تهدد الأبنية المخالفة في مدينة اعزاز، بريف حلب الشمالي، حياة مئات السكان، إذ تعمَّر بعيدًا عن حسابات الهندسة المدنية، ضمن مخططات علمية سليمة، ما يجعلها آيلة للسقوط بسبب مناخي أو من دونه.
وانهار مبنى مؤلف من خمسة طوابق في مدينة اعزاز شرق جامعة “حلب”، الاثنين 7 من كانون الأول.
وقال شاهد عيان يسكن قبالة المبنى المنهار، لعنب بلدي، “أي شخص يمكنه أن يبني، لا توجد قيود لأن البناء يجري من دون إشراف أو رقابة من المجالس المحلية”.
وأوضح رئيس بلدية اعزاز، محروس عشاوي، لعنب بلدي، أن البناء غير مرخص، وأنه جرى تبليغ أصحابه أكثر من مرة، وقُدم ضدهم ضبط في المحكمة.
مخالفات يولدها الاكتظاظ.. الأرواح في خطر
وعزا رئيس البلدية أسباب الانهيارات التي قد تلحق بالعمارات، إلى أن التربة في اعزاز لا تتحمل أبنية أعلى من ثلاثة طوابق.
وأوضح أنه “نتيجة الكثافة السكانية الناتجة عن النزوح، وضيق المساحات وغلاء الأراضي، أخذ الناس بتعمير طوابق أعلى من المسموح”.
وأشار عشاوي إلى أن التلاعب في كميات الحديد والأسمنت في العمران يؤدي إلى انهيار المباني، مستدركًا أن 90% من عمليات البناء تجري تحت إشرافه.
ومن أبرز المشاكل التي تؤدي إلى تشييد أبنية غير آمنة، استعانة الأهالي بعمال بناء من غير المختصين، يضعون مخططات عشوائية، وفق رئيس البلدية.
وشدد عشاوي على ضرورة ترخيص الأهالي لأبنيتهم، وذلك عن طريق “إحضار مخططات بناء، ومخططات إنشاء مصدقة من نقابة المهندسين، وبيان قيد عقاري”، موضحًا أن أي بناء يقام بهذه الطريقة يتم تحت إشراف مهندس من نقابة المهندسين حصرًا، لمنع التحايل في الأمر عن طريق مهندسين مدبّرين.
ملاحقة المخالفين.. ماذا عن حملة السلاح؟
وأشار عشاوي إلى أنه خلال العام الحالي، كان لدى بلديته تبليغ عن 220 بناء مخالفًا، 143 منها جرى ترخيصه، و73 امتنع أصحابها عن الترخيص “وتم تبليغهم”، لافتًا إلى أن البعض لا يرخص بناءه حتى يأتيه تبليغ من المحكمة.
تعطي البلدية أصحاب العمارات ثلاثة تبليغات، تمتد إلى نحو ثلاثة أشهر، وإذا لم يتجاوب ترفع فيه ضبطًا للمحكمة.
بدوره، تحدث مصدر مطلع على أعمال البناء والتراخيص في المدينة، تحفظ على ذكر اسمه، أن من بين الممتنعين عن ترخيص أبنيتهم عسكريين من الفصائل المسيطرة في المنطقة، لكنه استدرك أنهم يرتكبون هذه المخالفات بشكل فردي بعيدًا عن حماية الفصائل التابعين لها.
مشهد متكرر
يتكرر مشهد انهيار الأبنية في المحافظات السورية، إما لتهالكها بسبب القصف وإما بسبب تعميرها بطرق مخالفة للعلم.
وفي أواخر 2019، قُتل 12 شخصًا من بينهم طفل وامرأتان، وأُصيب آخرون بجروح، من جراء انهيار مبنى في حي المعادي بمدينة حلب شمالي سوريا.
وقال رئيس مجلس مدينة حلب، معد مدلجي، لوكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) آنذاك، إن “سبب الانهيار يعود للأمطار الغزيرة التي هطلت في المنطقة”، مضيفًا أن “المبنى مخالف ومتهالك ومشاد على أرض زراعية في منطقة سكن عشوائي تعرضت خلال الحرب الظالمة لأضرار كبيرة”، بحسب تعبيره.
وتعرض الحي في أثناء سيطرة المعارضة عليه لقصف جوي بالصواريخ والبراميل المتفجرة من قبل طيران النظام السوري وروسيا.
في حين توفي شخص وجُرح أربعة آخرون، في 23 من تشرين الثاني الماضي، إثر انهيار مبنى سكني كان قيد الإكساء، في بلدة بيت سحم بريف دمشق الجنوبي.
وأفاد حينها مصدر في قيادة شرطة الريف لـ”سانا” بأن البناء المؤلف من أربعة طوابق، انهار في أثناء وجود خمسة عمال فيه، ما أدى إلى إصابة أربعة منهم بجروح.
وفي آذار 2018، انهار مبنى سكني قرب ساحة عرنوس وسط العاصمة دمشق، من دون إصابات بشرية.
وحمّل سكان الحي وقتها عبر وسائل التواصل الاجتماعي بلدية “الجسر الأبيض” مسؤولية انهيار المبنى، الذي كان مأهولًا قبل أسبوع من الحادثة، وشككوا بأن البلدية تقصدت تركه دون ترميم، لطمع أحد رجال الأعمال بهذا المبنى، بسبب موقعه المهم وسط سوق تجارية، وبجانب قسم شرطة عرنوس.
وفي شباط الماضي، قالت “الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون” الحكومية السورية، إن شخصين توفيا، إثر انهيار مبنى مؤلف من خمسة طوابق، في شارع سينما فؤاد بمدينة دير الزور.
وشارع سينما فؤاد من الأحياء التي كانت تسيطر عليها فصائل المعارضة حتى منتصف عام 2014، حين سيطر تنظيم “الدولة الإسلامية” على كامل المدينة، ثم خسرها نهاية عام 2017 لمصلحة قوات النظام السوري.
وكان شارع سينما فؤاد من الجبهات الساخنة، إذ شهد عمليات قصف ومعارك عنيفة خلال سيطرة الفصائل عليه.
–