الرقة – حسام العمر
ازدادت مساحة زراعة الزيتون في الرقة بشكل ملحوظ خلال السنوات التي سبقت الحرب، وحققت المحافظة نوعًا من الاكتفاء الذاتي بإنتاجه، لكن هذا الاكتفاء يواجه اليوم ارتفاع تكاليف زراعة وجني وعصر هذه الثمرة.
ووصل تعداد أشجار الزيتون في عموم المحافظة إلى مليون و89 ألف شجرة، وكانت أغلبيتها مروية بسبب تعدد مشاريع الري في الأرياف القريبة من نهر “الفرات”.
ولجأ فلاحو الرقة إلى زراعة الأشجار المثمرة، مثل الحمضيات والفواكه والزيتون، حتى اكتفت من بعض الثمار وبدأت بتصديرها إلى محافظات أخرى، مثل الحسكة والقامشلي، حسبما قال التاجر صلال الهجر لعنب بلدي، لكن تلك الحال لم تدم.
مزارعو الزيتون يشتكون من ارتفاع التكاليف وانخفاض الإنتاج
اشتكى العديد من فلاحي الرقة من ارتفاع تكاليف محصول الزيتون للعام الحالي، بسبب غلاء أجور اليد العاملة الذي تزامن مع هبوط قيمة الليرة السورية أمام الدولار.
يملك المزارع عبد الغفور العلي مزرعة تضم 300 شجرة زيتون في قرية السلحبية بريف الرقة الغربي، وحسبما قال لعنب بلدي، فإنه لا يرى أن سعر مبيع الزيتون يتناسب مع التكاليف التي تتطلبها زراعة المحصول.
أسعار الزيتون تختلف بحسب النوع، إذ تبدأ من 500 ليرة سورية لـ”الخشابي”، و600 ليرة لـ”النيبالي”، وأعلى الأنواع سعرًا هو “الزياتي”، الذي يتميز بصغر حجمه وكثرة نسبة الزيت في حباته، ويتراوح سعره ما بين ألف و1200 ليرة سورية للكيلوغرام الواحد، وفي حين تصل تكلفة اليد العاملة إلى 65 ليرة سورية لقاء قطف كل كيلوغرام من الثمار، يعتبر عبد الغفور أسعار المبيع “منخفضة”.
وأضاف عبد الغفور أن لجوء بعض الفلاحين إلى عصر الزيتون في المعاصر المنتشرة في الرقة اصطدم بانخفاض نسبة إنتاج الزيت، التي انخفضت من 20% من وزن الزيتون إلى 13% في العام الحالي، إذ أنتجت كل ثمانية كيلوغرامات من الزيتون كيلوغرام زيت واحدًا، في حين كانت كل خمسة كيلوغرامات تكفي لإنتاج كيلو زيت العام الماضي.
ويرجع عبد الغفور سبب قلة الإنتاجية في العام الحالي إلى تأخر هطول الأمطار، واستمرار ارتفاع الحرارة في أثناء وصول الزيتون إلى مرحلة القطاف.
معاصر الزيتون تضاعف أجور العصر
مع ضعف الإنتاج، ضاعفت معاصر الزيتون الأجور التي تتقاضاها لقاء العصر، إذ وصلت أجور العصر في العام الحالي إلى 65 ليرة للكيلو، بينما كانت 20 ليرة العام الماضي.
وعزا المشرف على معصرة للزيتون في الرقة صالح العقلة، أسباب الارتفاع إلى غلاء أجور العمال، التي ارتفعت من 200 ليرة سورية لقاء كل ساعة عمل إلى 700 ليرة في العام الحالي، إضافة إلى غلاء أسعار المحروقات وقطع الصيانة، التي تشترى بالدولار لأن أغلبيتها مستوردة من الخارج.
أما “لجنة الزراعة والري”، التابعة لـ”مجلس الرقة المدني”، فلم تقدم للفلاحين سوى المحروقات بسعر مدعوم، بـ100 ليرة سورية لليتر الواحد، لري الأشجار التي تسقى عن طريق المياه الجوفية، كما قدمت لهم بعض المبيدات الحشرية والأسمدة، بعد أن يحصل المزارع على ترخيص زراعي من اللجنة.
وأوضح دحام النجم، وهو عضو “لجنة الزراعة والري”، أن الإمكانيات المتوفرة لدى اللجنة “محدودة”، وتحاول من خلالها تأمين احتياجات الفلاحين ومحاصيلهم الزراعية، لكن هذا لا يعني أن اللجنة قادرة على سد كل تلك الاحتياجات.
وحاول بعض المزارعين، خلال العقدين الأخيرين، إعادة ترتيب الواقع الزراعي في الرقة بما يتناسب مع قلة المياه في المناطق التي لا تصل إليها مشاريع الري، وتوقف بعضها نتيجة قلة المياه الجوفية مع انخفاض مستوى نهر “الفرات” وسط الحديث عن بناء تركيا عددًا من السدود عليه خلال الفترة ذاتها، وارتفاع تكاليف زراعة المحاصيل الموسمية، مثل القمح والقطن.