برنامج “مارِس” التدريبي – خالد الجرعتلي
تضامن مواطنون وناشطون لبنانيون مع ضحايا حريق ضرب مخيم للاجئين في قرية المنية، شمالي طرابلس، وأدى إلى تهجير 75 عائلة، في 26 من كانون الأول الحالي.
وتداول ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي فيديوهات لحرائق في أحد مخيمات اللاجئين، وصورًا قيل إنها لعائلات سورية كانت قد هربت من المخيم إثر الحرائق.
اشكال بين لبنانيين وسوريين في بحنين بالمنية شمالي البلاد انتهى باحراق مخيم للاجئين السوريين وتشريد مئات اللاجئين #لبنان #سوريا pic.twitter.com/NWL2C4AHyf
— Larissa Aoun (@LarissaAounSky) December 26, 2020
ما قصة الحريق؟
وقال الناشط المدني السوري صهيب عبدو، المقيم في لبنان، لعنب بلدي، إن المشكلة بدأت ظهيرة السبت الماضي، بعد مشادة كلامية بين أحد العمال السوريين وشاب لبناني من آل المير.
وأضاف عبدو أن العمال السوريين كانوا يعملون سابقًا لدى آل المير، ولكن التقصير في دفع المستحقات المالية من قبل أرباب العمل، دفعت العمال السوريين إلى العصيان حتى تدفع مستحقاتهم.
وبدأت المشكلة بتشابك بالأيدي، واستمرت مع استعانة الشاب اللبناني بأحد أفراد عائلته، الذي حضر ومعه سلاح ناري، لكن المشكلة بدأت تكبر مع قيام العمال السوريين بمصادرة السلاح من صاحبه وتحولت المشكلة إلى تشابك بالأيدي سقط إثرها عدد من الجرحى.
وفي مساء اليوم ذاته، تجمع شبان حول المخيم، الذي يحمل الرقم “009” (بحسب مفوضية اللاجئين) في قرية المنية شمالي طرابلس، وقطعوا أسلاك الكهرباء التي تغذي المخيم، وأضرموا النيران بأجزاء منه، واتسعت رقعتها سريعًا.
وترافقت الحرائق مع عمليات إطلاق نار في الهواء، ما دفع اللاجئين إلى الهروب من المخيم بشكل عشوائي، بحسب الناشط صهيب عبدو.
وقال المتحدث باسم المفوضية العليا لشؤون اللاجئين، خالد كبارة، إن الحريق امتد إلى جميع الخيام المصنوعة من الألواح البلاستيكية والخشب في المخيم الذي يحوي حوالي 75 عائلة سورية، وفق حديث مع وكالة “فرانس برس“.
تضامن شعبي لبناني
وفي المقابل، تداول ناشطون لبنانيون في موقع “تويتر” أرقام هواتف لمواطنين لبنانيين يعرضون منازلهم لإيواء العائلات السورية التي هُجّرت من المخيم، وسط حالة من التضامن الشعبي في منطقة المنية خاصة، وفي طرابلس عامة.
https://twitter.com/eshtar__/status/1342954840234860546
https://twitter.com/mh197351/status/1343141870969499649
وقال وزير الشؤون الاجتماعية، رمزي مشرفية، عبر “تويتر”، إن “إقدام بعض الشبان على حرق خيم النازحين السوريين نتيجة خلاف شخصي، عمل إجرامي مستنكر بكل المقاييس”.
وطالب القضاء المختص بـ”إنزال أشد العقوبات بكل من خطّط ونفّذ وشارك في هذه الجريمة”.
إقدام بعض الشبّان في منطقة بحنين – المنية بحرق خيم النازحين السوريين نتيجة خلاف شخصي، عمل إجرامي مستنكر بكل المقاييس.
نطالب القضاء المختص بإنزال أشد العقوبات بكل من خطّط ونفّذ وشارك في هذه الجريمة. وسنتعاون مع المنظمات الدولية لمساعدة المتضررين.— Ramzi Moucharafieh (@RMoucharafieh) December 27, 2020
الصحفي اللبناني سلمان عنداري، الذي غطى آثار الحريق من المخيم، قال عبر حسابه في “تويتر”، إن مبادرة شبابية انطلقت لمساعدة العائلات المتشردة جراء الحريق، إذ تبرع شابان على نفقتهما بإعداد وجبات لكل العائلات لمساعدتهم الطارئة.
