أعلن الاتحاد الأوروبي وبريطانيا، الخميس 24 من كانون الأول، التوصل إلى اتفاق تجاري لمرحلة ما بعد “بريكست”، بعد نحو عشرة أشهر من مفاوضات بشأن طبيعة العلاقة مع الاتحاد بعد مغادرة المملكة المتحدة السوق الموحدة.
ووصفت رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين، الاتفاق بأنه “عادل ومتوازن”.
وخرجت بريطانيا رسميًا من الاتحاد الأوروبي في آخر يوم من كانون الثاني الماضي، بعدما يقارب نصف قرن من انضمامها إلى التكتل.
وأوردت “وكالة الصحافة الفرنسية” تقريرًا نقلته “فرانس 24” يوضح بعض ملامح العلاقات بين الطرفين بعد الاتفاق المؤلف من ألفي صفحة لم ينشر بعد، ويغطي مسائل من الصيد إلى المنافسة المستقبلية بعد 31 من كانون الأول الحالي.
أمن ولاجئون
رغم الاتفاق، حذر الطرفان من “تغييرات كبيرة” مقبلة اعتبارًا من 1 من كانون الثاني المقبل بالنسبة للأفراد والأعمال التجارية في أنحاء أوروبا.
ولن يكون من الممكن أن يواصل مواطنو المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي الاستفادة من حرية الحركة للإقامة والعمل على طرفي الحدود.
وأكدت بروكسل أن “حرية حركة الناس والبضائع والخدمات ورؤوس الأموال بين المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي ستنتهي”.
وتابعت أن “الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة سيشكلان سوقين منفصلين، هما فضاءان تنظيميان وقانونيان منفصلان. وسيخلق ذلك قيودًا غير موجودة اليوم في الاتجاهين على تبادل البضائع والخدمات وعلى الحركة عبر الحدود والمبادلات”.
وتشكل الخطوة البريطانية عقبة أخرى أمام اللاجئين من ناحية لمّ الشمل مع أسرهم، وشكل اللجوء في نهاية العام الحالي.
وقالت وزارة الداخلية البريطانية، في أيلول 2019، إنها لن تسمح للأطفال اللاجئين الذين لم ينضموا لعائلاتهم بعد، بدخول المملكة المتحدة بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي المقرر في 31 من كانون الأول الحالي.
وتعرضت المملكة المتحدة لانتقادات بسبب سباقها مع الزمن لترحيل لاجئين إلى دول الاتحاد الأوروبي، كونها أحد الموقعين على اتفاقية “دبلن”.
وبعد نهاية العام الحالي، لن تستطيع المملكة المتحدة ترحيل أي طالب لجوء مرّ عبر دولة أوروبية أخرى قسرًا، لأنها ستكون خرجت من اتفاقية “دبلن” التي تستند إليها في عمليات الترحيل الحالية.
الجمارك
تغادر بريطانيا الاتحاد الجمركي الأوروبي والسوق الموحدة نهاية العام الحالي، ما يعني أن الأعمال التجارية ستواجه سلسلة قيود جديدة على الواردات والصادرات عبر بحر المانش (القناة الإنجليزية).
وقالت المملكة المتحدة، إن الاتفاق يسمح بالاعتراف بخطط “التاجر الموثوق” التي من شأنها أن تخفف البيروقراطية على الجانبين، لكن لم يتضح بعد إلى أي درجة يمكن تطبيق ذلك.
الرسوم الجمركية
يعني الاتفاق أنه لن تكون هناك أي رسوم أو حصص على المنتجات البريطانية والأوروبية التي يتبادلها الطرفان.
وسيبقى على الصادرات البريطانية الامتثال لمعايير الصحة والسلامة التي يضعها الاتحاد الأوروبي، بينما تحكم قواعد صارمة المنتجات المصنوعة من مكوّنات مصدرها خارج المملكة المتحدة أو الاتحاد الأوروبي.
ورحبت لندن بغياب الرسوم كنقطة إيجابية رئيسة في الاتفاق، ستساعد بالوقت ذاته في المحافظة على جزء من الميّزات التي تمتّعت بها بريطانيا أساسًا كعضو في التكتل.
الصيد
كان وصول صيادي الاتحاد الأوروبي مستقبلًا إلى مياه بريطانيا الغنية من بين أبرز المسائل الشائكة والقابلة للاشتعال سياسيًا، وآخر نقطة جرى حلّها قبل الإعلان عن الاتفاق.
وأصرّت بريطانيا مرارًا على أنها ترغب باستعادة السيطرة الكاملة على مياهها، بينما سعت دول الاتحاد الأوروبي الساحلية إلى ضمان حقوق الصيد في مياه المملكة المتحدة.
وفي النهاية، توصّل الطرفان إلى تسوية تقضي بأن تتخلى قوارب الاتحاد الأوروبي تدريجيا عن 25% من حصصها الحالية خلال فترة انتقالية مدتها خمس سنوات ونصف.
ومن المنتظر أن تجري مفاوضات سنوية بعد ذلك على كميات السمك التي يمكن لقوارب الاتحاد الأوروبي الحصول عليها من المياه البريطانية.
الأمن والفرص المتساوية
يرى الاتحاد الأوروبي أن الاتفاق “يؤسس إطار عمل جديدًا لإنفاذ القانون والتعاون القضائي في المسائل الجنائية وتلك المرتبطة بالقانون المدني”.
ومن جهتها، أشارت لندن إلى أن الطرفين سيواصلان مشاركة المعلومات المرتبطة بالحمض النووي والبصمات ومعلومات الركاب، كما سيتعاونان في إطار وكالة تطبيق القانون الأوروبية (يوروبول).
وتفيد بروكسل أنه “يمكن تعليق التعاون الأمني في حال حدوث انتهاكات من جانب المملكة المتحدة لالتزاماتها في ما يتعلق بمواصلة الامتثال إلى الميثاق الأوروبي لحقوق الإنسان”.
وظهرت عثرة أخرى تمثّلت بما أطلق عليها قواعد “الفرص المتساوية”، التي أصر عليها الاتحاد الأوروبي لمنع الشركات البريطانية من امتلاك أفضلية على منافساتها الأوروبية في حال خفضت لندن معاييرها مستقبلًا أو دعمت الصناعات لديها.
–