بشار الأسد وابن خاله غينادي
أنطون مارداسوف، أحد الكتاب الروس المتخصصين في السياسة السورية لموسكو، كتب في مقالة له عن مآلات التدخل بعد مضي خمس سنوات عليه، أن “سوريا باتت أكثر أهمية لروسيا، من روسيا لسوريا”. من الصعب تحليل السياسة الروسية في سوريا التي لا تقف عند حدود السياسة الخارجية، بل تتشابك فيها القطاعات المختلفة في عالم الأعمال، من الصناعات العسكرية الى شركات النفط والطاقة والاتصالات والصحة والغذاء والزراعة والسياحة والمال والتعليم والتنقيب والأمن وغيرها. ذُكرت أكثر من خمسين شركة روسية في الإعلام السوري إلى الآن، بما خص الاستثمارات أو العقود المحلية، والرقم إلى ازدياد، بما يدل على تشابك واسع النطاق.
ونشاط الشركات الروسية لا يتوقف في هذا القطاعات، وهي أساسية طبعاً، بل يتجاوزها بشكل متواصل، كما حصل الشهر الماضي في قطاع الكهرباء السوري، إذ فازت شركة “ستوري إكسبرت ميدل إيست” الروسية برخصتين لإنشاء محطتي كهرباء تعملان بالطاقة الشمسية.
لكن ماذا يعني ذلك بالنسبة لسوريا؟
أولاً، من الصعب الحديث عن ضغط روسي غير عادي من أجل إيجاد الحد الأدنى في أي عملية انتقالية ضمن مسارات التفاوض بين النظام والمعارضة. الاستثمارات الروسية في سوريا تتطلب ديمومة النظام ومساعدته في هذا المجال. الضغوط الروسية على النظام تكتيكية، ولا تنال من رأسه أو طبيعته الشمولية.
ثانياً، الأوليغارشية الروسية النافذة باتت جزءاً من السياسة السورية. وهذه دينامية جديدة لا بد من التدقيق فيها. أباطرة الاعمال والاحتكار في روسيا يتنافسون في ما بينهم، وأيضاً مع رجال أعمال محليين. هذا الصراع بشقيه قائم، وقد يكون وراء بعض الحملات على رجال الأعمال السوريين الموالين للنظام.
ثالثاً، مع مضي الوقت، وفي ظل التوتر المتزايد في العلاقة بين روسيا والولايات المتحدة، الأرجح أن أهمية سوريا كنافذة فرص ستزداد. ذلك أن الاتجاه الحالي يُظهر دوراً روسياً ناشطاً في إعادة الإعمار، وهذه ورقة أساسية بالنسبة لموسكو في سعيها لجذب استثمارات خليجية. عملياً، ورقة اللاجئين بالنسبة لروسيا اليوم، مفيدة في اطار التفاوض على الحل النهائي في سوريا والتفاوض. وفي حال حصول سوريا على استثمارات في عملية إعادة الاعمار، إما مباشرة من خلال الدول ذاتها، أو عبر رجال أعمال وشركات وسيطة، سيلعب رجال الأعمال الروس النافذين وشركاتهم العملاقة دوراً رئيسياً في تعويض موسكو عن استثمارها في الحرب السورية.
لن يكون هذا الدور أو النفوذ المالي للأوليغارشية الروسية بعيداً عن الوضع الداخلي لبلدهم. بيد أن “المكافآت” السورية جزء من عدة السيطرة البوتينية على هذه المجموعة، وإدارتها. كما أنها تُتيح اتساع دائرة المستفيدين، على طريقة “فتح الأسواق” إبان الحقبة الاستعمارية في القرون الماضية.
واللافت أن لكبار الأباطرة وشركاتهم ممثلين روس في دمشق، لا بد أن يكونوا على اتصال بالقوات العسكرية والأمنية الروسية في سوريا. ومع انحسار دور المحتكرين السوريين من رامي مخلوف الى الجيل الجديد من أمثال سامر فوز وأيمن جابر، علينا توقع نشوء طبقة أعمال روسية في سوريا. عملياً، سنرى نسخاً روسية من رامي مخلوف وجابر وفوز وغيرهم، لكنهم لن يكونوا مدعومين بالمحسوبية وعلاقات النسب القبلية، بل بقواعد عسكرية وأجهزة أمنية ومافيات وفيالق سورية دربتها موسكو.
عملياً، قد نتحدث مستقبلاً ولو على سبيل المزاح، عن بشار الأسد وأولاد خاله الروس، مثل غينادي تيموتشنكو (مالك شركة تحتكر الفوسفات السوري)، وغيره الكثيرين.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :