أجرى السفير الروسي في إسرائيل أناتولي فيكتوروف مقابلة مع صحيفة جيروزاليم بوست الإسرائيلية ، نشرتها في 8 من الشهر الجاري على شكل مقالة . في اليوم التالي لظهور المقابلة المقالة ، إستدعت الخارجية الإسرائيلية السفير الروسي للتعبير عن إعتراضها على ما ورد على لسان السفير ، من أن الصراع الإسرائيلي الفلسطيني يزعزع الوضع الراهن في المنطقة ، أكثر مما تفعل إيران .
وكان هذا كافياً لاندلاع سجال بين الطرفين ، تميز بالميل إلى التهدئة من الجانب الروسي ، والتصعيد من جانب المواقع الإعلامية الإسرائيلية , فقد نشرت السفارة الروسية على صفحتها في الفايسبوك تصريحاً ، أكدت فيه ، كما نشرت نوفوستي ، بان كاتبة مقالة الجيروزاليم بوست المستندة إلى مقابلة السفير الروسي في إسرائيل أناتولي فيكتوروف ، قد حرفت كلام السفير . وقالت السفارة في تصريحها ، بأن المراسلة أضافت تعليقاتها الخاصة على المقتطفات ، التي إنتزعتها من حديث السفير ، مما شوه التوجه العام للحديث ، ولذلك قامت السفارة بإعداد رسالة رسمية وجهتها إلى رئيس تحرير الجيروزاليم بوست .
قالت نوفوستي ، بأن تصريح السفارة أشار إلى أن اللقاء مع المدير السياسي للخارجية الإسرائيلية آلون بار جرى في جو بناء ، عرض خلاله الجانب الروسي وجهة نظره بشأن النص المنشور . وقالت السفارة ، بأن هذه الحادثة المؤسفة ، حين يضيف ممثلو الإعلام تعابيرهم الخاصة على المقابلة المعنية ، لن يترك تأثيراً ملحوظاً على العلاقات ذات الطابع الودي والإحترام المتبادل بين روسيا وإسرائيل .
صحيفة الكرملين لم تضف سوى القليل إلى ما ذكرته نوفوستي ، لكنها تذكرت مقتل الفيزيائي الإيراني محسن فخري زاده ووعود الرد الإيراني . فنقلت عن السفير فيكتوروف قوله ، بأن، مشكلة المنطقة ليست في نشاط إيران ، بل في غياب التفاهم المتبادل بين بلدان المنطقة ، وعدم الإلتزام بقرارات الأمم المتحدة في الصراع العربي الإسرائيلي والفلسطيني الإسرائيلي . ونقلت عن المدير السياسي للخارجية الإسرائيلية آلون بار قوله ، بأن تصريحات السفير فيكتوروف لا تتطابق مع حقائق الشرق الأوسط ، التي جرت مناقشتها غير مرة في القنوات الدبلوماسية بين البلدين .
وذكّرت الصحيفة بما كانت قد أعلنته طهران عن التورط الإسرائيلي والأميركي بمقتل فخري زاده.
كما أشارت إلى أن الصحافة الأميركية كانت قد أعلنت ، بأنه قد يكون الموساد هو من قتل الإيراني ، لأن إسرائيل تريد عرقلة محاولة جو بايدن إقامة حوار مع إيران .
موقع “Eadaily” الإخباري الروسي اختار لنصه حول الإشكال عنواناً مستغرباً ، قال فيه “حرج السفير الروسي وانهيار “العالم العربي” : العين على إسرائيل” . بقي الموقع في السياق الروسي للسجال مع الإسرائيليين ، إلا أنه ، وعلى خلفية القول الإسرائيلي بثانوية الصراع العربي الإسرائيلي مقارنة بالنشاط الإيراني في المنطقة ، نقل عن الصحيفة الإسرائيلية “العالم اليهودي” مقتطفات من مقالة للمستشرق الإسرائيلي مردخاي كينار بعنوان “حول العالم العربي الجديد” . يقول هذا المستشرق ، بأن البلدان العربية لم تعد تقف جبهة واحدة ضد إسرائيل ، بل على العكس ، إنقسمت إلى حلفين : واحد مع إيران ، والآخر ضدها. وإسرائيل ، التي كانت تعتبر في السابق مشكلة ، أصبحت الآن جزءاً من الحل .
لغة التصالح الهادئة ، التي إعتمدتها جميع المواقع الروسية ، بما فيها وكالة تاس وسواها ، والهادفة إلى تسوية الإشكال في إطار “العلاقات ذات الطابع الودي والإحترام المتبادل بين روسيا وإسرائيل” ، قابلتها المواقع الإسرائيلية الناطقة بالروسية بلغة إستفزازية بلغت حد الإهانة والشتائم . موقع “Detaly” ، الذي ينقل إلى الروسية عادة المقالات السياسية لصحيفة هآرتس ، نشر نصاً بعنوان “إستدعوا سفير روسيا ووبّخوه في وزارة خارجية إسرائيل” ، قال فيه ، بأن فيكتوروف “سمح لنفسه” بعدة ملاحظات حادة بشأن السياسة الخارجية والعسكرية الإسرائيلية . وقال الموقع ، بأن آلون بار “أدان” الملاحظات الواردة في المقابلة ، وشرح للسفير موقف إسرائيل وتوقعاتها ، وبأن بحث المسائل الإقليمية ، وخاصة التهديدات الإيرانية ، سيجري في القنوات الدبلوماسية ، وليس بخلق تصورات خاطئة “شائنة وخطيرة” ، كما كان متبعاً قبل ذلك في العلاقات بين البلدين .
وبعد أن يشير الموقع إلى ما ذكرته السفارة عن موقفها في رسالتها إلى رئيس تحرير الجيروزاليم بوست ، وتحميلها مسؤولية “الحادث المؤسف” لمندوبة الصحيفة لاهاف خاركيف ، يقول ، بأن فيكتوروف كان قد صرح في المقابلة مع الصحيفة ، بأن إسرائيل تزعزع الشرق الأوسط أكثر مما تفعل إيران . ويرى السفير ، أن مشكلة الشرق الأوسط الرئيسية ، ليست أعمال إيران ، بل عدم كفاية التفاهم المتبادل بين البلدان ، وعدم تطبيق قرارات مجلس الأمن الدولي بشأن صراع الشرق الأوسط .
وفي الرد على السؤال ما إن كان الصراع الإسرائيلي الفلسطيني “المحلي ومحدود الرقعة” ، يزعزع المنطقة أكثر مما تفعل إيران بواسطة أذرعها مثل الحوثيين في اليمن وحزب الله في لبنان ، رفض السفير الإقرار بحقيقة ، أن إيران تمول المنظمات الإرهابية الشيعية ، حسب الموقع . وينقل عن السفير قوله ، بأنه رأى الأنفاق الممتدة من لبنان إلى إسرائيل ، والتي كان مقاتلو حزب الله ينوون إستخدامها للهجوم على إسرائيل ، إلا أنه يقول ، بأنه لا توجد أية إثباتات على أن حزب الله هو الذي حفرها .
وينقل الموقع عن السفير قوله ، بأن “إسرائيل هي التي تهاجم حزب الله ، وليس حزب الله من يهاجم إسرائيل” ، قاصداً بذلك الهجمات الجوية على الأهداف العسكرية في سوريا “المنسوبة إلى إسرائيل” .
وبشأن التنسيق بين الجيشين الروسي والإسرائيلي في سوريا ، يقول السفير ، بأن هذا التنسيق مهم من أجل أمن القوات الروسية هناك . ويقول ، بأن روسيا لا توافق ولن توافق على الضربات الإسرائيلية في سوريا “لا في الماضي ولا في المستقبل” , وأكد بأنه “لا ينبغي لإسرائيل أن تهاجم أعضاء مستقلين في منظمة الأمم المتحدة” ، حسب الموقع .
ويشير الموقع إلى أن فيكتوروف يقول عن الرئيس الأميركي المنتخب جو بايدن ، بأنه “من المحتمل أن يكون الرئيس المنتخب” ، ويصفه ، بأنه “الرئيس ، الذي عينته الصحافة” ، وليس الرئيس ، الذي أُعلن منتصراً في الإنتخابات الرئاسية الأميركية.
موقع “Vesty” الإسرائيلي الناطق بالروسية ، أضاف إلى المواقع الإسرائيلية الأخرى الناطقة بالروسية تصريح وزير الخارجية الإسرائيلي غابي أشكينازي بشأن الإشكال ، وسيرة حياة السفير فيكتوروف في الخارجية الروسية . عن أشكنازي نقل الموقع قوله ، بأنه إطلع على أقوال السفير ، و”رأينا إستدعاءه لإجراء محادثة معه ، فأبلغنا ، بأن بعض الكلمات قد انتزعت من النص . نحن بدورنا أبلغنا السفير ، بأننا نعتبر كلماته غير مقبولة إطلاقاً ، وآمل ، بأن يقوم السفير بتقديم تفسير علني” لكلماته .
واستعرض الموقع سيرة حياة السفير فيكتوروف الدبلوماسية ، منذ العهد السوفياتي وحتى تعيينه سفيراً في إسرائيل العام 2018 ، ليخلص من عرضه هذا للتلميح إلى عدم كفاءة فيكتوروف كسفير لبلاده في إسرائيل . ويستشهد على ذلك بمقابلته الأخيرة مع الجيروزاليم بوست ، وبتصريحاته السابقة للصحافة ، ليقول ، بأن إسرائيل ، وحتى تعيينه الأخير سفيراً فيها ، لم تكن ضمن حقل إهتماماته.