عنب بلدي – وكالات
استبعد الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، أن يكون لموسكو تدخل عسكري في سوريا في الوقت القريب، في رد على تقارير إعلامية أفادت بذلك، مشيرًا إلى أن بشار الأسد مستعدٌ لإجراء انتخابات برلمانية مبكرة ولاقتسام السلطة مع معارضة “بنّاءة“. جاء ذلك بعد “خارطة طريق” جديدة لتنفيذ مقررات مؤتمر جنيف، طرحها المبعوث الأممي إلى سوريا، ستيفان دي ميستورا.
وفي مؤتمر صحفي عقد الجمعة، 4 أيلول، على هامش المنتدى الاقتصادي الشرقي في فلاديفوستوك بأقصى شرق روسيا، أضاف بوتين «نريد فعلا إيجاد نوع من التحالف الدولي لمكافحة الإرهاب والتطرف.»، موضحًا أنه تحدث مع الرئيس الأمريكي في هذا الشأن «لهذا الغرض نجري مشاورات مع شركائنا الأمريكيين».
وأضاف «نحن نعمل مع شركائنا في سوريا، وبشكل عام هناك تفاهم بأن توحيد الجهود في محاربة الإرهاب يجب أن يسير بالتوازي مع نوع من العملية السياسية في سوريا نفسها، والرئيس السوري يتفق مع هذا وصولًا إلى إجراء انتخابات مبكرة، لنقل أنها برلمانية، وإجراء اتصالات مع ما يسمى المعارضة الصحية وإشراكهم في الحكومة».
لا مشاركة للروس في سوريا
واعتبر الرئيس الروسي أنه من السابق لأوانه الحديث عن مشاركة موسكو في عملية عسكرية محتملة ضد تنظيم «داعش» في العراق وسوريا. موضحًا «إنه موضوع منفصل.. أما ما نراه حاليًا، فهو قيام الطيران الأمريكي بتوجيه ضربات معينة، وهذه الضربات غير فعالة، لكن من السابق لأوانه الحديث عن استعدادنا للقيام بهذه المهمة، إننا نقدم لسوريا دعمًا كبيرًا، بما في ذلك توريدات المعدات والأسلحة وتدريب العسكريين السوريين».
وأعاد بوتين إلى الأذهان العقود الموقعة بين موسكو ودمشق في المجال العسكري. وتابع «إننا ندرس مختلف الإمكانيات في هذا السياق»، مضيفًا أن روسيا ستجري مشاورات مع سوريا والدول الأخرى في المنطقة حول زيادة الدعم لها في مكافحة الإرهاب.
وأضاف أنه بحث مبادرته المتعلقة بتشكيل تحالف إقليمي واسع لمواجهة الإرهاب، مع كل من الرئيس الأمريكي باراك أوباما والزعيم التركي رجب طيب أردوغان وممثلي قيادة المملكة العربية السعودية والعاهل الأردني والرئيس المصري وشركاء آخرين.
اللاجئون هربوا من داعش وليس الأسد
من وجهة نظر بوتين، فاللاجئون السوريون لا يهربون من حكومة بشار الأسد بل من تنظيم «داعش»، معتبرًا أن أزمة الهجرة الراهنة مرتبطة بالسياسة الغربية الخاطئة في المنطقة.
وتابع الرئيس الروسي أن أزمة اللاجئين كانت «متوقعة تمامًا»، موضحًا «إننا في روسيا.. حذرنا مرارًا من قضايا واسعة النطاق قد تظهر في حال استمرار شركائنا الغربيين باتباع سياساتهم الخارجية التي قلت دائمًا إنها خاطئة، ولا سيما ما يمارسونه حتى الآن في بعض مناطق العالم الإسلامي وفي الشرق الأوسط وشمال إفريقيا».
وتعيش سوريا أكبر أزمة في المنطقة في العصر الحديث، بدأت بثورة سلمية جوبهت بعنف نظام الأسد لتنتقل إلى العمل المسلح بعد أشهر، ما أسفر عن أكثر من ربع مليون ضحية بينما نزح أكثر من 4 ملايين خارج البلاد، وفق تقديرات الأمم المتحدة.
واشنطن تبلغ موسكو قلقها
واتصل وزير الخارجية الأمريكي، جون كيري، السبت 5 أيلول، بنظيره الروسي سيرغي لافروف وأبلغه «قلق الولايات المتحدة» حيال تعزيزات عسكرية روسية محتملة في سوريا، بحسب ما أعلنت وزارة الخارجية الأميريكية.
الخارجية وفي بيان لها، قالت إن «وزير الخارجية قال بوضوح إنه إذا صحت المعلومات فإن هذه التحركات يمكن أن تؤدي إلى تصعيد النزاع»، وأضافت إن «كيري تحدث إلى لافروف تحديدا عن معلومات تتحدث عن تعزيزات روسية عسكرية وشيكة في سوريا.»
واعتبرت أن التعزيزات العسكرية الروسية إن أرسلت فقد تؤدي إلى «مزيد من الضحايا البشرية البريئة وزيادة تدفق اللاجئين وخطر مواجهة مع التحالف الذي يقاتل تنظيم داعش الناشط في سوريا».
خارطة طريق جديدة إلى جنيف
وكان المبعوث الدولي إلى سوريا، ستيفان دي ميستورا، أرسل إلى المعارضة السورية ونظام الأسد وثيقتين تتعلقان بخارطة الطريق لتنفيذ بيان جنيف، من خلال ثلاث مراحل، الثلاثاء 1 أيلول.
وتتجلى المرحلة الأولى بتشكيل هيئة حكم انتقالية بصلاحيات تنفيذية كاملة «مع استثناء محتمل للسلطات البروتوكولية»، وتقضي الثانية بتشكيل مجلس عسكري مشترك من النظام والمعارضة على أن يتفق الطرفان حول قائمة من 120 مسؤولًا «لن يستلموا أي منصب رسمي خلال المرحلة الانتقالية»، بسبب الدور الذي أدّوه في الصراع.
وتشمل المرحلة الثانية أيضًا «إقفال مؤسسات استخباراتية محددة»، لتكون المرحلة الثالثة بداية إجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية برعاية الأمم المتحدة التي ستدعمها تقنيًا.
ويرى ناشطون ومعارضون سوريون أنه ليس من حق دي ميستورا أن يقرر ويختار ممثل الشعب السوري للمفاوضات، حتى في ظل الانقسام والتشتت التي تعاني منه المعارضة السورية، ويتهم آخرون فريقه بالعمالة لنظام الأسد مقللين من فرص نجاح أي خطة يطرحها أطراف دوليون بعيدًا عن إرادة الشعب وتطلعاته.