تتالت العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة الأمريكية بعد توقيع الرئيس الأمريكي المنتهية ولايته، دونالد ترامب، على قانون “قيصر” بقاعدة “آنروز” الجوية العسكرية، في 21 من كانون الأول 2019، وطالت 90 شخصًا ومؤسسة وكيانًا داعمًا للنظام خلال عام، وهي جزء من عقوبات فُرضت على النظام منذ 2011 نتيجة تعاطيه مع المظاهرات السلمية، وقصفه المناطق المدنية.
وقبيل الذكرى الأولى لتوقيع “قيصر”، نشرت السفارة الأمريكية في دمشق عبر حسابها في “تويتر”، الأحد 20 من كانون الأول، أن ترامب وقّعه “ليصبح قانونًا لمحاسبة بشار الأسد ونظامه على الفظائع التي ارتكبوها في سوريا”.
وقالت السفارة، إن الولايات المتحدة فرضت منذ توقيعه عقوبات على “أكثر من 90 من داعمي الأسد لإدامة حرب وحشية لا داعي لها”.
وتوعدت السفارة الأمريكية بمواصلة هذه العقوبات حتى ينهي النظام “حملته العنيفة ضد الشعب السوري، وحتى تتخذ دمشق خطوات لا رجعة فيها نحو حل سياسي يتماشى مع قرار مجلس الأمن رقم 2254″، معتبرة أن القرار “الطريق الوحيد القابل للحياة لمستقبل مستقر لجميع السوريين”.
One year ago, President Trump signed the Caesar Act into law to hold Bashar al-Assad and his regime accountable for the atrocities they have carried out in Syria. Since then, we've sanctioned over 90 of Assad's enablers for perpetuating a needless, brutal war.
— U.S. Embassy Syria (@USEmbassySyria) December 20, 2020
وفي 3 من كانون الأول الحالي، قال المبعوث الأمريكي الخاص إلى سوريا، جويل ريبورن، خلال مؤتمر صحفي حضرته عنب بلدي، إن الولايات المتحدة ستستمر بتطبيق برنامج العقوبات، وهناك المزيد خلال الأسابيع المقبلة، مشيرًا إلى وجود فريق قوي في واشنطن يخطط لزيادة العقوبات دومًا.
وأضاف ريبورن، “نعمل دومًا على تطوير عقوباتنا، وسيكون للعقوبات أثر قوي على تحقيق التغيير السياسي لإنهاء النزاع (…) ولن نساعد الحكومة السورية بأي جهود لإعادة الإعمار، وسنستمر بفرض العقوبات، ومنها (قيصر) الذي يركز على المحاسبة على انتهاكات النظام”.
ولا تمنع العقوبات وصول المساعدات الإنسانية إلى سوريا، ولدى الإدارة استثناءات واضحة، وحوّلت الولايات المتحدة 12 مليار دولار كمساعدات إنسانية للشعب السوري، حسب ريبورن.
وكان مجلس الشيوخ الأمريكي أقر “قيصر” في 17 من كانون الأول 2019، بعد أربع سنوات على تقديمه، إذ وصل عن طريق إدراجه مع قانون “تصريح الدفاع الوطني” المتعلق بإقرار ميزانية وزارة الدفاع الأمريكية.
وسمي نسبة إلى الضابط السوري المنشق “قيصر”، الذي سرب 55 ألف صورة، عام 2014، لـ11 ألف معتقل قُتلوا تحت التعذيب في سجون النظام.
خمس حزم من “قيصر” تضيّق الخناق على النظام
وشملت الحزمة الأولى من العقوبات التي لحقت إقرار قانون “قيصر”، في 17 من حزيران الماضي، 39 شخصية وكيانًا في سوريا، من بينها رئيس النظام السوري، بشار الأسد، وزوجته أسماء الأسد، وشقيقه ماهر وزوجته منال جدعان.
أما الحزمة الثانية، في 29 من تموز الماضي، فشملت حافظ الأسد نجل رئيس النظام السوري، وزهير توفيق الأسد ونجله كرم الأسد، إضافة إلى “الفرقة الأولى” في قوات النظام السوري.
كما أدرجت رجل الأعمال وعضو غرفة “تجارة دمشق” وسيم أنور القطان، وشركاته، وهي “مروج الشام للاستثمار والسياحة”، و”آدم للتجارة والاستثمار”، و”إنترسكشن” المحدودة.
وفي 20 من آب الماضي، فرضت الولايات المتحدة الأمريكية عقوبات جديدة ضد النظام السوري، شملت قياديين في حزب “البعث” وضباطًا في قوات النظام، إضافة إلى قياديين عسكريين متقاعدين كان لهم دور في ارتكاب الجرائم.
وفرضت الحزمة الرابعة، في 30 من أيلول الماضي، عقوبات على 17 من شخصيات النظام السوري العسكرية والحكومية ورجال الأعمال الفاسدين، وشركات تستثمر الصراع السوري.
كما فرضت حزمة خامسة، في 9 من تشرين الثاني الماضي، شملت 11 كيانًا وثمانية أفراد ضمن قائمة العقوبات الأمريكية الخاصة بسوريا.
ويشمل قانون العقوبات كل من يقدم الدعم العسكري والمالي والتقني للنظام السوري، من الشركات والأشخاص والدول، حتى روسيا وإيران، ويستهدف كل من يقدم المعونات الخاصة بإعادة الإعمار في سوريا.
ويدرس القانون شمل البنك المركزي السوري بالعقوبات المفروضة، مع وضعه لائحة بقيادات ومسؤولي النظام السوري المقترح فرض العقوبات عليهم، بدءًا من رئيس النظام، بتهمة انتهاكات حقوق الإنسان.
وتضم فقراته البحث في أفضل السبل لتقديم المساعدة للسوريين، مع تقديم الدعم للكيانات المعنية بجمع الأدلة للمحققين بجرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية الحاصلة في سوريا منذ آذار عام 2011.
ويمتاز هذا القانون عما سبقه بسرعة فرضه للعقوبات وقلة حجم الأدلة المطلوبة لتفعيله، وربطه التقدم بمجال احترام حقوق الإنسان وتطويرها في سوريا مع إمكانية رفع العقوبات.
مشروع قانون جديد يضاف إلى قانون “قيصر”
ومن أحدث خطوات فرض العقوبات على النظام السوري، مشروع القرار الأمريكي الصادر في 10 من كانون الأول الحالي.
ويتضمن المشروع مجموعة من البنود التي تضيّق الخناق على رئيس النظام السوري، بشار الأسد، بشكل خاص، بحظر اعتراف الحكومة الأمريكية بالأسد شرعيًا في الانتخابات السورية.
وقال مدير المركز السوري- الأمريكي، زكي اللبابيدي، في حديث إلى عنب بلدي الأسبوع الماضي، إن من أهم نقاط مشروع القرار الأمريكي الجديد، فرض عقوبات على دول ومسؤولين يحاولون تطبيع العلاقات مع سوريا، إضافة إلى فرض عقوبات على مصارف وأشخاص يساعدون النظام ماليًا، وعلى مديري السجون التي تحصل فيها عمليات تعذيب المعتقلين.
كما يطالب المشروع بتطبيق قانون “قيصر” بحزم أكثر، وبتقرير عن جرائم الحرب ضد الإنسانية التي ارتكبت في سوريا، وبتقرير عن ممتلكات بشار الأسد.
ويتضمن في أحد بنوده المطالبة بإقامة دولة ديمقراطية في سوريا، مع إمكانية إقامة منطقة آمنة ومنطقة حظر جوي، ووضع خطة لإقامة منطقة اقتصادية في المناطق المحررة.
ومن أهم بنوده، إزالة نظام بشار الأسد ووضع حكومة ديمقراطية، فإذا طُبّق مشروع القانون، سيؤثر حكمًا على حكومة النظام، بحسب اللبابيدي.
وأوضح مدير “من أجل سوريا”، كنان رحماني، في حديث سابق إلى عنب بلدي، أن القانون يمثل في بعض أجزائه الرأي العام بين صنّاع القرار في الولايات المتحدة الأمريكية، وأن حكم الأسد لا يحمل أي شرعية، والانتخابات المقبلة في سوريا في 2021 ستكون غير شرعية أيضًا، دون حدوث أي انتقال سياسي أو مراقبة دولية للانتخابات السورية.
ويرى رحماني، وهو من بين الشخصيات التي عملت على مشروع القانون، أن مشروع القانون بحد ذاته لن يؤثر حاليًا بشكل مباشر على النظام، ولكنه تهديد له ولحلفائه روسيا وإيران، وتأكيد على إمكانية الحكومة الأمريكية على معارضة الانتخابات وزيادة الضغط من خلال فرض عقوبات وقوانين على النظام، “لكي يفهم أن الانتخابات لن تنهي العملية السياسية في سوريا”.
وإذا لم تطبق كل من روسيا والنظام القرار الأممي “2254”، فمن غير الممكن أن تعترف أمريكا ببشار الأسد كرئيس إذا فاز بالانتخابات، بحسب رحماني.
–