“خيال رخيص”، “مخزن الكلاب”، و”اقتل بيل”، هي أشهر ما يعرف به المخرج الأمريكي كوينتن تارانتينو من أفلام تميزت في عالم السينما، لأسلوبه المتفرد في السيناريو وبناء الشخصيات والعنف المبالغ به.
على الرغم مما يروجه تارانتينو في مقابلاته التلفزيونية أن أفلامه تناسب جميع الفئات العمرية، كونها مسليّة ولا تشكل ضررًا على فئة المراهقين، فإن الانتقادات لا تزال تطالها لامتلائها بمشاهد العنف المبالغ وكثرة الدماء.
في فيلم “خيال رخيص” لتارانتينو، يُفتتح المشهد الأول بنقاش بين عشيقين بشأن مطعم يخططان للسطو عليه وكسب المال، وبعد طرح العديد من الخيارات يرسوان على سرقة المطعم، وهنا يتكشف أول خيوط الفيلم الذي يُسرد بأسلوب “non-linear”، أي يبتعد عن السرد التقليدي بتجميع القصص بوقت زمني غير متسلسل.
تكثُر في الفيلم الثرثرات التي لا تخدم القصة دراميًا، لكنها تعطي بعدًا تهكميًا لأحداثه، وهو ما يكسر العنف في القصة.
وفي أحد المشاهد في السيارة يتكلم رجلا العصابة فينسنت (جون ترافولتا) وجولز (سامويل ال جاكسون) عن المعجزات والقدرات الإلهية التي أبقتهما حيين عندما هاجمهما أحد الشبان بمسدس في منزل إحدى شخصيات الفيلم، ويدعى بريت، يستدير فينسنت ليأخذ رأي مارفن، أحد أصدقاء بريت، والمسدس بيده، يتوقف جولز فجأة لتنطلق رصاصة بوجه مارفن جاعلة أشلاءه تتطاير في مشهد لا يمكن وصفه سوى بالكوميدي.
ترتبط الكوميديا عند تارانتينو بالعنف، وفي إحدى مقابلاته التلفزيونية سألته مذيعة عن سبب استخدامه المبالغ للعنف، فأجابها “لأنه أمتعُ بكثير!”، وعندما سألته عن رغبته بالتعرض للاعتداء في الشارع، أجاب “أنا لا أتكلم عن الحياة الواقعية هنا، أنا أتكلم عن الأفلام!”.
ينقسم “خيال رخيص” إلى سبعة فصول، ويعنوَن بعضها على الشاشة ليخبر المخرج متابعيه أنها “مجرد قصة”.
عبثية السرد عند تارانتينو واضحة بشدّة، تغيب العواطف ويكثر الجنون عند شخصيات أفلامه، دوافعها تكون وراء المال، القتل، أو فقط شر من أجل الشر، فهو لا يريد أن يعطي درسًا أخلاقيًا، بل مجرد مغامرات تشويقية بطريقة هزلية، لتذكير المتفرج أنه مجرد فيلم وليس مكانًا للرسالات السامية.
كوينتن تارانتينو مخرج أمريكي، ولد عام 1963 في ولاية تينيسي الأمريكية. بداية حياته المهنية كانت في الثمانينيات كبائع في متجر لأشرطة الأفلام، لم يكمل تعليمه في مرحلة الثانوية، ولم يدرس الإخراج السينمائي في جامعة أو معهد متخصص.
أسلوبه المميز في كتابة السيناريو والإخراج، وإشرافه المحكم على موقع التصوير ومرحلة ما بعد الإنتاج، هو ما يعطي لأعماله بصمة خاصة.
في عام 1992، وبالتعاون مع الكاتب روجر أفاري، أنجز أحد أشهر أفلامه “مخزن الكلاب” الذي حقق نجاحًا كبيرًا واستحسانًا واسعًا من قبل النقّاد في مهرجان “ساندانس” الأمريكي، وامتدت مسيرته المهنية حتى عام 2019 بفيلمه العاشر “حدث ذات مرة في هوليوود”.
حصد “السعفة الذهبية” في مهرجان “كان” السينمائي عن فيلمه “خيال رخيص”، بالإضافة إلى جائزة الأكاديمية (أوسكار) لعام 1994 ضمن فئة أفضل سيناريو أصلي.