العدالة التصالحية في سياق العدالة الانتقالية

  • 2020/12/27
  • 4:50 ص
منصور العمري

منصور العمري

منصور العمري

ماجستير قانون في العدالة الانتقالية

بعد استخدام غير بيدرسون، مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى سوريا، تعبير “العدالة التصالحية” في إحاطته أمام مجلس الأمن، انطلقت حملة سورية شعبية وسياسية وإعلامية وحقوقية رفضت مصطلح العدالة التصالحية، معتبرين إياه دعوة للتصالح وعدم محاسبة المجرمين. كما أصدرت عدة جهات إعلامية ومجتمعية وسياسية سورية بيانات تطالب فيها بمحاسبة المجرمين ومعاقبتهم في المحاكم.

استقبل المجتمع السوري تعبير “العدالة التصالحية” من فم بيدرسون وكأنه دعوة إلى المصالحة مع المجرمين، وخاصة مع بشار الأسد وأركان حكمه الذين ارتكبوا أفظع الجرائم بحق السوريين والبشرية، وعارضوا “استبدال العدالة التصالحية بالعدالة الانتقالية”. رفض كثير من السوريين داخل وخارج سوريا هذا الأمر، وتحول إلى حملة شعبية ضد العدالة التصالحية. رغم أن هذا الموقف اعتمد على فهم غير مكتمل لمفهوم العدالة التصالحية، فإنه عبّر عن الرغبة الرئيسة للسوريين بوضوح عما يريدونه كأولوية في أي عملية عدالة انتقالية، وهي: محاسبة المجرمين في المحاكم ومعاقبتهم.

بعد رفض بيدرسون في البداية التعليق على هذه المسألة، لعدم إدراكه حجم الخطأ الذي ارتكبه، تعرض لضغوط أدت إلى إصداره بيانًا يشرح ما حدث، وينفي استخدام أعضاء في اللجنة الدستورية تعبير العدالة التصالحية.

بغض النظر عن كيفية وقوع الخطأ، وما الذي سيفعله بيدرسون لضمان عدم تكرار أخطاء من هذا النوع، والتي قد تؤذي جهوده وأعضاء اللجنة الدستورية بشكل خطير، يكفي أن نفهم أن بيدرسون تراجع عن هذه المفردة، ولم يعد لها قيمة في وثائق الأمم المتحدة لاعتبارها خطأ ترجمة. رغم ذلك، ولتجاوز عقبات مستقبلية، المطلوب من أعضاء لجنة الدستور تثبيت وقوع هذا الخطأ وإقرار بيدرسون به، في وثيقة مكتوبة تسجل لدى الأمم المتحدة، وتلحق بملف إحاطة بيدرسون في مجلس الأمن.

رغم هذا الخطأ، بغض النظر إن كان متعمدًا أم لا، فإن نوع وطبيعة العدالة التي يطلبها السوريون لا يقررها بيدرسون ولا أعضاء اللجنة الدستورية. ما يطالب به السوريون، وأعتقد أعضاء اللجنة الدستورية من المعارضة والمجتمع المدني عمومًا بالدرجة الأولى، هو محاسبة على الجرائم ومعاقبة المرتكبين من خلال المحاكم. بدا هذا جليًا في الحملة الشعبية والسياسية والإعلامية والحقوقية التي رفضت مصطلح العدالة التصالحية باعتباره دعوة للتصالح وعدم محاسبة المجرمين، إذ أصدرت عدة جهات إعلامية ومجتمعية وسياسية سورية بيانات تطالب فيها بمحاسبة المجرمين.

هنا يبرز سؤال، من يصمم ويحدد منهج عملية العدالة الانتقالية وينفذها في سوريا ما بعد الأسد؟

من حيث المبدأ، عملية العدالة الانتقالية عملية مشتركة بين الدولة ومؤسسات المجتمع المدني والضحايا وعائلاتهم. أحد الأمثلة عليها “هيئة الحقيقة والكرامة“، وهي هيئة حكومية تونسية مستقلة تهدف إلى الإشراف على مسار العدالة الانتقالية الذي جاء في إطار الانتقال الديمقراطي في تونس بعد الثورة التونسية. تتولى الهيئة كشف الحقيقة عن مختلف الانتهاكات، ومساءلة ومحاسبة المسؤولين عنها، وجبر الضرر ورد الاعتبار للضحايا لتحقيق المصالحة الوطنية.

كان هذا التعريف النظري والأهداف المرجوة من الهيئة، لكن على أرض الواقع واجهتها تحديات أفشلت كثيرًا من أهدافها.

تعتمد عمليات العدالة الانتقالية على عدة مصادر ولوائح قانونية، من أهمها توثيقات منظمات المجتمع المدني السوري، والمنظمات الدولية والأمم المتحدة، والقوانين الدولية المتعلقة بالعدالة الانتقالية، وحقوق الإنسان، والدراسات المحكمة لتجارب الأمم الأخرى، ونظريات العدالة الانتقالية المتنوعة.

هناك عدة طرق لوضع المطالبة السورية بالمعاقبة في المحاكم ضمن سياق مفاهيم العدالة، وهي تندرج في إطار العدالة الجزائية.

لكل مقام في العدالة مقال

توجد عدة أنظمة للعدالة، تختلف فيما بينها ويختلف تطبيقها إن كانت في سياق عدالة انتقالية أو في مجتمع مستقر. حتى في المجتمعات المستقرة يختلف فهمها وتطبيقها بين دولة وأخرى.

العدالة الانتقالية مظلة جامعة تشمل عدة عمليات من المفترض أن تمهد لمجتمع مستقر، هذه العمليات تكون عدالة جزائية، وعدالة تصالحية وتعويضية وغيرها، بالإضافة إلى عمليات متعلقة بالحقيقة والمصالحة المجتمعية، وعمليات قانونية متعلقة بتعديل الدستور والقوانين، بحيث تضمن عدم تكرار ما حدث.

بداية، ما العدالة التصالحية؟

العدالة التصالحية مصطلح واسع متعدد التعريفات حسب سياق ومدى استخدامه.

لغة: العدالة التصالحية هي ترجمة عن المصطلح الإنجليزي (Restorative Justice).

الترجمة الحرفية للمصطلح الإنجليزي هو عدالة “الاستعادة” أو عدالة “الإعادة إلى الأصل”، أي محاولة فهم المشكلة أو الجريمة التي وقعت، وتعويض الضحية بشكل كامل وكأن المشكلة لم تكن إلى حد ما، أي إصلاح ما حدث قدر الإمكان. رغم اختلاف الترجمة الحرفية “الإعادة إلى الأصل” عن الترجمة المعتمدة لدى الأمم المتحدة “العدالة التصالحية”، فإن التعبير بالعربية مستمد من إحدى قيم وأهداف هذا المصطلح الرئيسة، وهو التصالح أو المصالحة المجتمعية، وهو ما يمنح الترجمة معنى مرتبطًا بالعملية ذاتها. لكن يجب ألا نفهم أن هذه العملية التصالحية قسرية أو إجبارية، بل أحد شروط تطبيقها هو قبول الضحية بذلك، أي أنه لا وجود لعدالة تصالحية إن كانت مرفوضة من قبل الضحايا، والشرط الأساسي هو إشراك الضحايا في عملية تصميم العدالة الانتقالية، وعدم تركها لفئات محدودة ذات مصلحة سياسية أو للدولة.

الجانب الآخر الذي يجب التنبه له، هو توسع مبدأ العدالة التصالحية وانتقاله من عملية العدالة الانتقالية إلى نظام العدالة الوطني، أي أنه من الممكن أن تصبغ العدالة التصالحية نظام العدالة الوطني بعد انتهاء المرحلة الانتقالية. في هذه الحالة، يجب طرح عدة أسئلة مثل: ما الجرائم التي يمكن أن يتبع حلها مبدأ العدالة التصالحية، وما دور الضحايا في القرار النهائي بشأن اتباع هذا المبدأ؟

اصطلاحًا: هي منهج قانوني حديث نسبيًا في العدالة الجنائية، تستخدمه دول ذات مجتمعات مستقرة ومتطورة، مثل السويد وهولندا وكندا، وعادة ما يؤدي إلى نتائج إيجابية. فهي في المجمل تعزز تعويض الضحايا ودورهم في قرارات المحاسبة للجناة. في سياقات نظام القانون الجنائي، تُشرك قرارات العدالة التصالحية المتضررين والجناة ومجتمعاتهم المتضررة في البحث عن حلول تعزز الإصلاح والمصالحة وإعادة بناء العلاقات. تسعى العدالة التصالحية إلى بناء شراكات لإعادة ترسيخ المسؤولية المتبادلة عن الردود البناءة على المخالفات والجرائم داخل المجتمع.

قد تأتي العدالة التصالحية تحت مظلة العدالة الانتقالية كما في تجربة جنوب إفريقيا، أو قد تكون حراك مجتمع مدني يحاول إضفاء الطابع المؤسسي على المقاربات السلمية لتعويض الضرر وحل المشكلات وانتهاكات الحقوق القانونية وحقوق الإنسان. يسعى النهج التصالحي إلى تحقيق التوازن بين احتياجات الضحية والمرتكب والمجتمع من خلال عمليات تحافظ على سلامة وكرامة الجميع.

العدالة التصالحية في سياق العدالة الانتقالية

العدالة التصالحية جزء مهم من أي عملية عدالة انتقالية، ولكن إن انحصرت عملية العدالة الانتقالية بأكملها في إطار العدالة التصالحية، حينها ينتفي مبدأ محاسبة المجرمين ومعاقبتهم في المحاكم. بالمقابل، عند اختصار العدالة الانتقالية في عدالة جزائية، كيف يمكن محاسبة مئات آلاف السوريين. يمكن هنا طرح أسئلة عمن يجب محاسبتهم في المحاكم، مثل كبار المسؤولين عن الجرائم في سوريا وعلى رأسهم بشار الأسد.

وجهة النظر القيمية للعدالة التصالحية

العدالة التصالحية هي نهج قائم على قيم حل النزاع وتعويض الضرر. غالبًا ما تكون هذه القيم: الإدماج المجتمعي، والديمقراطية، والمسؤولية، والتعويض، والسلامة، والعلاج، وعلى رأس هذه القيم: احترام الضحايا.

الآلية

للضحايا: العدالة التصالحية تُمكّن الضحايا من خلال منحهم صوتًا في العملية، وفرصة لطرح الأسئلة والبحث عن إجابات، ومنحهم دورًا في صنع القرار وسبل التعافي والتعويض والدعم النفسي.

للمرتكبين: الاستجابات التصالحية تمكّن المرتكبين من أن يكونوا مسؤولين عن سلوكهم، وتتيح لهم الفرصة لتعويض الضحايا والتعبير عن الندم، وتقدم طرقًا بناءة لإصلاح الضرر، وتدعم اتخاذهم خيارات مسؤولة، وتدعم إنشاء منتديات للتسامح والمصالحة وإعادة الاندماج.

للمجتمعات: الاستجابات الإصلاحية تعيد استثمار المواطنين بالقدرة على الإسهام بشكل هادف في حل مشاكل المجتمع، وتسمح للمواطنين بالتعبير عن المعايير الأخلاقية للمجتمع وتأكيدها، وتوفر منابر لمعالجة الظروف الأساسية التي تسبب الضرر، وتسهم في بناء مجتمعات آمنة ومزدهرة وسلمية.

الممارسة

تشمل تطبيقات العدالة التصالحية عدة أشكال منها:

لجان الحقيقة/ المصالحة

ورشات الأثر على الضحايا

خدمة المجتمع التصالحية

الحوار بين الضحية والجاني

مؤتمرات مجموعة العائلة

مؤتمرات المجتمع/ المدرسة

دوائر صنع السلام

مجالس الإصلاح

التعويض

دعم/ خدمات الضحايا

خدمات إعادة الإدماج.

العدالة التصالحية في جنوب إفريقيا

طغت العدالة التصالحية على عملية العدالة الانتقالية في جنوب إفريقيا التي عانت أكثر من 40 عامًا من التمييز العنصري والمجازر والتعذيب وقمع الناشطين. في عام 1995، خوّل برلمان جنوب إفريقيا تأسيس “لجنة الحقيقة والمصالحة” التي أصدرت تقريرها الذي ضم شهادات نحو 22 ألف ضحيّة وشاهد، منها ألفان كانت في جلسات استماع علنية. لكنّ معظم الجهود التي بُذلت لتحقيق المحاسبة عن الجرائم المرتكبة خلال حكم التمييز العنصري باءت بالفشل، حيث أجاز قانون لجنة الحقيقة والمصالحة “العفو من أجل الحقيقة” لمرتكبي انتهاكات حقوق الإنسان الذين رغبوا بالاعتراف، بالإضافة إلى مراسيم العفو الرئاسية التي لم تأخذ رأي الضحايا بعين الاعتبار. تضمّنت السياسات القضائية فيما بعد تعديلات مكّنت الجناة الذين لم يتقدّموا بطلبات للحصول على عفو “لجنة الحقيقة والمصالحة” من الإفلات من العقاب.

تعرف وزارة العدل في جنوب إفريقيا العدالة التصالحية على أنها: نهج للعدالة يهدف إلى إشراك أطراف النزاع والآخرين المتأثرين بالضرر (الضحايا والجناة والأسر)، وصك قانوني يمكن تطبيقه جنبًا إلى جنب مع أدوات السياسة والاستراتيجية الأخرى. المحاكم المجتمعية والعرفية تطبق مبادئ العدالة التصالحية في إطار نظام العدالة الجنائية. تطبق محاكم الصلح عمليات العدالة التصالحية بالشراكة مع المجتمعات المحلية لحل الجرائم الأقل خطورة وتعزيز استعادة الوضع السابق.

مثال من جنوب إفريقيا: حُكم على متهم بالسجن تسعة أشهر لسرقته سبع دجاجات. عند إعادة النظر في الحكم، أُلغي الحكم واستُبدل به حكم مع وقف التنفيذ وعُوّض صاحب الشكوى عن خسارته. في هذا المثال تلعب العدالة التصالحية الدور الإصلاحي للمرتكب، وتعوّض الضحية.

لكن هل يمكن تطبيق هذا المبدأ على جميع الجرائم؟

لا يجب تطبيق هذا المبدأ على جميع الجرائم، وخاصة الخطيرة منها.

يبدو أن دولة جنوب إفريقيا ذهبت بعيدًا في تطبيق هذا المبدأ، ففي قضية أخرى حُكم على نجم “التنس” السابق بوب هويت بالسجن ست سنوات لاغتصاب طالباته في “التنس” منذ أكثر من 30 عامًا، ثم علقت المحكمة عقوبة السجن جزئيًا بشرط دفعه 100000 راند، أي نحو سبعة آلاف دولار، لحملات ضد إساءة معاملة النساء والأطفال، رغم اعتراض ضحاياه على الإفراج عنه.

أدين سيمفيوي هلوف في محكمة الصلح في تمبيسا باغتصاب امرأة. بعد أن شهد ميسر عملية العدالة التصالحية في المحكمة أن والدة الضحية قبلت الاعتذار المتكرر من هلوف، قبل القاضي عرضًا من عائلة الجاني بدفع 5000 راند، أي نحو 300 دولار، باعتباره “علامة على الإنسانية”. في ضوء التعويض، تم تعليق عقوبة السجن خمس سنوات.

في هذا المثال، وخاصة في الدول الفقيرة، قد يضطر الضحايا إلى التنازل عن حقوقهم، باسم العدالة التصالحية، من أجل الحصول على تعويض مالي، وقد يكون هذا التنازل من الضحية ناتجًا عن ضغوط من العائلة وليس عن رغبة حقيقية من الضحية. بالتالي، يصبح بإمكان المغتصب دفع المال للتهرب من العقوبة الجزائية. ينسف هذا الأمر مبدأ العدالة بجوهره، بحيث يميز بين الفقير والغني، حيث لا يستطيع الفقير دفع المال للتهرب من عقوبة السجن، أي قد تتحول العدالة التصالحية إلى عدالة للأغنياء فقط، وهو ما يناقض مبدأ جوهريًا في العدالة، وهو المساواة وعدم التمييز.

في قضية أخرى، أُدينت امرأة وحُكم عليها بالسجن ثماني سنوات بتهمة القتل، بعد أن قتلت هي وزوجها (الذي توفي قبل نهاية المحاكمة) دخيلًا. تم تعليق ثلاث سنوات من الثماني سنوات بشرط أن تعتذر المرأة لوالدة الضحية.

يبقى السؤال ما إذا كانت مثل هذه الحالات تحقق النتيجة المرجوة من العدالة التصالحية. شارك الضحية والجاني في حل آثار الجريمة، وتم التوصل إلى اتفاقات بعد عملية وطريقة معيّنة للرد، لكن هل حدث كل هذا دون استغلال أو ضغوط خارجية أو ذاتية على الضحية، وهل تميز هذه العملية بين الأشخاص حسب وضعهم الاجتماعي والاقتصادي؟

لا يجب أن تسهل الدولة أنظمة قضائية يُسمح فيها للمجرمين بشراء الأحكام. من الواضح أن سرقة الطيور حالة يمكن فيها استخدام العدالة التصالحية. لكن معظم الناس قد لا يرتاحون لقتلة ومغتصبين مدانين يدفعون المال ثمن خروجهم من السجن. كما أنه في هذه الحالات السابقة أعلاه، لم تكن هناك جهود معروفة لإعادة تأهيل هؤلاء.

تعرف وزارة العدل الكندية العدالة التصالحية على أنها عملية تركز على إصلاح الضرر الناجم عن الجريمة، مع تحميل الجناة المسؤولية عن أفعالهم. يتم استخدام نهج تصالحي في مختلف قضايا العدالة الجنائية في جميع أنحاء كندا. عند استخدامها بفعالية، يمكن أن تؤدي العدالة التصالحية إلى نتائج أفضل للضحايا والمجرمين، وتقليل عدد القضايا التي تُحال إلى المحاكمة.

تشير نتائج بعض الأبحاث في كندا إلى أن المشاركين في برامج العدالة التصالحية كانوا راضين تمامًا بأغلبهم عن النهج الإصلاحي، لا سيما عند مقارنته بالمشاركين الذين اختبروا نظام العدالة الجزائية. أُتيحت الفرصة للضحايا والجناة للمشاركة بنشاط في عملية صنع القرار، وفي وضع خطة جبر الضرر، وفي بعض الحالات، تقديم توصية بإصدار الأحكام. بشكل عام، تم تمكين الأفراد المتضررين من الجرائم الخطيرة لتحقيق العدالة المُرضية من خلال نهج إصلاحي.

مصادر

وزارة العدل الكندية

وزارة العدل في جنوب إفريقيا

آرلين غودرو: حدود العدالة التصالحية

المركز الدولي للعدالة الانتقالية

الأمم المتحدة

مقالات متعلقة

مقالات الرأي

المزيد من مقالات الرأي