عنب بلدي – روزنة
الهجرة ليست ظاهرة جديدة أو مستحدثة، وإن كانت الأسباب التي تدفع الأشخاص إلى خيار الهجرة والانتقال متنوعة.
ولا يتوفر تعريف قانوني للمهاجر، بحسب ما أعلنته الأمم المتحدة، لكنها تعرفه أنه شخص أقام في دولة أجنبية لأكثر من سنة بغض النظر عن الأسباب سواء كانت طوعية أو كراهية، وبغض النظر عن الوسيلة المستخدمة للهجرة سواء كانت نظامية أو غير نظامية.
وبحسب اتفاقية عام 1951 بشأن اللاجئين، يُعرف اللاجئ أنه كل شخص “يوجد خارج دولة جنسيته بسبب تخوف مبرر من التعرض للاضطهاد لأسباب تعود إلى عرقه أو دينه أو جنسيته أو انتمائه لعضوية فئة اجتماعية معينة أو آرائه السياسية، وبسبب ذلك التخوف أصبح يفتقر إلى القدرة على أن يستظل بحماية دولته أو لم تعد لديه الرغبة في ذلك”.
برنامج “صدى الشارع” المذاع عبر راديو “روزنة”، طرح موضوع هجرة السوريين بين الماضي والحاضر، والتحديات التي تواجههم في دول المهجر، وما أسباب الهجرة سابقًا وحاليًا.
ووجه البرنامج استطلاعًا للرأي وُجّه لسوريين بشأن ما إذا كانوا يفضلون الهجرة في الوقت الراهن على بقائهم في سوريا.
الصحفي الاستقصائي دحام الأسعد، توقع في اتصال مع البرنامج استمرار هجرة السوريين من بلدهم بسبب تردي الأوضاع الاقتصادية والسياسية، لافتًا إلى صعوبة خروج السوريين من سوريا بسبب إغلاق الحدود مع سوريا ولبنان والأردن والعراق.
وأوضح أن ظاهرة التهريب منتشرة حاليًا بشكل كبير، خصوصًا بسبب سوء الأوضاع، لكنه لفت إلى تخوف البعض من عادات وتقاليد أوروبا وإصراره البقاء في سوريا وتمسكه بالأرض.
أرقام رسمية وثّقتها الأمم المتحدة
في عام 2017، أعلنت الأمم المتحدة وصول عدد المهاجرين إلى 258 مليون شخص، بينما بلغ عددهم نحو 173 مليونًا في عام 2000.
ونوّهت إلى أن نسبة المهاجرين من سكان العالم أعلى بقليل من المسجلة على مدى العقود الماضية، أي ما يزيد على 3.4% في عام 2017، مقارنة مع 2.8% في عام 2000، و2.3% في عام 1980.
وأشارت إلى وجود حوالي 68 مليون مشرد قسريًا، بمن في ذلك أكثر من 25 مليون لاجئ وثلاثة ملايين طالب لجوء وأكثر من 40 مليون مشرد داخليًا.
وتعد الأزمات السياسية والاقتصادية التي تشهدها دول العالم الثالث والحروب والصراعات الأهلية، أبرز ما يدفع المواطنين إلى الهجرة، يضاف إلى ذلك الشعور بالحرمان السياسي، والحرمان من الحق في العيش الكريم، ومغريات الهجرة. ويشكّل الموت والوقوع في يد شبكات الاتجار بالبشر أكثر مخاطر الهجرة غير الشرعية.
الاتفاقية الدولية للاجئين
وقعت، في عام 2018، أكثر من 150 دولة على الاتفاقية المنظمة للتعامل مع قضية الهجرة في مؤتمر دولي برئاسة المغرب وألمانيا، وحضور المستشارة الألمانية، أنجيلا ميركل، وتبنى مؤتمر الأمم المتحدة الاتفاقية، التي لا تعد ملزمة قانونيًا.
ومن الدول التي امتنعت عن التوقيع على الاتفاقية، الولايات المتحدة وأستراليا وست دول في الاتحاد الأوروبي.
تنص الاتفاقية الموقعة في مدينة مراكش المغربية على تنظيم الهجرة بشكل آمن ومنظم وشرعي للحد من الهجرة “غير الشرعية”، مع السعي إلى معالجة أسباب الهجرة من المصدر ذاته، بالإضافة إلى جعل المهاجرين مصدر ازدهار البلدان التي لجؤوا إليها.
وجاء في نص الاتفاقية، “الهجرة جزء من التجربة الإنسانية عبر التاريخ، ونقر بأنها مصدر للازدهار والابتكار والتنمية المستدامة في عالم يتسم بالعولمة، ويمكن تعزيز تلك الآثار الإيجابية من خلال تحسين إدارة الهجرة”.
ويحدد الاتفاق التفاهمات والمسؤوليات المنوطة بكل دولة من الدول المتعاهدة عليه، على أن تكون الهجرة فرصة لتوحيد الجهود الدولية لا للتفريق وبث الخلافات بين الدول.
وبموجب الاتفاقية، سيتم الحد من المخاطر التي يواجهها المهاجرون وطالبو اللجوء عبر رحلتهم إلى الدول الأوروبية والغربية، وذلك من خلال السماح لهم بالهجرة ضمن حاجة كل فرد وبطريقة “مشروعة”.
واعتبر الصحفي دحام الأسعد أن مشاكل كثيرة تعوق موضوع الهجرة والاستقرار في دول الهجرة، منها ما يتعلق بعدم التزام الدول بالاتفاقيات، إضافة إلى تبادل الاتهامات بين الدول بشأن أعداد اللاجئين المستضافين، موضحًا أن الدنمارك كان عليها أن تأخذ 400 ألف لاجئ بينما لم تأخذ سوى 300 لاجئ من سوريا في عام 2019.
نجاحات السوريين في دول اللجوء
قال الناشط والمغترب في ألمانيا لأكثر من عشر سنوات يحيى مدني، إن أوروبا ليست بلد هجرة، موضحًا أن القوانين الأوروبية عملت على الحد من الهجرة.
ولفت إلى أن السوريين في ألمانيا لم يشكلوا جالية بسب وجود حوالي 11 ألف سوري في ألمانيا، فالرقم ضئيل وعادة تكون الجالية أكبر من ناحية العدد.
وأضاف أن النجاحات فردية في ألمانيا لكل شخص على حدة.
وتحدث يحيى عن وجود 7000 طبيب سوري حتى عام 2010 مسجلين أطباء ومشاركين في القطاع الطبي، إضافة إلى سوريين شاركوا في الحياة البرلمانية والنشاطات السياسية والاجتماعية في ألمانيا.
دوافع الهجرة
قالت المغتربة السورية والمولودة في إسبانيا فضيلة شامي، إن “الهجرة من سوريا بدأت من قبل الخمسينيات والأربعينيات، بسبب الفقر والظروف الاقتصادية الصعبة في سوريا وطلبًا لتحسين المعيشة”.
وفرّقت فضيلة بين الهجرة واللجوء، بمعنى أن المهاجر يفكر بالعود إلى بلده بعد تحسين وضعه، أما اللجوء برأيها فهو هروب من البلد ليس باختيار الشخص بل بالإجبار.
الفرق بين الهجرة واللجوء
تُعرف الهجرة في علم السكان بأنها الانتقال بشكل فردي أو جماعي من موقع إلى آخر بحثًا عن وضع أفضل اجتماعيًا أو اقتصاديًا أو دينيًا أو سياسيًا.
وتعد الهجرة السرية أو غير القانونية أو غير الشرعية أو غير النظامية ظاهرة عالمية موجودة في الدول المتقدمة، كالولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، وفي الدول النامية بآسيا، كدول الخليج ودول المشرق العربي، وفي أمريكا اللاتينية.
بينما النزوح حركة الفرد أو المجموعة من مكان إلى آخر داخل حدود الدولة، ويتم النزوح رغمًا عن إرادة النازح بسبب مؤثر خارجي مهدد للحياة، كالمجاعة أو الحرب أو الجفاف أو التصحر أو أي كوراث أخرى تدفع النازح إلى مغادرة موقعه والتوجه إلى موقع آخر، طمعًا في الخلاص من تلك الظروف.
أُعدت هذه المادة ضمن اتفاقية التعاون بين صحيفة عنب بلدي وراديو روزنة.
–