تركيا تريد فتح “صفحة جديدة” مع أرمينيا
أبدى وزير الخارجية التركي، مولود تشاووش أوغلو، إمكانية تأسيس بلاده علاقات مع أرمينيا، في حال التزمت باتفاق وقف إطلاق النار في إقليم كاراباخ، وذلك قبل أيام من اعتزام تشاووش أوغلو لقاء نظيره الروسي، سيرغي لافروف، لبحث أمور المنطقة، وفق وكالة “الأناضول”.
وقال الوزير التركي، الخميس 24 من كانون الأول، “نستطيع أن نتحاور مع من لا نتفق معهم في عدد من القضايا”.
وأضاف أن الدبلوماسية التركية “لا تزال حاضرة بقوة في العديد من الملفات الإقليمية والدولية، مثل سوريا وليبيا وشرق المتوسط وإقليم كاراباخ الأذربيجاني”.
وأوضح أن تركيا تولي أهمية للشرعية الدولية في الخطوات الميدانية التي تقدم عليها، وتتحرك وفقًا لمصالحها القومية، بحسب تعبيره.
ويعتزم تشاووش أوغلو لقاء نظيره لافروف في مدينة سوتشي، في 29 من كانون الأول الحالي، لنقاش تنفيذ الاتفاق الذي جرى التوصل إليه بين أذربيجان وأرمينيا بشأن كاراباخ، بحسب صحيفة “ديلي صباح” التركية.
وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية، ماريا زاخاروفا، إن “التركيز سينصب على تقليل مخاطر الاشتباكات المحتملة وتقديم المساعدة الإنسانية للأطراف”.
ولفتت زاخاروفا إلى أنه في اللقاء المرتقب، سيشارك وزير الخارجية التركي في “الاجتماع الثامن لمجموعة التخطيط الاستراتيجي المشتركة، العاملة في إطار عمل مجلس التعاون الروسي- التركي الرفيع المستوى”.
وأشارت إلى التركيز على إنشاء المركز الروسي- التركي المشترك لمراقبة وقف إطلاق النار وجميع العمليات العسكرية في منطقة النزاع كاراباخ.
وفي 10 من تشرين الثاني الماضي، وقّعت كل من أذربيجان وأرمينيا على اتفاق ينهي إطلاق النار بينهما في إقليم كاراباخ.
وقال رئيس الوزراء الأرميني، نيكول باشينيان، آنذاك، إن الاتفاق “مؤلم جدًا، بالنسبة لي شخصيًا وبالنسبة للشعب الأرميني”.
ولم يلقَ الاتفاق قبولًا لدى المعارضة الأرمينية، إذ اتهمت رئيس الوزراء الأرميني، بـ”خيانة” بلده بتوقيع اتفاق وقف المعارك في كاراباخ، والقبول بتسليم أراضٍ واسعة “للعدو” الأذربيجاني، وفق تعبير المعارضة.
صفحة جديدة في القوقاز
وكان الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، قال، في 11 من كانون الأول الحالي، إن “النصر الذي حققته أذربيجان على أرمينيا في إقليم كاراباخ يمثل صفحة جديدة في تاريخ منطقة القوقاز”.
وأضاف حينها أن العلاقات الثنائية التركية- الأذرية ستشهد تطورًا في جميع المجالات، من بعد الحسم العسكري فيها لمصلحة أذربيجان.
كما نوه أردوغان إلى مبادرة “المنصة السداسية للتعاون الإقليمي”، إذ تتكون من روسيا وتركيا وأذربيجان وإيران وجورجيا إلى جانب أرمينيا، مؤكدًا أنه “إذا انخرطت أرمينيا في هذا المسار وأقدمت على خطوات إيجابية فيمكن فتح صفحة جديدة في العلاقات التركية- الأرمينية”، وفق تعبيره.