مبادرة شبابية لمساعدة العائلات المتشردة في #المنية جراء إحراق مخيمهم. شابان تبرعا على نفقتهما الخاصة باعداد وجبات ساخنة لكل العائلات لمساعدتهم الطارئة بعد الكارثة التي حلت بهم. تحية لاهل المنية والشمال على انسانيتهم واحتضانهم. ♥️ pic.twitter.com/5u2QJGsqJq
— Salman Andary (@salmanonline) December 27, 2020
الجيش اللبناني قال إن دورية من مديرية المخابرات أوقفت مواطنين لبنانيين وستة سوريين على خلفية الإشكال، بحسب بيان نقلته صحيفة “النهار”.
وسُلّم الموقوفون والمضبوطات، وبوشر التحقيق بإشراف القضاء المختص، بينما تستمر ملاحقة بقية المتورطين لتوقيفهم، بحسب البيان.
كما عمل الدفاع المدني اللبناني على السيطرة على الحريق، وانتشر الجيش والشرطة لإعادة الهدوء في منطقة المنية، بحسب الوكالة الوطنية اللبنانية للإعلام.
مركز “الملك سلمان للإغاثة” أعلن عن تقديم مساعدات للاجئين المتضررين في المخيم، ونقل المصابين منهم إلى أحد المستشفيات.
كما قدم المركز المساعدات التي تغطي المتطلبات الأساسية للمتضررين من سكان المخيم، كالخيام والحقائب الشتوية، إلى جانب توزيع المواد الغذائية، بحسب ما نشره عبر حسابه في “تويتر”.
#مركز_الملك_سلمان_للإغاثة يبادر في إغاثة اللاجئين السوريين المتضررين من الحريق الذي اندلع أمس في مخيمهم الواقع ببلدة بحنين المنية شمال #لبنان pic.twitter.com/GUiVmYmGf2
— مركز الملك سلمان للإغاثة (@KSRelief) December 28, 2020
ثلاثة عوامل وراء حادثة المخيم
مدير معهد “عصام فارس” بالجامعة الأمريكية في بيروت، ناصر ياسين، اعتبر أن ما حصل ليس حادثًا عرضيًا أو فرديًا، بل تقف خلفه ثلاثة عوامل:
- تحول اللاجئ إلى إنسان مستباح جراء خطاب الكراهية المتصاعد منذ سنوات، والعقاب الجماعي المتكرر تجاهه من دون محاسبة فعلية.
- غياب “الدولة” وفشلها في مقاربة متكاملة لقضية بحجم أزمة اللجوء، فلزمت الاستجابة للمنظمات والجمعيات والأهالي.
وعندما تنسحب الدولة من مسؤولياتها ويضعف حكم القانون، غير مستغرب أن يلجأ أفراد وجماعات إلى تطبيق قوانينهم الخاصة. - مع التأزم الاقتصادي والمعيشي الحاد، ترتفع حدة التوترات الاجتماعية بشكل واضح بين اللاجئين ومجتمعاتهم المضيفة.
واعتبر ناصر ياسين أن هذه العوامل وصفة للانفجار إذا لم نحسن معالجتها، حكومة ومنظمات دولية، والمجتمعات اللبنانية والسورية.
وقال الناشط صهيب عبدو لعنب بلدي، إن منطقة المنية لم تشهد حالات عنصرية بهذا الحجم ضد اللاجئين السوريين سابقًا، ورجح أن عملية الاعتداء على المخيم حصلت بتحريض مسبق، على حد تعبيره.
واستقبلت لبنان منذ اندلاع الثورة السورية عام 2011 قرابة 879 ألف لاجئ سوري، بحسب الأرقام الرسمية الصادرة عن المفوضية العليا لشؤون اللاجئين.
وتعرض اللاجئون السوريون في لبنان إلى العديد من عمليات الاعتداء سابقًا، منها إحراق المخيمات، ومنع السوريين من التجول في الشوارع في أوقات معينة، وصولًا إلى حالات القتل والخطف.
–