إيران تنفذ حكم الإعدام بزعيم معارض استدرجته من فرنسا

  • 2020/12/12
  • 12:09 م

الصحفي الإيراني روح الله زم

أعدمت إيران شنقًا زعيم المعارضة السابق روح الله زم، الذي كان أحد أبرز رموز الاحتجاجات ضد الحكومة الإيرانية في 2017، وذلك بعد استدراجه من فرنسا عام 2019.

وبحسب ما نقله التلفزيون الرسمي الإيراني ووكالات أنباء إيرانية، منها وكالة “مهر“، اليوم السبت 12 من كانون الأول، فإن روح الله زم “المعادي للثورة” أُعدم شنقًا بعد تثبيت المحكمة العليا الحكم عليه بسبب “خطورة الجرائم” التي ارتكبها ضد جمهورية إيران الإسلامية.

وأدانت إيران زم بإثارة العنف خلال الاحتجاجات المناهضة للحكومة عام 2017، وأيدت المحكمة الإيرانية العليا، الثلاثاء الماضي، حكم الإعدام ضد المعارض الذي اعتقل عام 2019 بعد قضاء سنوات في المنفى.

واعتقلت إيران زم، وهو صحفي عمره 46 عامًا، في 2019، بعد سنوات قضاها في المنفى بفرنسا.

وكان المتحدث باسم السلطة القضائية الإيرانية، غلام حسين إسماعيلي، كشف، الثلاثاء الماضي، عن موافقة المحكمة العليا على حكم الإعدام الصادر بحق مدير موقع وقناة “آمد نيوز” على منصة “تلجرام”، الصحفي روح الله زم.

وصدر الحكم بحق روح الله زم، في 30 من حزيران الماضي، بعد جلسات محاكمة، وتقدم محاميه بطلب الاستئناف عليه في المحكمة العليا التي أكدت الحكم.

وتضمنت لائحة الاتهام الموجهة ضد زم 17 تهمة، أبرزها “الإفساد في الأرض”، و”التجسس لمصلحة أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية والفرنسية بواسطة جهاز استخبارات لإحدى دول المنطقة”، من دون الكشف عن اسمها، و”التعاون مع أمريكا ضد إيران”، و”التحريض على الحرب الداخلية والأمن الداخلي”، و”المشاركة في الأنشطة الإعلامية ضد نظام الجمهورية الإسلامية”، و”تحريض القوات المسلحة على العصيان”، و”إهانة المقدسات الإسلامية”، و”إهانة مؤسس الثورة الإسلامية”، روح الله الخميني.

من هون روح الله زم؟

ينحدر روح الله زم من عائلة متدينة شديدة الولاء لزعيم “الثورة الإيرانية” الراحل آية الله الخميني، وأطلق والده اسم روح الله عليه، تيمنًا بالخميني الذي حمل لقب روح الله.

ولد زم عام 1973 في طهران، متزوج ولديه ولدان، ووالده رجل الدين محمد علي زم الذي شغل مناصب حكومية عدة في إيران، منها قسم الدعاية والإعلان في المؤسسة الحكومية الإعلامية.

تعرض لاعتقالات سابقة، إذ سبق أن أُوقف في التظاهرات التي شهدتها إيران عام 2009، التي اندلعت احتجاجًا على نتائج الانتخابات الرئاسية.

بعد الإفراج عنه غادر البلاد، واستقرّ في الخارج حيث أسس موقع “آمد نيوز”، وقناة تحمل الاسم نفسه على “تلجرام”، وكانت تنشر أخبارًا مناهضة للحكومة الإيرانية.

عام 2017، اعتقلت السلطة القضائية الإيرانية أفرادًا، منهم صحفيون، بتهمة العمل لمصلحة شبكة “آمد نيوز”.

وخلال مظاهرات احتجاجًا على الأوضاع الاقتصادية في مطلع 2018، أصبحت قناة “آمد نيوز” أكثر شهرة، إذ وصل عدد أعضائها إلى أكثر من مليون شخص.

ومكّنها ذلك من تشجيع الإيرانيين على التظاهر، ما دفع بإدارة تطبيق “تلجرام” إلى إغلاقها، بعد شكوى رفعتها إيران لدى إدارة المنصة اتهمت فيها الشبكة بنشر “دعايات إرهابية”.

ظهرت القناة من جديد باسم “صداي آمد نيوز”، وفي 29 من أيلول عام 2019، أعلنت الشرطة الإيرانية سعيها إلى استعادة روح الله زم من خلال الشرطة الدولية (إنتربول).​

كيف اعتقلته إيران؟

أعلن “الحرس الثوري الإيراني” في 2019، أنه استخدم “أساليب استخباراتية حديثة وتكتيكات مبتكرة”، استطاع عبرها “خداع” أجهزة أمن وجهات أجنبية والوصول إلى الصحفي روح الله زم، المثير للجدل في إيران.

وتباهى “الحرس الثوري” بعملية استدراجه المعقدة من فرنسا إلى العراق، واصفًا المعارض بأنه “إحدى الشخصيات الرئيسة في شبكة العدو الإعلامية والحرب النفسية”.

وأوضح زملاء زم أن أشخاصًا تواصلوا معه (قدمتهم إليه زميلته شيرين نجفي)، وقالوا له إن آية الله السيستاني على استعداد لمقابلته ومساعدته في جمع 30 مليون دولار، لإنشاء محطة تلفزيونية.

وفي فيلم وثائقي استقصائي أعده الصحفي في “BBC” جيار غول، زعمت شيرين التي كانت تقيم في تركيا، أنها فضلت الذهاب إلى العراق بنفسها حتى لا يتعرض روح الله زم للخطر، لكن كان حضوره شخصيًا مطلوبًا.

وسافرت شيرين نجفي إلى العراق بجواز سفر مزوّر، وأرسلت 500 يورو إلى زم في باريس، ليسافر إلى العراق ويقابل عائلة آية الله السيستاني لشرح مشروعه في إنشاء محطة تلفزيونية.

ونفى مكتب السيستاني لاحقًا علاقته بزيارة روح الله زم إلى العراق.

وقالت شيرين نجفي حينها، إنه لم يكن للسيستاني دور في ذلك، بل من وصفتهم بالمقربين منه.

في 8 من تشرين الأول 2019، توجه زم إلى السفارة العراقية مع صديق في باريس، ورغم وصولهما في وقت متأخر إلى السفارة التي كانت على وشك إغلاق بابها أمام المراجعين، استقبلهما دبلوماسي في السفارة، وأصدر له تأشيرة السفر إلى العراق في غضون نصف ساعة فقط، في حين يستغرق ذلك أسابيع في الأحوال العادية.

وأرسل الأشخاص الذين كانوا يتواصلون معه على أنهم من مكتب السيستاني، تذكرة السفر من العراق عبر البريد الإلكتروني، ليسافر زم، في 19 من تشرين الثاني 2019، إلى العراق، رغم اعتراض زوجته وابنته اللتين كانتا قلقتين على سلامته، بحسب ما نقلته “BBC” عربي.

وقالت زوجته، إن آخر اتصال بينهما كان في أثناء توقف الطائرة بمطار عمان في العاصمة الأردنية، وبعدها لم يرد على اتصالاتها عند وصول الطائرة إلى بغداد.

وبعد يومين من الرحلة، نشر جهاز استخبارات “الحرس الثوري الإيراني” نبأ إلقاء القبض على المعارض الإيراني المطلوب من قبل السلطات الإيرانية.

وسرب شخص مجهول 700 صفحة من الوثائق الخاصة بوزارة الاستخبارات الإيرانية، حول أنشطة عملائها في العراق بين عامي 2014 و2015، لموقع “إنترسبت الإخباري”.

في وقت لاحق من 2019، قال مصدر في الحكومة العراقية لـ”BBC”، إن “روح الله اُعتقل وسُلّم إلى إيران بمجرد وصوله إلى مطار بغداد”.

وقال رانن بيرغمان وهو صحفي درس الوثائق المسربة، إن إيران “ربما خدعت زم عن طريق استخدام اسم السيستاني، وإن وزارة الاستخبارات الإيرانية لديها القدرة على اختراق أجهزة الكمبيوتر والهواتف الذكية للمعارضين والناشطين الإيرانيين والأوروبيين، وحتى السيرفرات إن أرادت ذلك، وأعتقد أنهم فعلًا اخترقوا سيرفر مكتب آية الله السيستاني”.

وأوضح بيرغمان أنه تعرض شخصيًا لتجربة قرصنة وربما محاولة اختطاف من قبل المخابرات الإيرانية، وأن الأخيرة استخدمت عنوان بريد إلكتروني لمؤسسة تركية غير ربحية لدعوته إلى اسطنبول للمشاركة في فعالية ما.

وكان للصحفي روح الله زم صديقة هي شيرين نجفي، التي ظهرت في وسائل الإعلام لبضعة أيام بعد انتشار خبر اعتقال زم، مدعية أنها التقت به في العراق، ولكن انقطعت أخبارها منذ ذلك الحين ولا أحد يعلم مكانها الآن.

ويعتقد بعض زملائها الذين عملوا معها في الموقع الإخباري، أنها ربما تعرضت لضغوطات من قبل “الحرس الثوري” لكي تتعاون معهم، لكن وسائل إعلام إيرانية مناهضة للحكومة تعتقد أن شيرين ربما تكون عضوًا في استخبارات “الحرس الثوري”، وكُلّفت بالتسلل إلى قناة “آمد نيوز” والإيقاع بمديرها روح الله زم، الذي كانت تطارده إيران لسنوات.

مقالات متعلقة

دولي

المزيد من دولي