تحدث الأمين العام لـ”حزب الله” اللبناني، حسن نصر الله، عن تفاصيل من التدخل العسكري الروسي والإيراني في سوريا.
وقال نصر الله في مقابلة مع قناة “الميادين” اللبنانية، الأحد 27 من كانون الأول، إن قائد “فيلق القدس” في “الحرس الثوري الإيراني”، قاسم سليماني، اجتمع مع الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، لمناقشة التدخل الروسي العسكري في سوريا.
وأضاف نصر الله أن الرئيس الروسي اقتنع بالتدخل بعد اجتماع مع سليماني مدة ساعتين في موسكو بحضور عدد من المسؤولين الروس، إذ عرض سليماني خلال الاجتماع خرائط السيطرة في سوريا، وناقش معه آليات العمل، واستطاع أن يقدم إضافة أدت إلى اتخاذ روسيا قرار التدخل.
وأوضح أن بوتين قال إنه اقتنع بجدوى الدخول العسكري إلى سوريا بعد عرض سليماني للواقع الميداني.
وقال إن الدخول العسكري الروسي في سوريا كان مؤثرًا جدًا في تغير الواقع على الأرض.
وكانت روسيا تدخلت في سوريا في أيلول 2015، في وقت كان النظام السوري يتراجع أمام ضربات المعارضة بأكثر من موقع، أبرزها في محيط دمشق.
ومع دخول الروس إلى جانب النظام رجحت كفته واستعادت قواته مواقع استراتيجية، وهو ما يؤكده المسؤولون الروس ويعزون الفضل للجيش والأسلحة الروسية بذلك.
وأضاف نصر الله أن الرئيس بوتين وكل العالم يعلم أن روسيا عادت إلى العالم من بوابة سوريا.
لكنه انتقد تصريحات بعض المسؤولين الروس بأن التدخل الروسي منع سقوط النظام.
وأضاف أن تصريحات مماثلة خرجت من مسؤولين إيرانيين، لكنه تواصل مع سليماني لمخاطبة أصحابها والتكلم “بأدبية” أكثر حول هذا الموضوع.
وكشف نصر الله أن صواريخ “كورنيت” التي استخدمها الحزب في “حرب تموز” ضد إسرائيل عام 2006، اشتراها السوريون من الروس.
وقال إن رئيس النظام السوري، بشار الأسد، وافق على إيصال صواريخ “كورنيت” التي اشترتها دمشق من الروس إلى حركتي “حماس” و”الجهاد” في غزة.
خلفيات التدخل الإيراني
قال حسن نصر الله، إن سليماني “كان أول من تنبه إلى الخطر القادم إلى سوريا تحت حجة الربيع العربي لدعمها المقاومة”.
وأشار إلى أن “سليماني كان في دمشق عند تنحي الرئيس المصري الأسبق، حسني مبارك (في شباط 2011)، وجاء إلى بيروت ليجتمع معي، وكنت فرحًا حينها بالتنحي”.
وقال سليماني خلال الاجتماع، إن هناك خطرًا قادمًا إلى المنطقة، بحسب نصر الله.
وأضاف أنه وسليماني اجتمعا بعدها مع بشار الأسد في دمشق، وطلبا منه أن يستعد وأن تتجهز جميع أجهزة الدولة.
وأوضح أن قرار بشار الأسد “الصمود كان الدافع الرئيس لحلفائه في دعم دمشق والدخول في المواجهة إلى جانبها”.
وذكر أن “الأطراف الداعمة والممولة والقائدة الحقيقية للمعارضة في سوريا سارعت إلى المواجهة المسلحة”.
وبدأت الاحتجاجات في سوريا في آذار 2011، بمظاهرات سلمية تطالب بالإصلاح ثم إسقاط النظام السوري الذي واجهها بالعنف، لتنتقل إلى العمل المسلح مطلع 2012.
وقال نصر الله، إن “إيران وسليماني تواصلا مع المعارضة بالتوافق مع بشار الأسد لمنع العسكرة في سوريا، ومن أجل الحل السياسي، لكن الكل كان يقول نحن لسنا في حالة حل سياسي ولا مفاوضات مع النظام وهو ساقط خلال أيام”.
وأضاف أن أطرافًا خارجية كانت تهدف لتغيير النظام في سوريا لتأتي بنظام ضعيف ينفذ أجندات تركيا وقطر والسعودية، ويبرم تسوية مع إسرائيل ويتماشى مع سياسة واشنطن، وكانوا متأكدين أن النظام سيسقط خلال شهرين.
وتتوافق هذه الرواية مع رواية النظام للأحداث في سوريا، التي يعزوها إلى مؤامرة خارجية تهدف إلى إسقاطه، وتموّل المتظاهرين والمطالبين برحيله.
عودة “حماس” إلى دمشق
قال حسن نصر الله إن الأسد كان متفهمًا لعلاقة “حزب الله” مع “حماس” بعد 2011، عندما أخذت موقفًا إلى جانب الاحتجاجات.
وأضاف نصر الله أنه تحدث مع رئيس المكتب السياسي لحركة “حماس”، إسماعيل هنية، في قضايا المنطقة بما في ذلك سوريا، وأن حركة “حماس” يجب أن تساعد في تصويب الاتجاهات بالمنطقة.
وأشار إلى أن العلاقة بين “حماس” وسوريا يجب أن يعاد ترتيبها، وهناك أجواء إيجابية وإن كان ذلك يحتاج إلى وقت.
وتابع، “أعتقد أن (حماس) ذاهبة باتجاه ترتيب علاقتها مع دمشق وفق ما يمليه المنطق”.
وفي 2019، نفى عضو المكتب السياسي لحركة “حماس” موسى أبو مرزوق، وجود أي علاقات بين حركته والنظام السوري منذ مغادرة قيادتها للعاصمة دمشق في العام 2012.
وتابع،” نأمل أن تتحسن الأوضاع في المنطقة، لأننا كلنا إخوة ولا بد للإخوة أن يكونوا دائمًا متواصلين”.
وعلى مدار سنوات طويلة، أقامت “حماس” علاقات قوية مع النظام في سوريا، لكن اندلاع الثورة السورية في آذار 2011، ورفض “حماس” تأييد الأسد، وتّر العلاقات بين الحركة ودمشق، قبل أن تقرر قيادة “حماس” مغادرة دمشق، في شباط من العام 2012.
الحذر من ترامب
حذر نصر الله من تصرفات الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، في الأيام الأخيرة لولايته، قائلًا، “مع شخصية من نوع ترامب فيها جنون العظمة وفي حالة غضب لا يمكن توقع شيء”.
وأضاف، “كل ما قيل حتى الآن حول ما يمكن أن يقدم عليه ترامب في أيامه الأخيرة لا يزال قيد التحليلات”، لكن “يجب أن نتعامل مع الفترة المتبقية من ولاية ترامب بحذر وانتباه”.
وأشار إلى أن “قادة (حزب الله) مستهدفون ليس فقط من قبل الإسرائيلي بل من الأمريكي أيضًا (…) استهداف قادة (حزب الله) هدف إسرائيلي- أمريكي- سعودي مشترك”.
وتابع، “معطياتنا أن السعودية تحرّض على اغتيالي منذ وقت طويل، وبالحد الأدنى منذ الحرب على اليمن”.
وزادت خلال الأسابيع الماضية مخاوف الحزب وحليفته طهران من تصرفات الرئيس ترامب.
وقالت صحيفة “الجارديان” البريطانية، في 20 من كانون الأول الحالي، إن “حزب الله” اللبناني قلق من الداخل مما قد يقدم عليه الرئيس الأمريكي في أيامه الأخيرة بالبيت الأبيض، وذلك خلال مقابلة مع قياديين اثنين من الحزب.
وفي تشرين الثاني الماضي، نقلت وكالة “أسوشيتد برس” الأمريكية عن مسؤولين عراقيين، أن إيران طلبت من أذرعها في العراق تجنب إثارة التوترات مع الولايات المتحدة، ريثما تنتهي ولاية ترامب، خشية من شنه هجمات عسكرية.
وجدد نصر الله تهديده بالرد على اغتيال سليماني، وقال إن الرد على اغتياله واغتيال المسؤول في “الحشد الشعبي العراقي”، “أبو مهدي المهندس”، هو “مسألة وقت، ودمهما لن يبقى على الأرض”.
وأضاف أن الجيش الأمريكي أرسل رسالة إلى سليماني، لمساعدته على الانسحاب من العراق من دون تعرضه للنار.
وكانت القوات الأمريكية قتلت سليماني و“أبو مهدي المهندس” بالقرب من مطار “بغداد” بقصف من طائرة دون طيار، في 3 من كانون الثاني الماضي.
–