جريدة عنب بلدي – العدد 39 – الاحد – 18-11-2012
خورشيد محمد – الحراك السّلمي السّوري
الاعتراف بجوهر الإنسان
{وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً ◌ قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ ◌ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ} (سورة البقرة، 30).
فهم من هذه العبارة أنّ الناس جميعًا هم حلفاء للحق وداعمون له، ولا نستثني منهم من يدافع عن الباطل.
هناك ارتباط وثيق بين الاعتراف بقيمة الحق والاعتراف بجوهر الإنسان مهما كان موقفه من الحق.
كذلك، فإنّنا لا نرى فرصة لنجاح اللاعنف ما لم يقم أصلاً على تسليم كامل بإنسانية العدوّ مهما طغى.
إن لا عنفًا ينهمك في إنكار إنسانية الآخر سيحمل بذرة فشله في ذاته، وسيقود نفسه إلى العنف الذي ينهمك في توحيش الآخر كي يبرر ذاته. إن التزام الإنسان بالحقّ ليس سلوكًا شخصيًا، بل سلوك يعبر عن كل الناس، بمن فيهم من يتحالف مع الباطل ويدافع عنه.
ليغدوا التلميذ أستاذًا
لا أنوي أن أنصح جيل المستقبل بقراءة الكتب التي غيّرت حياتي ولا أطلب منهم أن يهتموا بما أهتم أو يتبنوا سلّم أولوياتي.
البشر جنس عجيب، ليس عبثًا أن تكون فترة حضانة الإنسان هي أطول فترة بين المخلوقات، ذلك لأننا بطريقة ما استطعنا أن نهضم التجربة البشرية منذ عهد أبينا آدم حتى اللحظة ومن ثم اختصرناها وقدمناها لأطفالنا، لذلك فكل جيل هو أذكى من الذي قبله وهو كالقزم الذي يجلس على رأس العملاق يرى أبعد منه.
كلّ محاولة لتقديم وصفات جاهزة وصكوك خلاص ماهي إلا نكوص بالجيل إلى الوراء، ما علينا إلا أن نتوقف عن التسبّب في تخلّفهم.
مهمّتنا هي رفع الآصار وكسر الأغلال لكي يبصروا الكمال المقدّر لهم فيسيروا في الدرب الخاص بهم ويصبح التلميذ أستاذاً وفي ذلك تكمن عظمة المعلم.
{قَالَ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى} (سورة طه، 50)، {الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى ◌ وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدَى} (سورة الأعلى 2-3)