لا تترك وطنك، سنبقى هنا، نموت ويحيا الوطن، لن نخون دماء الشهداء، ستنتصر الثورة قريبًا، لكن ما الفائدة من بقائنا، إننا نقتل مجانًا، البلد لم تعد لنا، باعوها وباعونا، مللنا الحرب، ما زلت شابًا وأريد متابعة حياتي، سأقدم خبرتي من الخارج، عليّ تأمين مستقبل أطفالي، أنا بحاجة للعلاج…
يهيم السوريون على وجوههم ويعيشون غربةً في بلادهم تحت سيطرة النظام أو الثوار أو تنظيم “الدولة الإسلامية” وجماعات أخرى، لا أحد يستطيع التكهن بمصيره أو مستقبل منطقته وما ستؤول إليه الأمور، ما يعرفه فقط أنه معرض للموت كحال ربع مليون مدني قتلوا خلال 4 سنوات، وفق تقديرات الأمم المتحدة.
أما الهاربون من “جحيم الحرب”، كما يطلقون عليها، فزاد عددهم عن 4 ملايين، يعيشون مفترق طرق مفصلي في حيواتهم، إما الاستقرار في دول الجوار، أو البحث عن عملٍ ومنحٍ دراسية في دول أخرى، أو الاتجاه نحو طرق التهريب غير الشرعية للوصول إلى ما وراء البحار، أرض الأحلام الأوروبية، في أكبر هجرةٍ يشهدها العالم منذ الحرب العالمية الثانية.
حتى أولئك الذين حسموا أمرهم بالوصول إلى أوروبا لا يعرفون ماذا ينتظرهم ولا أين سيقيمون ولا طريقة عيشهم في السنوات القادمة، كل ما بحوزتهم تطمينات من آخرين سبقوهم بأنهم، أي الغرب، يحترمون الإنسان هنا.
تركيا، مصر، ليبيا، الجزائر طرقٌ سلكها السوريون وما يزالون، وتصب جميعها في مياه البحر المتوسط حيث غرق قرابة ثلاثة آلاف مهاجر خلال الأشهر الثمانية الأولى من العام الجاري فقط، وفق المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان.
وضجت وسائل الإعلام مؤخرًا بغرق الطفل آلان الكردي، الذي قذفه المتوسط على شواطئ بودروم التركية الأربعاء 2 أيلول مع والدته وأخيه، لكنها لم تكن الحادثة الأخيرة، ولم يمنع ذلك آخرين من محاولات الوصول إلى اليونان من نفس المنطقة.
يحمّل بعض المراقبين المهاجرين مسؤولية غرقهم ومعاناتهم، بينما تنادي حملات حقوقية الدول الأوروبية لتسهيل عبورهم إليها، وتنتقد أخرى سياسة الدول العربية في إغلاق أبوابها أمامهم، لكن صوتًا خافتًا ما زال ينادي “أوقفوا الحرب” فهي أم المصائب.
هيئة التحرير