إدارة ترامب تترك “إرثًا سوريًا” لبايدن

  • 2020/12/20
  • 8:58 ص

الرئيس المنتخب الأمريكي جو بايدن - (رويترز)

عنب بلدي – ديانا رحيمة

تعمل إدارة الرئيس الأمريكي المنتهية ولايته، دونالد ترامب، على تكثيف جهودها، بإنزال أكبر كم من العقوبات على حكومة النظام السوري، قبل انتقال السلطة إلى الإدارة الأمريكية الجديدة، للرئيس الأمريكي الجديد، جو بايدن.

وكان مشروع القرار الأمريكي، في 10 من كانون الأول الحالي، من أحدث خطواتها تجاه حكومة النظام، ويتضمن مجموعة من البنود التي تضيّق الخناق على رئيس النظام السوري، بشار الأسد، بشكل خاص، بحظر اعتراف الحكومة الأمريكية بالأسد شرعيًا في الانتخابات السورية.

وقال مدير المركز السوري- الأمريكي، زكي اللبابيدي، لعنب بلدي،  إن من أهم نقاط مشروع القرار الأمريكي، فرض عقوبات على دول ومسؤولين يحاولون تطبيع العلاقات مع سوريا، إضافة إلى فرض عقوبات على مصارف وأشخاص يساعدون النظام ماليًا، وعلى مديري السجون التي تحصل فيها عمليات تعذيب المعتقلين.

كما يطالب المشروع بتطبيق قانون “قيصر” بحزم أكثر، وبتقرير عن جرائم الحرب ضد الإنسانية التي ارتكبت في سوريا، وبتقرير عن ممتلكات بشار الأسد.

ويتضمن في أحد بنوده المطالبة بإقامة دولة ديمقراطية في سوريا، مع إمكانية إقامة منطقة آمنة ومنطقة حظر جوي، ووضع خطة لإقامة منطقة اقتصادية في المناطق المحررة.

ومن أهم بنوده، إزالة نظام بشار الأسد ووضع حكومة ديمقراطية، فإذا طُبّق مشروع القانون، سيؤثر حكمًا على حكومة النظام، بحسب اللبابيدي.

متى يدخل القرار حيز التنفيذ؟

إذا مرر مجلس النواب الحالي مشروع القانون، ولم يوافق عليه مجلس الشيوخ، قبل نهاية العام الحالي، فيجب أن يعاد تمريره من قبل مجلس النواب الجديد الذي سيتم انتخابه العام المقبل، ليحال إلى مجلس الشيوخ بعدها، ويوافق عليه الرئيس الأمريكي بعدها، فيدخل حيز التنفيذ، بحسب اللبابيدي.

وقال مدير “من أجل سوريا”، كنان رحماني، إن “هذا القانون يمثل في بعض أجزائه الرأي العام بين صنّاع القرار في الولايات المتحدة الأمريكية. إن حكم الأسد لا يحمل أي شرعية، والانتخابات المقبلة في سوريا في 2021 ستكون غير شرعية أيضًا، دون حدوث أي انتقال سياسي أو مراقبة دولية للانتخابات السورية”.

ويرى رحماني، وهو من بين الشخصيات التي عملت على مشروع القانون، أن المشروع بحد ذاته لن يؤثر حاليًا بشكل مباشر على النظام، ولكنه تهديد له ولحلفائه روسيا وإيران، وتأكيد على إمكانية الحكومة الأمريكية على معارضة الانتخابات وزيادة الضغط من خلال فرض عقوبات وقوانين عليه، “لكي يفهم أن الانتخابات لن تنهي العملية السياسية في سوريا”.

وإذا لم تطبق كل من روسيا والنظام القرار الأممي “2254”، فمن غير الممكن أن تعترف أمريكا ببشار الأسد كرئيس إذا فاز بالانتخابات، بحسب رحماني.

وقدم القانون النائب الأمريكي جو ويلسون، وهو نائب من ولاية ساوث كارولينا الأمريكية، ورئيس المجلس القومي للجنة “الدراسة الجمهورية”، التي اقترحت ألا يكون هناك اعتراف بالنظام في سوريا.

ويوجد دور كبير للسوريين من منظمات المجتمع المدني بواشنطن في تقديم مقترحات هذه اللجنة، وجاء القانون نتاج عمل هذه المجموعات.

ضغوط مستمرة

وكانت هذه المنظمات دفعت إلى تعديل قانون “مكافآت من أجل العدالة” التابع لبرنامج الخارجية الأمريكية، الذي مرره مجلس النواب الأمريكي، في 18 من كانون الأول الحالي، ليسمح التعديل بالإبلاغ عن ممولي وداعمي الأنظمة التي تقوم بانتهاكات لعقوبات الولايات المتحدة الأمريكية.

وقال الدبلوماسي السوري السابق بسام بربندي، في حديث سابق إلى عنب بلدي، إن القانون المعدل يخاطب أي شخص لديه معلومات عن ممتلكات أو أموال الأشخاص والشركات الموجودة في قوائم العقوبات.

وأوضح بربندي أن صاحب المعلومات سيحصل على جائزة مالية إذا كشف عن الأصول المالية المخفية مع الحفاظ على سرية الاسم.

ودفع الدبلوماسي السوري السابق، الذي عمل في السفارة السورية بواشنطن، باتجاه تعديل القرار، بحسب النائب جو ويلسون.

أشدها قانون “قيصر”

لم يكن التعامل جديًا مع القضية السورية فيما يخص صور الضابط المنشق “قيصر” في وقت تولي أوباما رئاسة الولايات المتحدة رغم عرض الصور في الكونجرس، بحسب ما قاله المتحدث باسم “هيئة التفاوض السورية”، الدكتور يحيى العريضي، في حديث سابق إلى عنب بلدي.

وأضاف أنه مع تولي دونالد ترامب الرئاسة، مُرر قانون “قيصر” للحفاظ على حياة السوريين عبر هذا القانون، الذي صار فيما بعد جزءًا من المنظومة الأمريكية لحماية السوريين.

وقانون “قيصر” هو قانون وقّعه رئيس الولايات المتحدة الأمريكية، دونالد ترامب، في كانون الأول 2019، بعد أن كان مشروعًا أقره مجلس النواب الأمريكي، في 15 من تشرين الثاني 2016.

وينص القانون، الذي بدأ تطبيقة في 17 من حزيران الماضي، على معاقبة كل من يقدم الدعم للنظام السوري، ويلزم رئيس الولايات المتحدة بفرض عقوبات على الدول الحليفة للأسد.

وبموجب العقوبات، صار أي شخص يتعامل مع النظام السوري معرضًا للقيود على السفر أو العقوبات المالية بغض النظر عن مكانه في العالم.

وقال المبعوث الأمريكي الخاص إلى سوريا، جويل ريبورن، خلال مؤتمر صحفي حضرته عنب بلدي، في 3 من كانون الأول الحالي، إن هناك اتفاقًا واسعًا في واشنطن حول الجهود المبذولة لمحاولة تحقيق الانتقال السياسي في سوريا، بما في ذلك العملية السياسية بجنيف، بغض النظر عن الإدارة القائمة في البيت الأبيض.

وأضاف ريبورن، “سياستنا المتعلقة بسوريا إيجابية، ولها وقع إيجابي، وهي قائمة على تناسق دولي واضح ومتوافق مع قرار مجلس الأمن (2254)”.

في أعقاب اللجنة الدستورية

تأتي التحركات الأمريكية المتزايدة تجاه النظام السوري عقب انتهاء الجولة الرابعة من اجتماعات اللجنة الدستورية، التي من الصعب جدًا أن تصل إلى نقطة توافقية، بحسب ما قاله مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى سوريا، غير بيدرسون، في 16 من كانون الأول الحالي.

وبدأت اللجنة الدستورية اجتماعاتها في 30 من تشرين الثاني الماضي، وانتهت في 4 من كانون الأول الحالي.

واتهم فيها وفد النظام اللاجئين خارج سوريا بـ”الدعارة وتزويج الفتيات القاصرات للخلاص من لقمة العيش”، إضافة إلى استغلال اللاجئين ببيع أعضائهم، كما طرح ثمانية مبادئ وصفها بـ”الوطنية”، و”سرديات الهوية الوطنية” و”المشروع الانفصالي”.

بينما طرح وفد المعارضة مبادئ سيادة الدولة وفصل السلطات، والمواطنة المتساوية، ومقترحات دستورية حول ضمان المواطنة المتساوية، والمبادئ الدستورية والوطنية، كالسيادة الوطنية وأهمية الدستور، وعقد اجتماعي جديد ينظم العلاقة بين الدولة والسوريين، وتحدث عن مشكلة اللاجئين السوريين في لبنان وأعدادهم، وعن المعتقلين في سجون النظام.

وقال ريبورن في المؤتمر الصحفي الذي حضرته عنب بلدي، عن السيناريوهات التي من الممكن حدوثها في حال وصلت اللجنة الدستورية إلى طريق مسدود، “إن الولايات المتحدة ستستمر بالضغط السياسي والاقتصادي على النظام وحلفائه حتى يرى النظام بأنه ليس لديه الخيار إلا بالرجوع إلى طاولة المفاوضات”.

وأكد المسؤول الأمريكي أن أي طرف سيلعب دورًا سلبيًا فيما يخص منع تشكيل حكومة جديدة في سوريا أو الوصول إلى انتخابات جديدة يجب إيقافه، مبينًا أن بلاده تستخدم حاليًا هذه السلطة لفرض عقوبات لمنع أي أحد من التأثير على عمل اللجنة الدستورية التي تشكل عملية سياسية جديدة.

الغاية الأمريكية من هذه الضغوط

يرى مدير المركز السوري- الأمريكي، زكي اللبابيدي، أن الجمهوريين في مجلس النواب يحاولون تقييد يدي بايدن قدر الإمكان في حال فكر بإعادة العلاقات مع إيران، وعدم تطبييق نظام “قيصر” بالشكل المطلوب، رغم أن اللبابيدي يستبعد تساهل حكومة بايدن مع النظام، وضمن إطار العقوبات الكثيرة التي فُرضت على إيران في عهد ترامب.

وأعلن بايدن، في 2 من كانون الأول الحالي، عن تمسكه بالاتفاق النووي كنقطة انطلاق لمتابعة المفاوضات مع إيران، ورفع العقوبات التي فرضها الرئيس الأمريكي الحالي، دونالد ترامب.

وزير دفاع لا يرضي السوريين

واختار بايدن، في 8 من كانون الأول الحالي، الفريق الأول المتقاعد، لويد أوستن، البالغ من العمر 67 عامًا، وزيرًا للدفاع في إدارته، حسبما أفاد مصدران مطلعان على القرار لشبكة “Poltilico” ، ما أثار مخاوف من تكرار سياسة أوباما في سوريا، الذي يعاب عليه ترك النظام السوري لتجاوز ما سمّاها الرئيس الأمريكي آنذاك “الخطوط الحمر”.

وفي عام 2015، أظهر مقطع فيديو جرى تداوله في مواقع التواصل على نطاق واسع، أوستن عندما كان مسؤولًا عن القيادة المركزية في الشرق الأوسط، يتعرض للتوبيخ من رئيس لجنة القوات المسلحة في مجلس الشيوخ حينها، جون ماكين، لفشله في دعم تدابير حماية المدنيين السوريين أو تطوير استراتيجية قابلة للتطبيق، لحماية مصالح الولايات المتحدة في المنطقة.

وقال ماكين لأوستن، “لم أرَ قط جلسة استماع منفصلة عن الواقع“، في إشارة إلى ابتعاد كلامه عن الحقيقة.

وفي رد على سؤال ماكين حول رأي أوستن بفرض حظر طيران في سوريا التي كانت تشهد حربًا وقصفًا من طيران النظام على مناطق المعارضة، كانت إجابة أوستن (تعلو وجهه علامات الارتباك) “لا أوصي بهذا عند هذه النقطة”، ليرد عليه ماكين متهكمًا “لا توصي بهذه النقطة بعد أربع سنوات (حرب)”.

في تلك الشهادة أيضًا، اعترف أوستن بأن برنامج التدريب والتجهيز التابع لشركة “Centcom”، والذي تبلغ تكلفته 500 مليون دولار للمعارضين السوريين، قد أنتج فقط “أربعة أو خمسة” مقاتلين مدربين نجوا من المعركة الأولى.

وعليه كانت سياسة إدارة أوباما كما تم تنفيذها جزئيًا من قبل أوستن، “فشلًا ذريعًا”، وفق ماكين.

خمس حزم أمريكية من “قيصر” تضيّق الخناق على النظام السوري

وكانت الولايات المتحدة الأمريكية بدأت بفرض عقوبات اقتصادية بموجب قانون “قيصر” على النظام السوري، في 17 من حزيران الماضي.

وشملت الحزمة الأولى 39 شخصية وكيانًا في سوريا، من بينها رئيس النظام السوري، بشار الأسد، وزوجته أسماء الأسد، وشقيقه ماهر وزوجته منال جدعان.

أما الحزمة الثانية، في 29 من تموز الماضي، فشملت حافظ الأسد نجل رئيس النظام السوري، وزهير توفيق الأسد ونجله كرم الأسد، إضافة إلى “الفرقة الأولى” في قوات النظام السوري.

كما أدرجت رجل الأعمال وعضو غرفة “تجارة دمشق” وسيم أنور القطان، وشركاته، وهي “مروج الشام للاستثمار والسياحة”، و”آدم للتجارة والاستثمار”، و”إنترسكشن” المحدودة.

وفي 20 من آب الماضي، فرضت الولايات المتحدة الأمريكية عقوبات جديدة ضد النظام السوري، شملت قياديين في حزب “البعث” وضباطًا في قوات النظام، إضافة إلى قياديين عسكريين متقاعدين كان لهم دور في ارتكاب الجرائم.

وفرضت الحزمة الرابعة، في 30 من أيلول الماضي، عقوبات على 17 من شخصيات النظام السوري العسكرية والحكومية ورجال الأعمال الفاسدين، وشركات تستثمر الصراع السوري.

كما فرضت حزمة خامسة، في 9 من تشرين الثاني الماضي، شملت 11 كيانًا وثمانية أفراد ضمن قائمة العقوبات الأمريكية الخاصة بسوريا.

وينص قانون “قيصر” على تجميد مساعدات إعادة الإعمار، وفرض عقوبات على النظام السوري وشركات متعاونة معه ما لم يحاكم مرتكبو الانتهاكات.

ويستهدف أيضًا كيانات روسية وإيرانية ولبنانية تدعم أو تتعاون مع النظام السوري.

مقالات متعلقة

سوريا

المزيد من سوريا