منذ سيطرة قوات النظام السوري على قرية “عطشان” بريف حماة الشمالي، سُجلت الأراضي الزراعية التي يمتلكها المزارع محمد عبد الرحمن الأحمد وعائلته تحت اسمه بالكامل، وذلك ليتمكن النظام من الاستيلاء عليها باعتبار محمد من المطلوبين لدى النظام.
وقال محمد لعنب بلدي، “أدرجت حكومة النظام الأراضي على المزاد العلني، وحجزت كل أراضينا، وأخذت الضمان، وليس فقط أنا بل كل الثوّار الذين كانوا في المنطقة”.
فمنذ إعلان وزارة الزراعة في حكومة النظام عن إقامة مزادات علنية، تشرين الثاني الماضي، لاستثمار الأراضي التي هرب سكانها من الحرب في زراعة القمح، صدم الكثير من المهجّرين إثر العمليات العسكرية للنظام وروسيا في ريفي حماة وإدلب، باستثمار أراضيهم على يد غرباء.
ونقلت صفحة “الإعلام الزراعي في سورية”، في “فيس بوك” عن وزارة الزراعة بحكومة النظام، في 24 من تشرين الثاني الماضي، أنه تم من خلال اللجان الأمنية في محافظات حلب، إدلب، وحماة، الإعلان عن مزاد علني لاستثمار كافة الأراضي الزراعية القابلة لزراعة القمح ضمن المناطق التي سيطرت عليها قوات النظام “التي لم تزرع حتى الآن لعدم عودة السكان إليها بعد”، وفق البيان.
أما بالنسبة للمزارع يونس أبو طربوش، فهُجّر مع عائلته إلى الشمال بعد أن كان يمتلك أرض مساحتها 50 دونمًا للاستصلاح في قرية الحواش في سهل الغاب بريف حماة الغربي، وقال “أخذ النظام مننا كل ما نملك من الأراضي وهدم بيوتنا، والآن يقوم بمزادات علنية على هذه الأراضي من أجل استثمارها، فمنذ عدّة أيام افتتح النظام الأراضي وقام بزراعتها”.
المهندس الزراعي أنس أبو طربوش، من ريف حماة، قال لعنب بلدي إن منطقة سهل الغاب في ريف حماة الغربي التابعة إداريًا لقلعة المضيق التي سيطرت عليها قوات النظام في عام 2018، تقدر بحدود 52 ألف هكتار من الأراضي ما بين مسامك ومراعٍ ومناطق سهلية قابلة لزراعة المحاصيل المنوعة.
وكانت فصائل المعارضة في شمال غرب سوريا خسرت نحو 230 ألف هكتار من الأراضي الزراعية في ريفي حماة وإدلب، منذ نهاية آب 2019 وحتى آذار 2020، وسط نزوح كثيف للأهالي.
وأعلنت اللجنة الأمنية والعسكرية في حماة في آب الماضي، عن مزاد علني على موسم الزيتون وزراعة الأراضي التي تعود ملكيتها لمدنيين مهجرين بسبب عمليات النظام العسكرية على ريفي حماة الشمالي والغربي، على أن يعود ريع تلك الأراضي لصالح “هيئة دعم أسر الشهداء” من مقاتلي النظام.
قرارات باطلة
وبحسب مدير “تجمع المحاميين السوريين”، غزوان قرنفل، إن هذه القرارات “الأمنية والحزبية” بالسطو على أموال المزارعين ومالكي الأراضي وطرحها للاستثمار والتصرف بعائداتها، هي قرارات باطلة من الوجهتين القانونية والدستورية.
إذ نصت المادة 768 من القانون المدني السوري على أنه لمالك الشيء وحده، في حدود القانون، حق استعماله واستغلاله والتصرف فيه.
وقال قرنفل لعنب بلدي إن النظام السوري عندما يعرض أراضي الأشخاص الآخرين للمزادات، فهذا لا ينزع ملكية الأراضي من أصحابها، إنما يطرحها للاستثمار عبر هذه المزادات، وبالتالي الملكية تبقى باسم صاحب الأرض.
ولكن حلّت إرادة الدولة محل المالك عن طريق الاستثمار، وعلى إثر ذلك يقوم النظام بتوزيع بدل الاستثمار أو الريع المتأتي منه بالطريقة التي تلائمه، كدعم أُسر قتلى النظام مثلًا.
وأضاف، “بهذه الطريقة تقوم حكومة النظام بتحقيق مكاسبها عبر تأمين مورد مالي لجهة معينة خارج ميزانية الحكومة، وكذلك إلحاق الضرر بالأشخاص الذي يصنفهم أنهم إرهابيين أو معارضين له”.