وافق قادة الاتحاد الأوروبي على توسيع العقوبات “الفردية” ضد أنقرة، على ألا تطال اقتصاد البلاد، وذلك ردًا على أعمال التنقيب عن موارد الطاقة، التي أطلقتها تركيا في شرقي البحر المتوسط.
وقال القادة في بيان مشترك صدر في وقت مبكر من اليوم، الجمعة 11 من كانون الأول، “تعهد الاتحاد الأوروبي بتوسيع قائمة الأتراك المستهدفين بحظر السفر وتجميد الأصول”، وتابع “بينما لم يتجه نحو فرض عقوبات أكثر إيلامًا من الناحية الاقتصادية ضد الحكومة في أنقرة”، وفق ما نقله موقع “بلومبيرغ”.
وأوضح الموقع أن قادة دول الاتحاد (27 دولة) أعطوا الضوء الأخضر في قمة “بروكسل”، للعمل على توسيع “قائمة سوداء” تتكون من موظفين اثنين في شركة البترول التركية، لافتًا إلى احتمالية استهداف المزيد من الأفراد، وربما إدراج بعض الشركات والمنظمات الحكومية في العقوبات، “إذا استمرت أنقرة في التنقيب بالمتوسط”.
ولم يستجب رؤساء حكومات الكتلة لمطالب تقودها اليونان، مفادها البدء بصياغة عقوبات أشد، مثل “حظر المعاملات بين المؤسسات الأوروبية والشركات التركية”، وبدلاً من ذلك، أشاروا إلى إمكانية التفكير في المزيد من الإجراءات العقابية، بحلول آذار 2021، في حال واصلت أنقرة أعمال المواجهة شرقي المتوسط.
وقال الزعماء في البيان، إن “الاتحاد الأوروبي لا يزال ملتزمًا بالدفاع عن مصالحه ومصالح دوله الأعضاء، وكذلك الحفاظ على الاستقرار الإقليمي”.
فصيلان
وورد في البيان أيضًا، “سيسعى الاتحاد الأوروبي للتنسيق بشأن الأمور المتعلقة بتركيا والوضع في شرق البحر المتوسط مع الولايات المتحدة”.
ويشير موقع “بلومبيرغ” إلى أن “نتيجة القمة الأوروبية هي حل وسط صعب، بين مجموعة من دول الاتحاد الأوروبي بما في ذلك اليونان وقبرص وفرنسا، التي تريد اتباع نهج أكثر تشددًا ضد تركيا، وفصيل تقوده ألمانيا حريص على السير بحذر أكبر”.
كما أن الاتحاد الأوروبي وجد حجة إضافية لتأجيل أي تحرك فوري نحو عقوبات أوسع، على خلفية فوز المرشح الرئاسي الأمريكي، جو بايدن، في الانتخابات، وفق الموقع.
وبحسب الموقع، تريد العواصم الأوروبية العمل معه من كثب في مجموعة من القضايا، بما في ذلك تركيا، بعد أربع سنوات “مليئة بالتوتر” مع الرئيس المنتهية ولايته، دونالد ترامب.
تركيا حليف قوي
قبيل انعقاد مؤتمر “بروكسل” أمس، الخميس، حث الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو)، ينس ستولتنبرغ، الاتحاد أوروبي على انتهاج موقف إيجابي من تركيا، مؤكدًا أن الأخيرة حليف قوي.
وقال ستولتنبرغ، “هناك خلافات يجب أن نناقشها، لكن في الوقت نفسه يجب أن ندرك أن تركيا جزء من الحلف والعائلة الغربية”.
في حين وصف النائب الألماني السابق يورغن تودينهوفر، جهود الاتحاد الأوروبي في محاولة فرض عقوبات على تركيا بأنها “هراء”.
وقال تودينهوفر المنشق عن حزب “الاتحاد الديمقراطي المسيحي”، الذي تقوده المستشارة أنجيلا ميركل، في تصريح لـ”الأناضول” أمس، الخميس، “أعتبر ذلك هراء (فرض العقوبات)، والتصرف بطريقة المدرّس الحازم تجاه تركيا غير عادل أبدًا”.
وأوصى النائب السابق بضرورة استخدام أنقرة وبرلين “لغة أكثر ليونة”، حتى لا تتأثر العلاقات الثنائية، مشيرًا إلى أن تركيا “أهم شريك استراتيجي لألمانيا”.
عقوبات غير مؤثرة
قال الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، في 9 من كانون الأول الحالي، إن إقدام الاتحاد الأوروبي على فرض عقوبات “لن يكون مصدر قلق لأنقرة”.
وأكد أردوغان أنه “منذ عام 1963، كان الاتحاد الأوروبي يطبق بالفعل عقوبات علينا باستمرار (…) ولم يكن الاتحاد الأوروبي أبدًا صادقًا ولم يفِ بوعوده أبدًا. لكننا كنا دائمًا صبورين”، وفق قوله.
بموازاة ذلك، شدد متحدث الرئاسة التركية إبراهيم قالن، على أن لغة التهديد بالعقوبات لن تجدي نفعًا مع تركيا، داعيًا قادة وزعماء دول الاتحاد إلى تجنب فرض العقوبات.
وقال قالن، في 9 من كانون الأول الحالي “تركيا تنتهج سياسة خارجية تستند إلى مبدأ إعلاء شأن الإنسان”، واصفًا تفكير المجلس الأوروبي بفرض عقوبات على أنقرة بـ”المخيب للآمال (…) تركيا ما زالت جزءًا من التحالف الغربي”.
لماذا العقوبات؟
تمضي أنقرة في سعيها للتنقيب عن الغاز في شرقي المتوسط، بالتزامن مع إرسالها سفنًا بحرية وحربية إلى مناطق تعتبرها أنقرة ضمن جرفها القاري، الذي تطلق عليه “الوطن الأزرق”.
وأثارت الخطوات التركية حفيظة اليونان، التي لديها خلافات عميقة مع تركيا حول عدد من الملفات، على رأسها ملف اللاجئين والحدود البحرية بين البلدين، لتوقع أثينا اتفاقية ترسيم حدود بحرية مع مصر، في 6 من آب الماضي.
كما طالب الاتحاد الأوروبي مرارًا تركيا بالتوقف عن عمليات التنقيب عن الثروات شرقي المتوسط، وسط إصرار أنقرة على حقها بذلك.
وفي 27 من تشرين الثاني الماضي، وافق البرلمان الأوروبي، بتأييد 631 صوتًا مقابل معارضة ثلاثة وامتناع 59 عن التصويت، على قرار غير ملزم، يدعم طلب قبرص الذي يحث الاتحاد الأوروبي على “اتخاذ إجراء وفرض عقوبات صارمة ردًا على أفعال تركيا غير القانونية”، وفق موقع البرلمان الأوروبي الرسمي.
ووصف قرار البرلمان أنشطة التنقيب التي تقوم بها تركيا عن الغاز في شرقي البحر المتوسط بـ”غير القانونية”.
بينما قال وزير الخارجية الفرنسي، جان إيف لو دريان، في أثناء الجلسة، “تركيا تعلم ما ينبغي أن تفعله (…) المواجهة أو التعاون، الأمر يرجع لهم”.
–