عقبات معقدة أمام الاستثمارات الأجنبية في سوريا
محمود أحمد عثمان
أمام قلق مسيطر على أداء مجلس الشعب السوري، لا تزال الاستثمارات الأجنبية في سوريا تواجه صعوبات كبيرة، لا سيما الروسية منها، إذ تعاني الشركات الروسية العاملة على الأراضي السورية من تفاقم معدلات الفساد والبيروقراطية، التي أصبحت مترسخة في الدولاب الحكومي السوري.
وعلى الرغم من طرح بعض السياسيين السوريين لهذه المشكلات دوريًا، وبالأخص مشكلة الإجراءات الروتينية والبيروقراطية التي تعاني منها الشركات الطامحة والراغبة بالعمل في سوريا، تبدو المشكلة عصية على الحل.
وشهدت الانتخابات التشريعية السورية الأخيرة حربًا طاحنة بين كتل سياسية وقبلية مؤيدة لإيران وأخرى مؤيدة لروسيا، ما دفع عددًا من النواب المحسوبين على نظام الأسد للانسحاب من الانتخابات، وعلى رأسهم رجل الأعمال محمد حمشو.
وعقب الانتخابات، تحدث رئيس “غرفة صناعة حلب”، فارس الشهابي، عن وجود فساد مستشرٍ في البلاد يضر بالاستثمارات الأجنبية.
وفي أيلول الماضي، أعلن نائب وزير التنمية الاقتصادية الروسي، إيليا توروسوف، أن عشرات الشركات بصدد التسجيل في المناطق الإدارية الخاصة السورية، وستوسع السلطات الروسية فرص تسجيل شركات أخرى، وفق “روسيا اليوم”، إلا أن ذلك لم يحدث حتى الآن بسبب المعوقات التشريعية والبيروقراطية الإدارية.
الأكاديمي المصري محمد سيد أحمد، المتخصص في الشأن السوري، قال إن هذه المشكلات باتت معوقًا كبيرًا أمام مؤسسات الدولة، ووصلت إلى دوائر الحوارات السياسية في الإعلام السوري وصفحات التواصل الاجتماعي.
وأشار الأكاديمي، وهو أستاذ في العلوم السياسية بحامعة “عين شمس” الحكومية في مصر، إلى أنه حتى الآن لم يتم اتخاذ إجراءات جدية وتوصيات تؤدي الى حلحلة هذه المشاكل وتذليل المصاعب أمام الاستثمارات.
وطالب سيد أحمد بضرورة التحرك السريع من قبل دمشق لإزالة أي عوائق ومشاكل يواجهها قطاع الأعمال الروسي، الذي يعد حليفًا لنظام الأسد، لإنقاذ الاقتصاد السوري المتعب والمنهك جراء الحرب القاسية التي فرضت على سوريا طوال عشر سنوات.
وقال، إنه من الضروري إجراء نقاش وحوار واسع حول هذه المشكلة وإيجاد حل لها.
وفي هذا السياق، بدأت عدد من الجهات الروسية العاملة في سوريا تشكو من عدم وفاء الجانب السوري بالتزاماته التعاقدية مع الشركات إلى الآن، وعلى رأسها الشركات العاملة في القطاع النفطي.
ومن بين الشركات الروسية العاملة في سوريا، مؤسسات “إس آي غي”، و”إنجينيرينغ وزاروبيج نفط” و”زاروبيج جيولوجيا”، و”تيخبروم إكسبورت”، وغيرها.
وتشتكي الشركات الروسية من كثرة الإجراءات للحصول على عقد طويل الأمد لشركة أجنبية في سوريا، إذ يجب عليها الحصول على الملايين من الموافقات، وهو رقم غير مبالغ به أبدًا، وكل موافقة تحتاج إلى رشوة أو هدية أو وساطة معينة.
كما أن الاتفاقات المعقودة، والتسهيلات التي أُقرت على مستوى قمتي القيادتين السورية والروسية، لا تجري ولا تُستثمر على أرض الواقع في سوريا.
وفي محاولة لرأب الصدع وترضية الجانب الروسي، عُقدت في موسكو قبل أسبوعين مباحثات موسعة بين ممثلين عن الحكومتين الروسية والسورية، بشأن تعزيز التعاون الثنائي وتطوير التعاون الاقتصادي والمالي، ورفع حجم التبادل التجاري بين البلدين.
وجرت المباحثات في مبنى رئاسة مجلس الوزراء الروسي، وترأسها عن الجانب الروسي نائب رئيس الوزراء، يوري بوريسوف، الذي يشغل أيضًا منصب رئيس اللجنة المشتركة السورية- الروسية.
وتناولت المباحثات سبل تعزيز التعاون الثنائي بين الجانبين، ووضع الاتفاقات ومذكرات التفاهم الموقعة بين دمشق وموسكو في وقت سابق موضع التنفيذ العملي، إضافة إلى التحضيرات لانعقاد اللجنة الثنائية المشتركة في كانون الأول الحالي، التي ستتوج بتوقيع اتفاقية توسيع التعاون التجاري والاقتصادي بين البلدين المتوقع قبيل نهاية الشهر الحالي بدمشق.
وقال الأكاديمي المصري محمد سيد أحمد، إن التحالف الروسي- السوري لا يتعدى الجوانب العسكرية، لكنه يجب أن يمتد إلى الجوانب الاقتصادية، وأن يترجم على أرض الواقع بأفعال واقعية، وإجراءات يجب على المسؤولين اتخاذها من أجل تحريك عجلة الاقتصاد السوري.
واعتبر أن هذه الممارسات قد تؤدي في نهاية المطاف إلى أن تقوم موسكو بالتساؤل عن مدى جدوى العمل في أراضي الجمهورية العربية السورية، ودعم الاقتصاد السوري في محنته.
وأضاف أنه من المرجّح أن تُغير روسيا من موقفها الداعم لسوريا بكل الاتجاهات نحو مواقف يمكن بنتيجتها أن تقع البلاد في أزمات وكوارث أخرى، إذا لم يستطع النواب الممثلون عن شرائح الشعب السوري عامة تغيير مناخ الأعمال.
–
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :