تعيش مدينة الرقة اليوم أزمة سكانية نتيجة الدمار في الأبنية السكنية الذي يتجاوز نسبة 50%، رغم إعادة إعمار بعض الأبنية.
ومنح “مجلس الرقة المدني” مئات الرخص لبناء أبنية جديدة خلال ثلاث سنوات، يضاف إليها مئات رخص إعادة تأهيل الأبنية المدمرة، بحسب أرقام نشرها “المجلس” في ذكرى السيطرة على المدينة، إلا أن التزايد السكاني أبقى الضغط مستمرًا على قطاع السكن.
وأسهمت الأزمة السكانية بارتفاع إيجارات المنازل، إذ يبدأ إيجار الشقة داخل المدينة من 50 ألف ليرة سورية (20 دولارًا تقريبًا) صعودًا، تبعًا لموقع المنزل وشكله وعدد غرفه، كما يتقاضى بعض المؤجرين بالدولار، فتبدأ الإيجارات من 50 وحتى 150 دولارًا.
يشتكي يوسف الحمد، النازح من مدينة دير الزور، من غلاء الإيجارات، ويتحدث لعنب بلدي عن عجزه المتواصل عن إيفاء الإيجار في وقته، واضطراره المستمر للاستدانة من أحد أقاربه أو أصدقائه.
وأضاف أن مهنته كنجار لا تكفيه وعائلته، مع تدني مستوى إعادة الإعمار بسبب الغلاء الكبير في أسعار مواد البناء، ما تسبب بنقص الطلب على الأبواب الخشبية والأثاث المنزلي، وأشار يوسف إلى أن المؤسسات في “المجلس”، غابت عنها أي لجنة أو هيئة أو مكتب يعنى بموضوع إيجارات المنازل.
عضو في “لجنة الشؤون الاجتماعية والعمل” بـ”المجلس المدني”، طلب عدم الكشف عن اسمه، قال في اتصال هاتفي، إن سبب غلاء الإيجارات في الرقة يعود إلى “وصول أعداد كبيرة من النازحين”، وبرأيه لا يمكن حصر الإيجارات برقم معيّن بسبب الطلب المُتزايد على المنازل، وتدهور سعر العملة السورية، والغلاء العام الذي طال أغلب القطاعات الاقتصادية.
الغلاء لا يشمل النازحين فقط، إذ إن فاطمة الخلف من مدينة الرقة فقدت زوجها في أثناء معارك السيطرة على المدينة، ولا تملك أي معيل، لكنها تمكنت من إنشاء متجر لبيع الأقمشة النسائية والخياطة، وتعتمد عليه في إعالة عائلتها المكونة من خمسة أفراد ودفع إيجار المنزل البالغ 75 ألف ليرة سورية.
صاحب المنزل طلب من فاطمة إخلاء المنزل بحجة أنه يريد تزويج أحد أبنائه فيه، لتكتشف لاحقًا أن غاية الإخلاء هي الضغط عليها لدفع زيادة في الإيجار، لتصبح 100 ألف ليرة سورية بحجة ارتفاع سعر صرف الدولار.
ولا تدري فاطمة أين تذهب بأطفالها، ولا لأي سلطة بإمكانها التوجه.
وبلغت نسبة الدمار في مدينة الرقة، بعد أعوام من المعارك والقصف من أطراف متعددة، شملت النظام والفصائل الإسلامية وتنظيم “الدولة الإسلامية” و”التحالف الدولي”، 40% من مساكن المدينة البالغ عددها 151 ألفًا بشكل كامل، ودمار ما تبقى جزئيًا.
–