عمر عبد الرحيم – حماة
في حملة هي الأولى من نوعها، نشر موالون للنظام في حماة مؤخرًا فضائح موثقة عن فساد مؤسسات الدولة والمسؤولين في المدينة عبر مواقع التواصل الاجتماعي، واضعين محافظ حماة، غسان خلف، موضع المتهم والمسؤول الأول عن هذه القضايا.
وبدءًا من 22 تموز الماضي توالت المنشورات التي تحوي اتهامات ومعلومات تفصيلية حول فساد مؤسسات ودوائر في الدولة ومنظمات تابعة لها، من مجلس إدارة الهلال الأحمر، ومجلس مدينة حماة، ومديرية الصحة، ومديرية التموين، وسادكوب حماة، وشعبة التجنيد، وجامعة حماة، وليس انتهاءً بمحافظ حماة، غسان خلف، واعتبرت الحملة، التي تحمل اسم «ويكيليكس حماة»، ذلك «فسادًا وسرقة وتجاوزات دون حسيب أو رقيب».
ولم يكتف منظمو الحملة بفضح المؤسسات، بل تجاوزوا ذلك إلى أسماء معروفة في المدينة وذات سمعة سيئة مثل محمود القيسي، رئيس البلدية، وعليا موسى باشا، وهي مستشارة محافظ حماة لشؤون المصالحة الوطنية.
حتى اليوم، لم يحقق نشر «الفضائح» أي نتائج إيجابية سوى إثارة البلبلة بين غرف المحافظة وأروقتها، إضافة إلى تغيير مجلس إدارة الهلال الأحمر، لكن المنظمين يتوقعون أن تطال حملتهم مناصب عليا في «دولة حماة» كما يسمونها، داعين إلى تنظيم اعتصامات حاشدة ضد المحافظ الذي اعتبروه زعيم «عصابة فاسدة»، على حد تعبيرهم، ووعدوا بقرب تلك التظاهرات وبأن تسمع كل سوريا بها.
ناشطو المعارضة الموجودون في المدينة، ويعانون تضييقات إضافية تتعلق باعتقالهم وتتبّعهم، يجمعون في غالبيتهم على أن أصحاب هذه الحملة فاسدون من النظام نفسه، ويرى الناشط الإعلامي ميماتي أنه «من المستحيل أن تكون المعلومات الواردة في الحملة والوثائق المعروضة عمل شخص أو شخصين، غالبًا من يقوم بتسريب تلك الوثائق والمعلومات أشخاص من النظام نفسه بهدف الضغط على بعض الفاسدين لتسيير أمور غير قانونية»، مردفًا «واضح تمامًا التركيز على المحافظ بشكل أساسي».
في حين يعتبر الشاب محمد، وهو ابن حماة ولا يزال مقيمًا فيها، الحملة «تلميعًا لصورة النظام وإظهار شيء من الحرية في الانتقاد والتعبير، وأنه لا شيء فوق القانون».
العامل الأهم في الحملة هو موقف سكان المدينة، إذ يتسم بالاستسلام لما يجري «فليس باليد حيلة بعدما سيطرت الميليشيات بكافة أشكالها على المدينة»، وفق الناشطة الحقوقية باربي طالب، والتي تشير إلى «حالات التشويل والتشيلح والإرهاب بأشكاله، في كل المجالات السياسية والحزبية والعسكرية والاجتماعية، وحتى الإغاثية إذ تضغط على الناس بأرزاقهم وتسلب كرامتهم».
همّ المواطن الحموي اليوم هو «تمشاية أموره» بأسلم طريقة ممكنة، كما ينقل الأهالي، وليفرح السارقون والفاسدون بما سرقوه قليلًا.
من يعيش في حماة يدرك انعدام وجود الدولة أو النظام فيها؛ الكلمة الأولى للسلاح والأخيرة للمال، وفق باربي طالب، لذا يعتقد المواطنون أنه «ضرب من الخيال إصلاح أي شيء في الوضع الراهن».
لا أحد يعلم قدر التجاوب مع الحملة التي يقودها منظمو «ويكيليكس حماة» ومع الاعتصامات التي وعدوا بها، لكن الغموض الذي يلفها يبقيها في جوّ من الريبة بسبب التضارب بين أهدافها التي تدعي مصلحة الناس وموقفها الموالي للنظام في الوقت نقسه، فهل تكشف الأيام ذلك؟