شكّك وزير داخلية ولاية سكسونيا الألمانية، بوريس بستوريوس، بإمكانية تنفيذ قرار ترحيل سوريين، بعد إعلان الداخلية الألمانية عدم تمديد حظر الترحيل.
وقال وزير داخلية ولاية سكسونيا السفلى، شمال غربي ألمانيا، إن انتهاء قرار وقف الترحيل الخاص بالسوريين نهاية العام الحالي لن يسهل إجراء عمليات الترحيل لهم، بحسب ما نقلته “DW” الألمانية، الجمعة 11 من كانون الأول، عن وكالة الأنباء الألمانية.
وأضاف بستوريوس، الذي كان يتحدث باسم وزراء داخلية الولايات الألمانية المنتمين للحزب “الاشتراكي الديمقراطي” في ختام مؤتمر وزراء الداخلية للولايات الألمانية، إن الأمر سيظل صعبًا للغاية.
وأوضح بستوريوس، بمناسبة نهاية وقف حظر الترحيل، الذي أقره وزراء الداخلية المنتمين للحزبين المسيحيين، “الاتحاد المسيحي الديمقراطي” والحزب “المسيحي الاجتماعي البافاري”، “أعتبر ذلك جزءًا من السياسة الشعبوية”، مشيرًا إلى أنه من دون قرار جماعي من كلا الجانبين، فسينتهي الآن العمل باللائحة السارية منذ 2012، وهذا يتطلب العودة إلى نظام فحص كل حالة ترحيل على حدة، من حيث كونها ممكنة أم لا.
وقال بستوريوس، إنه ستظل هناك مشاكل عملية، مبينًا أنه لا توجد الآن رحلات جوية مباشرة إلى سوريا، ولا توجد علاقات مع النظام السوري، متسائلًا ما إذا كانت الحكومة الألمانية مستعدة “لإقامة علاقات دبلوماسية مع النظام الإجرامي للأسد”.
وبعد سنوات من حظر ترحيلهم، بات من الممكن نظريًا ترحيل السوريين من ألمانيا، ولكن هذا الأمر يصطدم عمليًا بعقبات صعبة، كما صرح بعض الوزراء المنتمين للحزب “الاشتراكي”، موجهين النقد للمحافظين لعدم موافقتهم على تمديد الحظر.
من جانبه، قال وزير الدولة بوزارة الداخلية الاتحادية، هانز غيورغ إنغلكه، إنه “من غير المفهوم ألا يتم حتى التحقق من صحة قرار الترحيل، حتى في حالة الأشخاص المسجلين خطرين”، مبينًا أن هناك 89 شخصًا من “الإسلامويين الخطرين السوريين” يقيمون الآن في ألمانيا.
والمصنفون “خطرين” هم أشخاص تعتقد السلطات الأمنية أنهم مهيؤون للقيام بأخطر الجرائم السياسية التي تصل إلى حد تنفيذ الهجمات الإرهابية.
وأضاف وزير الدولة إنغلكه، “نريد أن يكون لنا الحق في دراسة هذه الحالات الفردية”.
انتقاد حقوقي سوري
اعتبر المحامي السوري الناشط في حقوق الإنسان أنور النبي، أن رفع حظر الترحيل الشامل عن السوريين “غير إيجابي”، وأدان القرار بشدة.
وقال البني، عبر “فيس بوك”، إن القرار يشكل خرقًا واضحًا للمعاهدات الدولية، وانتهاكًا لحقوق الإنسان.
وأشار إلى أن القرار بصيغته لا يعتبر أن سوريا أصبحت بلدًا آمنًا، كما أن تنفيذ هذا القرار عمليًا شبه معدوم، لأن تنفيذه يحتاج إلى تواصل مع الدولة السورية لترتيب استقبال هؤلاء، وهذا غير ممكن على الأقل الآن.
وأضاف البني أن الحقوقيين السوريين مستمرون بالتعاون مع المنظمات السورية والألمانية والدولية وخاصة منظمة العفو الدولية لإلغاء القرار، لأنه يمكن أن يشكل ثغرة لإعادة التواصل مع النظام السوري، وثغرة بجدار الحماية القانونية للاجئين، سيسعى البعض لاحقًا لتوسيعها لفئات أخرى من اللاجئين وتعميمها في دول أخرى.
