أصدر مركز “عمران للدراسات” مشروعًا بحثيًا تركز حول ملف اللاجئين السوريين، واحتمالية عودتهم إلى المناطق التي هُجروا منها في سوريا، والعوامل التي تحكم قرار عودتهم إلى مناطقهم الأصلية.
وأُعلن عن المشروع الذي حمل اسم “مؤشرات الاستقرار وتأثيرها على عودة اللاجئين والنازحين” في مدينة اسطنبول، الخميس 17 من كانون الأول، بحضور ممثلين عن الباحثين الذين شاركوا في إعداد المشروع، وممثلين عن منظمات حقوقية وإغاثية، ومدير منظمة “الهلال الأحمر التركي”، كرم كينيك، والمنسق العام لهيئة اللاجئين في تركيا، خليل أفشاراتا.
واُفتتحت الندوة التي حضرتها عنب بلدي عبر تطبيق “زووم”، بطرح الرؤية التركية حول موضوع البحث، إذ قال المنسق العام لهيئة اللاجئين في تركيا، إن بلاده تؤمن بـ”العودة الآمنة والطوعية” كسبيل لحل ملف اللجوء السوري من خلال ثلاثة أركان هي: إعادة توطين اللاجئين، والعودة الآمنة إلى سوريا، والاندماج في المجتمعات المضيفة ولو كان مؤقتًا.
بدء حفل اشهار مشروع "مركز عمران" البحثي، والذي يحمل عنوان
"مؤشرات الاستقرار وتأثيرها على عودة اللاجئين والنازحين"
وبإمكانكم متابعة البث المباشر على الرابط التالي:https://t.co/wWdT8D8bQF— عمران للدراسات (@OmranDirasat) December 17, 2020
وتحدث أفشاراتا عن وجود ثلاثة ملايين ونصف المليون لاجئ سوري في تركيا، بعضهم يقيم بصورة “غير قانونية”، بالتزامن مع تسوية بلاده وضع 16 ألفًا منهم خلال العام الحالي.
في المقابل، قال مدير منظمة “الهلال الأحمر التركي”، إن “1.1 مليون سوري يعيشون في مخيمات غير نظامية شمال غربي سوريا”، وما يجعل الأمور معقدة هو أن المنطقة لا تزال تواجه خطر العمليات الأمنية رغم اتفاق وقف إطلاق النار.
“(الهلال الأحمر التركي) قدم أو يحاول أن يقدم مشاريع إسكان في شمالي إدلب، بالتعاون مع (آفاد)، وهي منظمة غير حكومية تركية أخرى تقوم ببناء منازل من البلوك ووحدات سكنية بحوالي 40 مترًا مربعًا (…) ومجموع المستفيدين كان 20 ألفًا يعيشون في هذه الوحدات السكنية”، بحسب ما قاله كينيك خلال كلمته في الندوة.
مضمون المشروع البحثي
اعتبر الرئيس التنفيذي لـ”المنتدى السوري”، غسان هيتو، في كلمة سريعة خلال الندوة، أن “عودة اللاجئين والنازحين هي مطلب واستحقاق وطني”، موضحًا بذلك أهمية المشروع البحثي بهذا الشأن.
وتحدث المدير التنفيذي لمركز “عمران للدراسات”، عمار قحف، عن فكرة المشروع البحثي التي بدأت قبل عامين برصد واقع التفجيرات والاغتيالات في مناطق سيطرة فصائل المعارضة السورية، قبل أن تتطور فكرة المشروع لتشمل مناطق النفوذ الثلاث في سوريا (النظام السوري، والمعارضة، والإدارة الذاتية)، وتم العمل على المشروع البحثي لمدة عام كامل، وفق قحف.
وحمل المشروع أربع أوراق بحثية، برزت في الورقة الأولى أسئلة الاستقرار الأمني في سوريا كأحد المرتكزات المهمة والممكِنة لكل من التعافي المبكر والعودة الآمنة للاجئين والنازحين.
إذ تتسم العلاقة بين الاستقرار الأمني والتعافي المبكر بأنها علاقة عضوية في بلدان ما بعد النزاع، وعلاقة تبادلية في حالات الانتقال والتحول السياسي، إلا أن الثابت في معادلة تحقيق الأمن والاستقرار يتمثل بضرورة وجود مناخ سياسي جديد يجفف منابع ومسببات النزاع.
وأوضحت الورقة الأولى “تدهور عوامل الحماية، وتعدد المرجعيات، وعدم كفاءة الفواعل الأمنية في عدة مناطق سورية” وذلك بسبب اتساع الخرق الأمني، وارتفاع عدد الضحايا من المدنيين نتيجة تدني قوة البنى الأمنية في سوريا.
وأوصت الورقة بتحفيز صنّاع القرار في الدول التي تستضيف لاجئين سوريين من أجل عدم التساهل في سياسات العودة، إذ ركزت المعطيات على تدهور مؤشر العودة الآمنة، وبالتالي ضرورة قيام حكومات هذه الدول بوضع حزم من الشروط القانونية والإدارية والسياسية التي تكفل توفير البيئة الآمنة، وفرضها على النظام السوري.
بينما تضمنت الورقة الثانية من البحث مؤشرات الاستقرار الأمني في سوريا بالاستناد إلى رصد عمليات الاغتيالات والاعتقالات التعسفية والتفجيرات، خلال فترة النصف الثاني من عام 2019، والنصف الأول من عام 2020.
أما الورقة الثالثة فتضمنت واقع علاقة العلاقات المدنية- العسكرية بأنها خضوع القوات المسلحة لقيادة مدنية ديمقراطية، وهي عملية معقدة تتطلب إصلاحًا تشريعيًا شاملًا، وإصلاحًا للقطاع الأمني بأكمله، وإجراء “العدالة الانتقالية”، وبناء المؤسسات الديمقراطية، ومدى ثقة المواطنين بالأجهزة الأمنية.
وتضمنت الورقة الرابعة تلخيصًا للاستنتاجات التي تم توصل لها وتعريفًا لمفهوم “المنطقة الآمنة” كشرط موضوعي لعودة اللاجئين والنازحين، إذ لا يوجد تعريف ناظم للبيئة الآمنة، بحسب الورقة، بل الأكثر بروزًا كان مفهوم “المناطق الآمنة”، وهو أيضًا مصطلح غير رسمي، لا تعريف له في القانون الدولي.
وشارك الباحث في مركز “عمران للدراسات” محمد العبد الله، بإعداد هذا المشروع البحثي، وقال في كلمته، إن معظم اللاجئين ضمن عينة الاستطلاع في البحث لا يفكرون بالعودة وفق الظروف الحالية، بسبب خوفهم من التهديدات الأمنية التي قد يتعرضون لها وغياب أي ضمانات دولية لعدم تعرضهم للاعتقال والتعذيب.
المتغيرات التي تحكم عودة اللاجئين تتمثل بوجود بيئة آمنة تحترم كرامة اللاجئين، التي اعتبرها العبد الله أهم المعايير لعودتهم إلى سوريا، بالإضافة إلى الوضع الاقتصادي وأسباب أخرى.
وأجاب الباحث محمد العبد الله عن سؤال عنب بلدي خلال الندوة عن حقوق الملكية التي تخص اللاجئين، بأنه لا توجد أي جهة تضمن الحفاظ على ملكية اللاجئين العقارية في مناطقهم الأصلية، بالتزامن مع وجود مشاريع إسكان ومخططات تنظيمية جديدة تعمل عليها حكومة النظام السوري في عدة مناطق سورية، أبرزها مخيم “اليرموك” في مدينة دمشق، وهو ما اعتبره العبد الله سببًا مهمًا من أسباب عدم عودة اللاجئين إلى سوريا.
–