تخوف في الرقة من تقارب “قسد” مع النظام بعد اتفاق عين عيسى
أظهر الاتفاق الأخير الذي عقدته “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد) مع النظام السوري برعاية روسية، إمكانية حصول تفاهمات مباشرة بين الطرفين تقضي بالوجود العسكري المباشر لقوات النظام على أرض محافظة الرقة.
وخرجت قوات النظام السوري من المحافظة قبل سبع سنوات، بعد سيطرة فصائل من “الجيش الحر” وفصائل إسلامية على مركز المحافظة عام 2013، لتكون أول محافظة تخرج عن سيطرة النظام.
وأبرمت “قسد” اتفاقًا يقضي بإنشاء ثلاث نقاط مشتركة مع قوات النظام، في 9 من كانون الأول الحالي، في بلدة عين عيسى شمالي محافظة الرقة، وتذرعت بأن الاتفاق جاء لحماية المنطقة من التمدد التركي، بعد تصاعد وتيرة قصف “الجيش الوطني” المدعوم تركيًا.
ويتخوف أهالي الرقة، وخاصة في المناطق القريبة من مواقع النقاط المتفق عليها مع قوات النظام، من هذا الاتفاق، ويعتبرونه مصدر خطر مباشرًا عليهم، وهذا ما أدى إلى نزوح أعداد منهم.
“الخاسر الأكبر هم المدنيون”، هذا ما يراه طه الصالح (35 عامًا)، من بلدة تل السمن التي تبعد كيلومترات قليلة عن عين عيسى، “هم الذين يدفعون أثمان تلك التفاهمات التي تجري بين الحين والآخر”، حسبما قال لعنب بلدي.
هناك أشخاص لا يأمنون العيش في المناطق التي توجد فيها قوات النظام السوري، حسب رأي طه، و”شكل علم النظام ولونه هو مصدر رعب لهم”.
وتابع طه أن النظام السوري هو “مجرم” بنظر الكثيرين في الرقة، التي يوجد فيها آلاف المنشقين والمتخلفين عن الخدمة الإلزامية، لذا يعتبر قدوم النظام بسلاحه ومقاتليه “خطرًا يجب الانتباه إليه”، على الرغم من أن الاتفاق على إقامة نقاط المراقبة “ربما” يجنب بلدة عين عيسى “معركة شرسة”، وقد يوقف القصف الذي أدى إلى وفاة مدنيين في تشرين الثاني الماضي.
لمَ التقارب مع النظام؟
وأرجع قائد “مجلس تل أبيض العسكري”، رياض الخلف، من خلال بيان نُشر عبر صفحة المجلس الرسمية على “فيس بوك”، الاتفاق مع النظام إلى خطر القصف التركي المتواصل على عين عيسى، وإبعاد شبح حرب مقبلة عن المنطقة.
برأي مدرّس التاريخ المقيم في ريف الرقة الشمالي عدي العلي (40 عامًا) فإن “قسد” كانت تعوّل على الدعم الأمريكي الذي فاجأها أولًا بانسحابات أمام التقدم التركي نهاية عام 2019، والذي نتجت عنه السيطرة على تل أبيض ورأس العين، ثم صمته أمام ما جرى في عين عيسى خلال الأيام الماضية.
وقال عدي، إن وجود النظام السوري “أفضل” من دخول تركيا والفصائل الموالية لها، “فنحن جميعًا نرى ما يحدث في المناطق التي تسيطر عليها تركيا في أرياف الرقة والحسكة، والتي لم تنعم بالاستقرار حتى هذه اللحظة”، مضيفًا أن “قسد” قادرة على تحجيم تصرفات وتحركات قوات النظام، كما في مدينتي الحسكة والقامشلي.
وفي لقاء مع وكالة أنباء “هاوار“، في 17 من تشرين الأول الماضي، أقر الرئيس المشترك لـ”مجلس الرقة المدني”، محمد نور الذيب، أن قرار الانسحاب الأمريكي العام الماضي “أربك” المسؤولين في شرق الفرات، وكثر الحديث حينها عن إمكانية تسليم الرقة للنظام أو الروس.
ويرى الذيب أن غاية تلك الإشاعات هي إحداث فتنة بين “الإدارة الذاتية” ومؤسساتها من جهة، والأهالي من جهة أخرى، الذين يرفضون في أغلبيتهم قدوم قوات النظام للرقة أو دخولها المدينة بأي شكل من الأشكال.
وكانت العشائر العربية وجهت نداء لـ”قسد” بضرورة ضم مناطق ريف المحافظة الواقعة تحت سيطرة قوات النظام، وجاء ذلك في لقاء لوجيه عشيرة “العلّي”، رمضان الرحال، مع وكالة “هاوار” قال فيه، إنه تلقى مناشدات من أهالي ريف الرقة الجنوبي الشرقي بضرورة إبعاد النظام عن تلك المناطق وتسليمها لـ”قسد” و”التحالف الدولي” بعد أن ذاقوا الأمرَّين من تصرفات الميليشيات الإيرانية الطائفية.
وأرجع الرحال أسباب هذه الدعوة إلى كثرة الانتهاكات الحاصلة بحق المدنيين، التي تقف وراءها الميليشيات الإيرانية التي تعتبر الحاكم المطلق في المناطق التي تسيطر عليها قوات النظام في أرياف الرقة ودير الزور.
وتسيطر قوات النظام السوري اليوم على عدة مناطق في أرياف الرقة، مثل بلدة الرصافة جنوب مدينة المنصورة التي تبعد 30 كيلومترًا غرب مدينة الرقة، ومدن معدان والسبخة والقرى التابعة لها في الريف الجنوبي الشرقي، بينما توجد تلك القوات بتفاهمات مع “قسد” في ريف بلدة عين عيسى، ومحيط طريق “M4”.
–
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :