تقليص نفوذ أم تخفيف توتر وشق للصف.. أهداف وراء “تسوية” درعا الجديدة
شهدت محافظة درعا جنوبي سوريا “تسويتين” منذ تموز 2018، بين قوات النظام و”اللجان المركزية” في المحافظة، بضمانة روسية، كان للنظام هدف رئيس منهما هو تخفيف التوتر وبسط نفوذ أكبر في المحافظة.
وجاءت “التسوية” الأخيرة، في 4 من كانون الأول الحالي، مع اللجنة الأمنية التابعة للنظام السوري، وتقضي بتسليم المنشقين لقطعاتهم العسكرية، وإلغاء المطالبات الأمنية بحق المدنيين.
وبحسب ما قاله عضو “اللجنة المركزية” زياد المحاميد، لعنب بلدي، فإن اللجنة الأمنية التابعة للنظام السوري زعمت بأن “التسويات” السابقة أجراها فرع أمني واحد، لذلك وقعت بأخطاء من بقية الفروع، بينما تشمل هذه “التسوية” الأفرع الأمنية كافة، وتأخذ صفة قضائية بحضور قاضي الفرد العسكري من دمشق.
أما عن “تسوية” المنشقين فقال المحاميد، إن على المنشق مراجعة القضاء العسكري والحصول على أمر ترك من قاضي الفرد العسكري، على أن يلتحق بقطعته العسكرية خلال مدة أقصاها ستة أيام، أما بالنسبة لـ”تسوية” المدنيين فإن جميع السكان خضعوا لـ”تسوية” عام 2018، ولكن “التسوية” الجديدة تشمل من يعلم أن عليه مطالبات أمنية فقط.
وتناقلت صفحات محلية أنباء عن أن “التسوية” تعد من محاولات تقليص روسيا نفوذ “اللواء الثامن” الذي يقوده أحمد العودة، وحصره في مناطق الريف الشرقي.
لكن عضوًا في مكتب “اللواء الثامن” الإعلامي، نفى لعنب بلدي هذه المحاولات.
بينما قال عضو “مكتب توثيق الشهداء في درعا” عمر حريري، لعنب بلدي، إن محاولات تقليص نفوذ “اللواء” موجودة، مشيرًا إلى أن الروس حدوا مؤخرًا من تحركات “اللواء”، ووضعوا لمقاتليه قيودًا في عدة أمور.
لكن الحريري استبعد أن تكون إجراءات الروس الأخيرة ضد “اللواء” لها علاقة بـ”التسوية” الأخيرة.
أدوار أكبر لعبها “اللواء الثامن”
وجاءت “التسوية” بعد ثلاثة تحركات لـ”اللواء الثامن” التابع لـ”الفيلق الخامس” المشكّل روسيًا، أولها منع اقتحام النظام بلدة الكرك بريف درعا الشرقي، ثم انتهاء التوتر في بلدة القريا جنوبي السويداء بسحب نقاط “اللواء” من البلدة، وآخرها محاولة الاندماج مع فصائل محلية لم يكتب لها النجاح، في تشرين الثاني الماضي.
وكانت فكرة تشكيل جسم عسكري موحد في درعا مطروحة منذ اتفاق “التسوية” في 2018، لكن تشكيله مرتبط بمشيئة دولية، حسب حديث محافظ درعا السابق، علي الصلخدي، لعنب بلدي.
وأشار الصلخدي إلى أن قوات النظام وروسيا وإيران لديهم غرفة عمليات موحدة لتسيير الأمور العسكرية في درعا، علمًا أن قوات العودة تتبع لروسيا، و”الفرقة الرابعة” في جيش النظام تتبع لإيران، والأمن العسكري يتبع للنظام، وأي شخص في درعا ينخرط ضمن هذه التشكيلات فهو تابع للنظام.
وتنتشر في درعا حواجز للأمن العسكري و”الفرقة الرابعة” بشكل أساسي، إضافة إلى حواجز تتبع لبقية الأفرع الأمنية التابعة للنظام.
“تسوية” جديدة دون ضمانات
ولم تتضمن “التسوية” الأخيرة أي ضمانات، وتشابهت بنودها مع “تسوية” 2018، التي سيطر بموجبها النظام على محافظة درعا، بحسب عمر حريري.
وأوضح محافظ درعا السابق، علي الصلخدي، في حديثه لعنب بلدي، أن “التسويات” الأخيرة تجري عبر علاقات شخصية وقنوات بين شخصيات من درعا وجهات أمنية، إذ يعطي المسؤولون الأمنيون “وعودًا زائفة، ليقنعوا الشباب أن المصالحة جيدة وأنها تختلف عن سابقتها”.
لكن المصالحات الأخيرة لا تختلف عن سابقتها أو عن “تسوية” الثمانينيات، لأن النظام لا عهد له، وسياسته معروفة، والنظام وروسيا كضامنين لم يفيا بالعهود والمواثيق بنصوص “التسويات”، حسب الصلخدي.
واعتبر الصلخدي أن “التسوية” الأخيرة لتخفيف التوتر وشق الصف والتشتيت وكسب الوقت من قبل النظام، مشيرًا إلى شخصيات ظهرت مؤخرًا تعمل على عقد “تسويات” جديدة لا تملك من أمرها شيئًا (في حال اعتقل النظام أشخاصًا خضعوا لتسويات).
“تسويات” سابقة لم تطبق بنودها
“التسوية” الأولى في محافظة درعا أجريت في تموز عام 2018، بعد مفاوضات بين قوات النظام و”اللجان المركزية”، المكوّنة من عاملين في الشأن المدني من هيئات وشيوخ عشائر وقادة سابقين في “الجيش الحر”، وجرت بوساطة روسية.
وشملت بنودها خروج المعتقلين، وتأجيل خدمة العلم، وعودة الخدمات المدنية إلى المدينة، وعودة الموظفين المفصولين من الدوائر الحكومية إلى عملهم.
وفي 1 من آذار الماضي، وبعد حملة عسكرية شنتها قوات النظام على مدينة الصنمين شمالي درعا، بحجة وجود “إرهابيين” فيها، عقدت “تسوية” جديدة للمقاتلين السابقين من أهالي المدينة.
ونص الاتفاق على خروج الرافضين لـ”التسوية” إلى الشمال السوري، أما الذين بقوا في المدينة، فقسم منهم سلم سلاحه وأجرى “التسوية” مع النظام، وقسم طلب الخروج إلى بصرى الشام والانضمام إلى “الفيلق الخامس” الذي شكلته روسيا لدعم قوات الأسد، بقيادة أحمد العودة.
وفي أيلول الماضي، وبعد مرور عامين على “التسوية” الأولى، افتتحت الأفرع الأمنية مركزين لـ”تسوية” جديدة، الأول في مدرسة “ميسلون” ضمن مدينة درعا، والثاني في مدينة بصرى الشام، وهو مخصص لعناصر “اللواء الثامن”.
وبحسب الاتفاق، شطبت أسماء المنضمين لـ”اللواء” من قائمة المطلوبين للجهات الأمنية، ومنحوا حرية الحركة والتنقل دون التعرض للملاحقة والاعتقال.
ولكن على الرغم من “التسويات” السابقة، فإن التزام الأفرع الأمنية والضامن الروسي لم يكن تامًا، كما لم يفِ النظام بوعوده لسكان درعا، في وضع حد لتجاوزات الأفرع الأمنية وإعادة الخدمات إلى المنطقة، إذ استمرت عمليات الاعتقال وتشديد القبضة الأمنية.
–
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :