رفضت “المنظمة الآثورية السريانية” وحزب “الاتحاد السرياني”، اللذان يشكلان القوى السياسية الأبرز للمكون السرياني الآشوري في سوريا، خطاب رئيس النظام، بشار الأسد، الأخير حول هوية سوريا، وهو ما رفضته أيضًا “الإدارة الذاتية” لشمالي وشرقي سوريا.
وقالت “المنظمة الآثورية الديمقراطية” في بيان، الأحد 13 من كانون الأول، “نرفض وندين هذا النهج الذي يرمي إلى التحريض ومواصلة إثارة الفتن بين المكونات السورية الأصيلة، بقصد القضاء على حالة التنوع واستمرار التحكم بالمجتمع”.
وفي حديث إلى عنب بلدي، اعتبر ممثل “المنظمة الآثورية” في “الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة”، عبد الأحد اسطيفو، أن خطاب الأسد ووزير الأوقاف، محمد عبد الستار السيد، فيه تهديد وجود للسريان الآشوريين، والقضية خطيرة جدًا على النسيج المجتمعي في سوريا.
وقال، “الخطاب فيه تفخيخ وتلغيم استباقي للجولة الخامسة من محادثات اللجنة الدستورية”، مشيرًا إلى وجوب الانتباه من قبل المعارضة نتيجة الخطاب الجديد.
وكان المبعوث الأممي الخاص إلى سوريا، غير بيدرسون، حدد 25 من كانون الثاني المقبل موعدًا لبدء الجولة الخامسة للجنة الدستورية.
بدوره، اعتبر حزب “الاتحاد السرياني”، في بيان، أن الأسد في خطابه يستمر في نهج والده منذ 50 عامًا بعدم الاعتراف بالهوية الأصلية لسوريا، وبالتالي “إلغاء الحقوق القومية للشعب السرياني”.
وتعتبر “المنظمة الآثورية” أحد مكونات “الائتلاف الوطني”، بينما “الاتحاد السرياني” أحد مكونات “الإدارة الذاتية”.
ولا توجد إحصائية دقيقة لعدد السريان الآشوريين في سوريا، إلا أن عبد الأحد اسطيفو قال فيما نقله عن إحصائيات لدى الكنائس المسيحية، يوجد حتى العام 2017 أقل من 250 ألفًا في سوريا، بين 80 و85 ألفًا منهم موجودون في الحسكة، إلا أن عددًا كبيرًا منهم هاجر بعد العام 2017، بينما كان عددهم قبل 2011 حوالي 400 ألف.
ولا يزال السريان الآشوريون يمارسون طقوسهم الدينية ويتحدثون بلغتهم السريانية في كنائسهم المنتشرة بمحافظة الحسكة بشكل أساسي، وبعض المناطق السورية على نطاق أضيق.
وغالبًا يقترن اسم الآشوريين بالسريان، وهو الأمر الذي تبرره وحدتهم القومية، بينما يقوم الاختلاف بينهم على الطائفة الدينية.
ووفق الكاتب السوري تيسير خلف، فإن السريان هم أتباع الكنيسة السريانية الغربية، والآشوريين هم أتباع الكنيسة السريانية الشرقية التي تسمى أيضًا “نسطورية”.
ويسعى السياسيون الآشوريون إلى تجاوز هذه الخلافات من خلال اعتماد تسمية “السريان الآشوريين”، ويعترض بعض السريان على هذا الخلط، الأمر الذي يعود إلى بعض الحساسيات الطائفية.
تعايش الآشوريون إلى حد كبير مع المكونات السورية الأخرى، على الرغم من محاولة الحفاظ على استمراريتهم وعدم التفريط بصفاء هويتهم، ويرى بعض الناشطين الآشوريين أن حزب “البعث” اتبع سياسة “تعريبية” تجاههم، وحارب ثقافتهم، ومنعهم من المشاركة السياسية.
بدورها، قالت “الإدارة الذاتية” (التي يشكل الكرد عمودها الفقري)، عبر حسابها في “فيس بوك“، إن خطاب الأسد لا يعبر بأي شكل من الأشكال عن الانفتاح الواجب توفره لدى كل الأطراف التي تدّعي حرصها على مصلحة سوريا وشعبها.
وأشارت المكوّنات السابقة إلى أن العرب جزء كبير وأصيل من النسيج السوري، “لكن يجب ألا يكون هذا المكوّن، ومن خلال استغلاله واستغلال هويته السورية، منصة ينفذ من خلالها النظام سياساته مدعيًا خدمة العرب في حين أنه يخدم مصلحته فقط، فالعرب كغيرهم من المكوّنات يعانون من الإنكار رغم كل الكلام الذي حاول الرئيس السوري أن يؤكد من خلاله على الدور العربي”، حسبما جاء في بيان “المنظمة الآثورية”.
الأسد والسيد في خطابين عن العروبة والإسلام
قال الأسد في اجتماع دوري لوزارة الأوقاف، في 7 من كانون الأول الحالي، عُقد داخل مسجد “العثمان” في العاصمة دمشق، إن هناك موضوعًا خطيرًا يثار يرتبط بالليبرالية الحديثة، يمس صلب المجتمع ويأتي في ثلاثة مواضيع منفصلة، منها ما يشكك بعروبة سوريا وبلاد الشام، ويهدف لضرب العروبة بالإسلام.
وأضاف، “أن نقبل التنوع الثقافي العرقي لا يعني أن نقبل التنوع الحضاري، فهي حضارة واحدة”.
كما ألقى وزير الأوقاف، في 4 من كانون الأول الحالي، خطبة في جامع “خديجة الكبرى” في طرطوس، عنوانها “الرد على طروحات ما يسمى الأمة السورية”.
اقرأ أيضًا: هل يحل النظام السوري الحزب “القومي الاجتماعي” كرامة لوزير الأوقاف؟
وجاء في الخطبة، “في دول منطقتنا توجد عقيدتان أساسيتان هما الإسلام والعروبة، وكل ما عداهما متفرق أو ضئيل”.
وقال السيد، “شو هي الأمة السورية؟ هل سمع أحدكم بالأمة السورية؟ نحن نعرف الأمة العربية، ولا يمكن الفصل بين العروبة والإسلام أبدًا”.
وأضاف السيد أن “الغزو الثقافي الذي نراه في بلادنا الآن يتم على الإسلام بكل شيء، إضافة إلى اللغة العربية والعروبة وإلى الأصل”.
واستهزأ من الدعوات القومية المحلية بالقول: “إنو شي بيقلولك نحنا قبرص وسوريا ولبنان وما بعرف شو وبيدخلوا عباس بدرباس”.
وأغضبت تصريحات وزير الأوقاف “الحزب القومي السوري الاجتماعي”، وهاجم السيد في بيانات منفصلة.
–