عبّر الحزب “السوري القومي الاجتماعي” عن غضبه بسبب تصريحات لوزير الأوقاف السوري، محمد عبد الستار السيد، تحدث فيها عما يعرف بـ”الأمة السورية”، وهي أبرز مفاهيم الحزب.
وألقى وزير الأوقاف، في 4 من كانون الأول الحالي، خطبة في جامع “خديجة الكبرى” في طرطوس، عنوانها “الرد على طروحات ما يسمى الأمة السورية”.
وجاء في الخطبة، “في دول منطقتنا توجد عقيدتان أساسيتان هما الإسلام والعروبة، وكل ما عداهما متفرق أو ضئيل”.
وقال السيد، “شو هي الأمة السورية؟ هل سمع أحدكم بالأمة السورية؟ نحن نعرف الأمة العربية، ولا يمكن الفصل بين العروبة والإسلام أبدًا”.
وأضاف السيد أن “الغزو الثقافي الذي نراه في بلادنا الآن يتم على الإسلام بكل شيء، إضافة إلى اللغة العربية والعروبة وإلى الأصل”.
واستهزأ من الدعوات القومية المحلية بالقول: “إنو شي بيقلولك نحنا قبرص وسوريا ولبنان وما بعرف شو وبيدخلوا عباس بدرباس”.
“السوري القومي الاجتماعي” غاضب
أغضب حديث الوزير عن “الأمة السورية” الحزب “السوري القومي الاجتماعي”، وهاجمه في بيانات وتصريحات منفصلة، منها بيان نشره في 10 من كانون الأول الحالي، عبر “فيس بوك“، جاء فيه أن “وزير الأوقاف في الحكومة الشامية، وبعد هزئه من حقيقة الأمّة السورية، أطلق مثالًا غريبًا حول الأكراد الذين اعتبرهم يعيشون في كنف العروبة، وليس كجماعة من جماعات الأمّة، موحيًا أنّ الوجود الكردي لا يمكن احتواؤه في الفكر القومي الاجتماعي”.
ووصف الحزب خطاب وزير الأوقاف بـ”الرجعي”، وبأن تصريحاته لا تتناسب مع منصبه، وكان عليه التعمق أكثر والتمعن، وقال “وزير الأوقاف الشامية: رجعية مدمّرة”.
ووصف بيان آخر للحزب “القومي”، نشره ناشطون عبر مواقع التواصل الاجتماعي، تصريحات الوزير بـ”الغريبة”، لأنها يفترض أن تمثل جميع أبناء الشعب.
وجاء في البيان “يا حضرة الوزير (…) سنحدثك عن الأمة السورية، إذا لم تسمع بها، الأمة السورية هي وحدة الشعب الذي قطن هذه الأراضي، والتي تعود إلى ما قبل الزمن التاريخي وليس دخول الإسلام فقط”.
ما هو الحزب ولماذا غضب من وزير الأوقاف؟
أسس أنطون سعاده الحزب “السوري القومي الاجتماعي” في عام 1932، وهو منتشر في لبنان وسوريا ومُرخّص رسميًا، ويدعو إلى إقامة الأمة السورية باسم “سوريا الكبرى”.
وتشمل دولة “الأمة السورية” منطقة الهلال الخصيب، أي العراق والأردن وفلسطين وسوريا ولبنان، وكذلك الكويت وقبرص وشبه جزيرة سيناء ولواء إسكندرون (حاليًا ولاية هاتاي في تركيا)، وتقول العقيدة القومية السورية إن هذه المنطقة يجمعها تاريخ مشترك.
وتحمل مجموعتان سياسيتان في سوريا اسم الحزب “السوري القومي الاجتماعي”، منذ الخلاف التنظيمي الذي أدى إلى الانقسام، الأولى “الأمانة العامة” المنحلة بقرار قضائي عام 2019، والثانية “المركز” وهي ممثلة في “الجبهة الوطنية التقدمية” (تكتل من تسعة أحزاب إضافة إلى اتحادي العمال والفلاحين).
ويعد الحزب ثاني أكبر مجموعة سياسية قانونية في سوريا بعد حزب “البعث العربي الاشتراكي”.
في لبنان، كان الحزب أكثر تنظيمًا وأصبح ضمن مجموعة رئيسة في تحالف “8 آذار”، الذي نشأ بعد اغتيال رئيس الوزراء اللبناني، رفيق الحريري، عام 2005.
ودعم الحزب استمرار وجود الجيش السوري في لبنان، انطلاقًا من مبدأ “القومية السورية”.
في عام 2013، تقرر الفصل تنظيميًا بين الحزب السوري واللبناني، رغم اعتراضات رئيس الحزب في لبنان أسعد حردان.
وأسهم أداء رامي مخلوف رجل الأعمال وابن خال رئيس النظام السوري، قسم الولاء للحزب أمام رئيس الحزب في سوريا، عصام المحايري، قبل مؤتمره العام الذي عقد في دمشق، بتشريع الانفصال التنظيمي للحزب بين سوريا ولبنان نهائيًا.
وبرر مخلوف انضمامه للحزب بأنه استكمال لمسيرة عائلته التي كان معظم أفرادها أعضاء ضمن الحزب.
وكان مسؤول أمني في الحزب السوري “المركز” صرّح أن مخلوف استطاع أن يسحب ثلث القيادات الشبابية، ودفع رواتب ضخمة، وضم حوالى 2000 شاب من ذوي القتلى في أشهر قليلة للحزب.
وأسس لنشاطات اجتماعية وترفيهية، “لم يقم بها أي حزب في التاريخ الحديث لسوريا”، بحسب ما قاله المسؤول لموقع “إندبندنت“.
هل يحل “الحزب القومي”؟
نشر عضو “هيئة المصالحة الوطنية” (المنحلة مؤخرًا)، عمر رحمون، تغريدة كتب فيها، “بحسب مصادر خاصة جدًا جدًا سيصدر قرار بحل الحزب القومي السوري الاجتماعي قريبًا جدًا بجميع فروعه وحظر نشاطه على أرض الجمهورية العربية السورية”.
ولم يكشف رحمون عن مصدر هذه المعلومة، ورد على سؤال حول سبب حل الحزب، “لا أعلم السبب الحقيقي. أظن من أجل رامي مخلوف ويده في هذا الحزب”.
وعدد في تغريدة ثانية ثلاثة أحزب قال إنها الأقوى في سوريا، متجاهلًا الحزب “القومي السوري”.
وبحسب رحمون، الأحزاب هي حزب “البعث العربي الاشتراكي”، وحزب “الإخوان” وفروعه وأذرعه العسكرية التي وصفها بـ”الإرهابية”، و”الحزب الشيوعي”.
والحديث عن حل الحزب يعني حل “المركز” بعد حل “الأمانة العامة” العام الماضي، إذ نقل تلفزيون “روسيا اليوم” في تشرين الأول 2019، عن مصدر لم يسمه، أن محكمة الاستئناف المدنية الأولى بدمشق، أصدرت قرارًا نهائيًا بحل “السوري القومي الاجتماعي- الأمانة العامة”.
وذكر المصدر أن الجهة المدعية هي لجنة شؤون الأحزاب ممثلة برئيسها وزير الداخلية، وتستند الدعوى في إحدى وثائقها إلى تقرير من رئيس المكتب السياسي للحزب “السوري القومي- المركز”، صفوان سلمان، تتمحور حول الأحقية بالترخيص، واتهامات لـ”الأمانة” تتعلق بطريقة الحصول على الترخيص.
محمد عبد الستار السيد لا يتزحزح
في المقابل، يبدو موقف وزير الأوقاف، محمد عبد الستار السيد، قويًا، فهو من أشد المدافعين عن رئيس النظام السوري، وإدارته للحرب منذ عام 2011.
كان عبد الستار السيد، وهو والد الوزير الحالي، محمد عبد الستار السيد، وزيرًا في عهد حافظ الأسد، وكان ذلك أحد أهم أسباب تقرب محمد عبد الستار السيد من السلطات.
وبعد أن تولى السيد وزارة الأوقاف عام 2007، وذلك بعد إعفاء الوزير، محمد زياد الدين الأيوبي، على خلفية اتهامات بالفساد، أصبح من رجال الدين المقربين للأسد.
وهو الوزير الوحيد الذي أمضى فترة طويلة في منصبه، إذ تم إعفاء وزيرين للأوقاف خلال سبع سنوات فقط، هما محمد عبد الرؤوف زيادة، ومحمد زياد الدين الأيوبي.
–