وأضاف، “إذا رأينا ضوءًا أخضر، فستفتح تركيا السفارة مرة أخرى وسوف نعيد سفيرنا، يمكننا استعادة العلاقات الدبلوماسية الكاملة مرة أخرى. لمَ لا؟ إن إحلال السلام والأمن مهم جدًا لإسرائيل وتركيا”.

وكانت علاقات تركيا وإسرائيل تأزمت عقب الحملة العسكرية الإسرائيلية على قطاع غزة عام 2008، لتصل إلى حد القطيعة أكثر عقب اعتراض البحرية الإسرائيلية “أسطول الحرية” في أيار 2012، حيث قتل “الكوماندوز” الإسرائيلي عشرة ناشطين أتراك، لتطرد بعدها تركيا السفير الإسرائيلي.

في عام 2016، عادت تركيا لتعلن استئناف العلاقات الدبلوماسية مع إسرائيل بعد ست سنوات، وأكد الرئيس التركي، حينها، حصول اتفاق مع إسرائيل، وأن “العلاقات الاقتصادية معها ستبدأ بالتحسن”.

وفي 2018، توترت العلاقات مرة أخرى بسبب الموقف التركي من العمليات العسكرية الإسرائيلية في غزة، لتصبح العلاقات الدبلوماسية بينهما على مستوى القائم بالأعمال.

مقالات متعلقة

دولي

المزيد من دولي