معركة الشهر والنصف
وفي 9 من كانون الأول الحالي، زار الرئيس التركي العاصمة الأذرية، باكو، ملبيًا دعوة نظيره الأذري، إلهام علييف، بعد النزاع مع أرمينيا على إقليم كاراباخ، الذي انتهى بالسيطرة عليه من قبل القوات الأذرية.
وشن الجيش الأذربيجاني، في 27 من أيلول الماضي، عملية عسكرية بدعم تركي ضد أرمينيا “لتحرير إقليم كاراباخ” (استمرت ستة أسابيع)، استعاد عبرها خمس مدن وأربع بلدات و286 قرية، وقُدرت قيمة الأسلحة الأرمينية المدمرة بـ4.8 مليار دولار، بحسب وكالة “الأناضول” التركية.
وصرح الرئيس التركي سابقًا خلال ندوة في مدينة اسطنبول، في 28 من أيلول الماضي، أن “تركيا ستواصل الوقوف إلى جانب أذربيجان الصديقة والشقيقة بجميع إمكانياتها”.
وشهدت المعارك بين أذربيجان وأرمينيا مشاركة مقاتلين سوريين، بحسب ما وثقته منظمة “سوريون من أجل الحقيقة والعدالة”، موضحة أن تركيا أرسلت ما يزيد على ألفي مقاتل سوري للمشاركة في القتال، بينهم مدنيون لم يسبق لهم الانخراط في عمليات عسكرية سابقًا، لكن تركيا نفت ذلك.
بينما شارك أرمن سوريون بالقتال إلى جانب أرمينيا، ونشرت صفحات سورية أرمنية عبر موقع “فيس بوك”، منها صفحة “السوريون الأرمن“، في 14 من تشرين الثاني الماضي، أن التجمع الأرمني في حلب نعى ثلاثة شبان من حلب قُتلوا في مدينة شوشي بكاراباخ، في 8 و9 من الشهر نفسه.
جرح مفتوح
ويمتد التوتر بين تركيا وأرمينيا إلى عقود من الزمن، إذ تغذيه قضية “الإبادة الأرمنية” الجدلية بين تركيا من جهة والدول الأوروبية وأرمينيا من جهة أخرى، وسط اتهامات أوروبا المتكرر للقوات العثمانية بارتكاب “إبادة منظمة وممنهجة” بحق 1.5 مليون أرمني خلال الحرب العالمية الأولى.
بينما تنفي تركيا ذلك بقولها، إن ما لا يزيد على 500 ألف أرمني قُتلوا خلال الحرب العالمية الأولى بسبب المجاعة التي ضربت بلدانًا عدة، بالتزامن مع “حرب أهلية” وقعت بين الأرمن المسيحيين والأتراك المسلمين قبيل انهيار الدولة العثمانية.
وتقول الرواية التركية إن عددًا مماثلًا من الأتراك قُتل أيضًا في أثناء الحرب الأهلية بين الأرمن والأتراك.
وكان الرئيس الفرنسي السابق، نيكولا ساركوزي، أثار خلافًا مع تركيا بهذا الشأن، حين طالب تركيا عام 2011 بأن تواجه ماضيها وتعترف بارتكاب “مجزرة” ضد الأرمن، على حد تعبيره.
إلا أن وزير الخارجية التركي حينها، أحمد داوود أوغلو، انتقد تصريحات ساركوزي بقوله، إن “من يعجزون عن مواجهة ماضيهم لأنهم مارسوا فيه الاستعمار على مدى قرون وعاملوا الأجانب كمواطنين من الدرجة الثانية، هؤلاء لا ينبغي لهم أن يعلّموا تركيا دروسًا في التاريخ”.
وفي ظل العلاقات التركية- الأرمنية المتوترة على مدى عقود، قادت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وروسيا مبادرة عام 2009، جرى بموجبها إقناع الطرفين بإقامة علاقات دبلوماسية وفتح الحدود المشتركة أمام التجارة بين البلدين.
–
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :