السلالة الجديدة من “كورونا”.. كيف تنتشر وهل هي أشد فتكًا

  • 2020/12/23
  • 5:46 م

صورة تعبيرية (إنترنت)

أدى الانتشار السريع لسلالة جديدة من فيروس “كورونا المستجد” (كوفيد- 19)، التي ظهرت مؤخرًا، إلى إجبار المملكة المتحدة على إلغاء خططها للاحتفال بعيد الميلاد ورأس السنة الميلادية.

وأعلنت المملكة المتحدة وضع قواعد الاختلاط في الأماكن العامة وفي أثناء احتفالات عيد الميلاد تحت إطار صارم في بريطانيا واسكتلندا وويلز.

كما قال رئيس الوزراء البريطاني، بوريس جونسون، عبر حسابه الرسمي على “تويتر“، “في ظل الأدلة الأولية المتوفرة، وتحت وطأة الخطر المحتمل، أجد نفسي مضطرًا لأن أخبركم بأننا لن نستطيع مواصلة خطط عيد الميلاد”.

فما هذه السلالة الجديدة التي وضعت بريطانيا تحت حجر طيران من عدة دول منها وإليها؟

لماذا تثير هذه الطفرة القلق؟

ترجمت عنب بلدي تقريرًا نشره موقع “بي بي سي”، في 21 من كانون الأول الحالي، شرح ثلاث نقاط تجعل هذه السلالة مثيرة للاهتمام أكثر من سابقاتها، وهي:

1- تستبدل هذه السلالة نفسها بنسخ أخرى من الفيروس بسرعة.

2- لها طفرات تؤثر على الفيروس، ومن المرجح أن تكون مهمة.

3- بعض هذه الطفرات أظهرت بالمختبر بالفعل ازدياد قدرتها على إصابة الخلايا.

كل هذه العوامل مجتمعة أنشأت ملفًا لفيروس من المحتمل أن ينتشر بسهولة أكبر، ولكن ذلك ليس أمرًا حتميًا، إذ يمكن أن تصبح سلالات أخرى من الفيروس أكثر شيوعًا من هذه، ببساطة عبر وجود السلالة في المكان والوقت المناسبين، تمامًا كما حصل في لندن.

ولكن المبرر لقيود المستوى الرابع، هو أنها وُضعت للحد من انتشار السلالة الجديدة من الفيروس.

“التجارب المخبرية مطلوبة، ولكن هل نرغب في الانتظار أيامًا وشهورًا حتى نرى النتائج ونتخذ إجراءات احترازية للحد من انتشار هذه السلالة، غالبًا ليس في ظل هذه الظروف”، بحسب ما نقله الموقع عن بروف نيك لومان من “اتحاد علم الوراثة البريطاني”.

ما سرعة انتشارها؟

عُثر على هذا المتغير للمرة الأولى في أيلول الماضي، وبحلول تشرين الثاني الماضي شُخّصت حوالي ربع الحالات في لندن بالسلالة الجديدة من فيروس “كورونا”، وفي منتصف كانون الأول الحالي تفاقم العدد ليصل إلى ثلثي إجمالي عدد الحالات.

علماء الرياضيات بدؤوا بحساب معدلات انتشار السلالات الأخرى في محاولة منهم لحساب حجم انتشار هذه السلالة.

ولكن تجربة ما يعود على الأشخاص وما يعود على الفيروس نفسه، كل على حدة، أمر صعب للغاية.

وبحسب ما قاله رئيس الوزراء البريطاني، بوريس جونسون، فإن هذه السلالة أكثر عرضة للانتشار بنسبة 70%، وبناء عليه فإن هذا قد يزيد مما يسمى بالرقم “R”، و هو الرقم الدال على ما إذا كان الوباء في ازدياد أو انخفاض.

ظهر الرقم 70% في عرض تقديمي قدمه الدكتور إيريك فولز من جامعة “إمبريال كوليج”، الجمعة الماضي.

وخلال خطابه قال، “إنه من المبكر جدًا أن نجزم، ولكن مما نراه أمامنا الآن، فإن هذا المتغير يزداد بشكل سريع، إنه يزداد أسرع من أي سلالة أخرى، ولكن من المهم جدًا أن نحافظ على مراقبته”.

وأضاف، “لا يوجد رقم محدد، لكن من المحتمل أن تكون هذه السلالة أكثر عدوى من غيرها، العلماء العاملون على الأمر، والذين لم ينشر عملهم للعامة بعد، أخبروني أن الأرقام هي أكثر وأقل من 70% في الوقت ذاته”.

وبما يخص سؤال ما إذا كانت هذه السلالة أكثر عدوى أم لا، قال البروفيسور جونوثان بال، عالم الفيروسات في جامعة “نوتنغهام”، إن حجم الأدلة في المجال العام، للأسف، غير كافٍ لجذب رأي قوي وثابت حول ما إذا كانت هذه السلالة من الفيروس قد أدت إلى ازدياد الانتشار حقًا.

إلى أي مدى انتشرت هذه السلالة؟

يُعتقد أن السلالة الجديدة من الفيروس إما ظهرت عند مريض في المملكة المتحدة، وإما لدى شخص جاء من بلد ما فيه قدرة أقل على مراقبة طفرات الفيروس.

يوجد الفيروس في جميع أنحاء المملكة المتحدة تقريبًا، عدا شمالي أيرلندا، ولكنه يتركز بشكل كبير في لندن، والجزء الجنوبي الشرقي، والشرقي من إنجلترا، ولا يبدو أن هناك أي حالات فعالة في أنحاء أخرى من البلاد.

بيانات صادرة عن “نيكسترين”، وهو مشروع علمي يهتم بمراقبة التعليمات الجينية للفيروس حول العالم، ترجح أن الحالات التي ظهرت في كل من الدنمارك وأستراليا جاءت من المملكة المتحدة.

كما أبلغت النرويج عن ظهور حالات لأشخاص مصابين بالسلالة الجديدة من الفيروس.

هل حدث شيء كهذا من قبل؟

نعم، من حيث البنية الجينية فإن الفيروس الذي ظهر في مدينة ووهان الصينية ليس الفيروس ذاته  في معظم أنحاء العالم.

فالطفرة “D614G” هي التي ظهرت في أوروبا في شباط الماضي، وأصبحت السلالة المسيطرة عالميًا.

طفرة أخرى تسمى “A222V”، انتشرت عبر أوروبا وارتبطت بالعطلة الصيفية التي قضاها بعض الناس في إسبانيا.

ماذا نعرف عن الطفرة الجديدة؟

نُشر تحليل أولي للسلالة الجديدة يعرّف 17 بديلًا مهمًا ومحتملًا للفيروس.

هناك تغيير في نتوءات الفيروس، وهي المفتاح الذي يستخدمه الفيروس ليتمكن من الدخول إلى خلايا الجسم البشري.

إحدى الطفرات وتدعى “N501Y” تستبدل الجزء الأهم في هذه النتوءات المعروف بـ”مجال ربط المستقبلات”.

هنا يتكون أول ارتباط للنتوءات مع سطح الخلايا في أجسامنا، وأي تغييرات من شأنها أن تسهل عملية دخول الفيروس إلى الجسم من المرجح أن تمنح الفيروس ميزة جديدة.

وقال البروفيسور لومان لـ”بي بي سي”، “يبدو وكأنه تكييف مهم جدًا”.

الطفرة الأخرى، وهي خلل بـ”H69/V70″، حيث يتم حذف أو إزالة جزء صغير من النتوءات، وقد ظهر عدة مرات من قبل، بما فيها بشكل شهير في حيوان ابن عرس.

وفي دراسات قام بها البروفيسور رافي غوبتا من جامعة “كامبريدج”، قدّر أن هذه الطفرة تزيد من العدوى بقدر ضعفين في التجارب المخبرية.

و كانت دراسات لنفس المجموعة البحثية، ذكرت أن هذا الجزء المحذوف يجعل الأجسام المضادة التي تأخذ من دماء الأشخاص الناجين أقل قدرة على مهاجمة الفيروس.

و قال البروفيسور غوبتا لـ”بي بي سي”، “هذه السلالة تتزايد بسرعة، وهذا ما جعل الحكومة قلقة، أنا قلق، و معظم العلماء قلقون”.

من أين أتت هذه السلالة ؟

هذه السلالة متحولة للغاية و بشكل غير عادي. التفسير الأكثر احتمالًا هو أن هذا التغيير ظهر في جسم مرضى ذوي جهاز مناعي ضعيف للغاية بحيث لم تستطع أجسامهم مقاومة الفيرس.

وعوضًا عن مقاومته، أصبحت أجسامهم أرضًا خصبة لتحول الفيروس.

هل تجعل هذه السلالة العدوى أكثر فتكاً؟

على الرغم من أن هذا الأمر يحتاج إلى مراقبة أكثر، لا يوجد أي دليل واضح على أن هذه السلالة قد تجعل عدوى الفيروس أكثر فتكًا.

لكن، وبأي حال، فإن تسارع ازدياد العدوى بحد ذاته قد يضع القطاع الصحي في مشاكل كثيرة.

فإذا كان وجود السلالة الجديدة يعني أن أشخاصًا أكثر قد يصابون بالعدوى بشكل أسهل، فإن ذلك يعني أن أشخاصًا أكثر سيحتاجون إلى العناية الطبية في المستشفيات.

هل ينفع اللقاح في علاج هذه السلالة الجديدة من الفيروس؟

تقريبا وبشكل مؤكد، نعم، أو على الأقل حتى الوقت الحالي، فإنه من الواضح أن اللقاح ينفع مع هذه السلالة من الفيروس.

اللقاحات الثلاثة الرائدة جميعها تعمل على تطوير استجابة مناعية ضد النتوءات الفيروسية الموجودة حاليًا.

تدرب اللقاحات الجهاز المناعي على مهاجمة عدة أجزاء مختلفة من الفيروس، لذا على الرغم من أن النتوءات قد تحولت، فإن اللقاح يجب أن يستمر في العمل.

“لكن إن تركنا الفيروس ليتحول أكثر من هذا، فهنا يجب أن نقلق”، قال البروفيسور غوبتا لـ”بي بي سي”.

وأضاف، “من المحتمل أن هذا الفيروس على طريق الهرب من تأثير اللقاح، ولقد بدأ في أخذ الخطوات الأولية لذلك”.

يحدث هروب الفيروسات عادة عندما يتغير الفيروس بحيث يراوغ الأثر الكامل للقاح ويتابع نشر العدوى للبشر، وقد يكون هذا أكثر جزء يدعو للقلق بخصوص ما يحدث مع الفيروس.

السلالة الجديدة هي آخر ما يظهر أن الفيروس يتابع تكيفه مع المحيط، في حين ما زال يصيب المزيد من البشر.

وفي عرض تقديمي للبروفيسور دايفيد روبرتسون من جامعة “غلاسكو” قال، “من المرجح أن الفيروس سيكون قادرًا على تكوين طفرات تستطيع الهروب من مفعول اللقاح”.

وتابع أن هذا الأمر سيضعنا في موقف مشابه للإنفلونزا، إذ يحتاج اللقاح الخاص بالإنفلونزا إلى التطوير بشكل دوري، و”لحسن الحظ اللقاحات التي بين يدينا حاليًا قابلة للتطوير بسهولة”.

مقالات متعلقة

صحة وتغذية

المزيد من صحة وتغذية