المدير الإقليمي للمنظمة العربية- الأوروبية لحقوق الإنسان، محمد كاظم هنداوي، وصف القرار بأنه “مجحف”، لأنه يمكن لألمانيا معاقبة من يستحق دون ترحيله، وإخضاع بعضهم لإعادة التأهيل.
وأضاف هنداوي، لعنب بلدي، أن هناك تخوفات مستقبلة من وجود ثغرات لإقامة بعض الدول علاقات مع النظام السوري، وأن المنظمات الحقوقية لن تسمح بمرور أي قرار قد يؤدي إلى وجود علاقات كهذه.
لماذا رفع الحظر؟
أثار تسامح ألمانيا مع طالبي اللجوء المرفوضين، بمن في ذلك أولئك الذين لديهم سجلات إجرامية، رفع أصوات منتظمة لليمين المتطرف في حملته ضد المهاجرين، وخاصة من المناطق ذات الأغلبية المسلمة في العالم.
وحصلت القضية على دفعة في العام الحالي، عندما ألقي القبض على سوري يبلغ من العمر 20 عامًا بزعم طعن رجلين في أحد شوارع دريسدن، ما أدى إلى مقتل أحدهما.
ويقول ممثلو الادعاء، إن لدى الموقوف سجلًا جنائيًا وكان تحت مراقبة الشرطة.
وكان طلب اللجوء للموقوف رُفض بالفعل، لكن سُمح له بالبقاء في ألمانيا بسبب حظر الترحيل.
وصرح وزير الدولة بوزارة الداخلية، هانز جورج إنجيلك، أمس الجمعة، أن “أولئك الذين يرتكبون جرائم أو يسعون وراء أهداف إرهابية لإلحاق أضرار جسيمة بدولتنا وشعبنا، يجب عليهم وسيتعيّن عليهم مغادرة بلادنا”.
ومن بين حوالي 770 ألف سوري قدموا إلى ألمانيا في السنوات الماضية، قال وزراء الداخلية، إن نحو 90 فقط يعتبرون تهديدًا، وهؤلاء الأفراد قد يواجهون الآن الترحيل.
وبصرف النظر عن قيود السفر بسبب فيروس “كورونا المستجد” (كوفيد- 19)، فإن الترحيل إلى سوريا سيظل شبه مستحيل لأسباب إجرائية، منها عدم وجود علاقات مع النظام السوري.
ورحّلت ألمانيا أكثر من 22 ألف شخص في عام 2019، وفقًا للوكالة الفيدرالية للتربية المدنية (bpb)، وانخفض عدد عمليات الترحيل كل عام منذ ذروة عام 2016 التي تجاوزت 25 ألفًا.
وأبرز خمس جنسيات شملها الترحيل، الألبان والنيجيريون والجورجيون والروس والصرب في 2019.
لا يعني الترحيل من ألمانيا بالضرورة إعادة الأشخاص إلى بلدانهم الأصلية، إذ نُقل نحو 40% من المرحلين في عام 2019 إلى دول أخرى داخل الاتحاد الأوروبي، معظمهم إلى فرنسا وإيطاليا.
ما الذي يمنع الترحيل؟
توجد عدة عوامل تحدد ما إذا كان الترحيل يحدث بالفعل والمدة التي يستغرقها ذلك، بحسب ما نشرته النسخة الإنجليزية من موقع “DW“.
ويمكن للمهاجرين واللاجئين ومحاميهم الطعن في أوامر الترحيل، وهو ما يستغرق وقتًا لإجراءات المحكمة.
ولا يجوز ترحيل الأفراد إلى بلدان يواجهون فيها تهديدًا لحياتهم من خلال الحرب أو الاضطهاد.
ويمكن لطالبي اللجوء المرفوضين رفع قضيتهم إلى لجنة توصي وزير الداخلية الألماني بتعليق الترحيل، ومع ذلك للوزير الحق في رفض التوصية وإتمام الترحيل.
ولا تشمل عمليات الترحيل من يعاني من المرض العقلي أو الجسدي.
كما يمكن مقاومة الترحيل جسديًا ورفض الصعود إلى الطائرة، إذ ترفض أطقم الطيران ركوب أي شخص إذا اعتبرت أنه يشكل خطرًا على الركاب الآخرين.
ورغم آلاف عمليات الترحيل من ألمانيا، عاد أشخاص إليها لتقديم طلب اللجوء مرة أخرى.
–