تحدث المبعوث الأمريكي السابق إلى سوريا، جيمس جيفري، عن الاستراتيجية التي اعتمدتها بلاده في سوريا لمواجهة النظام السوري، والنفوذين الإيراني والروسي.
وقال جيفري في مقابلة مع صحيفة “تايمز أوف إسرائيل“، نشرتها مساء السبت 5 من كانون الأول، إن القوات الأمريكية والتحالف الدولي في سوريا “لا يقاتلون تنظيم (الدولة) فحسب، بل يحرمون رئيس النظام السوري، بشار الأسد، من السيطرة على الأرض”، بحسب ما ترجمته عنب بلدي.
وأضاف أن القوات التركية تفعل الشيء نفسه في شمال غربي سوريا، بينما “يسيطر سلاح الجو الإسرائيلي على الأجواء”.
في حين قادت واشنطن تحالفًا واسعًا لفرض عقوبات “سحقت الأسد اقتصاديًا”، بحسب تعبيره، إلى جانب تعاون دول عربية وافقت على الحفاظ على “العزلة الدبلوماسية” للحكومة السورية.
ونتيجة للسياسة السابقة، ورثت روسيا وإيران “دولة فاشلة بالكامل وغارقة في مستنقع”، ويتعيّن عليهم “التفاوض بجدية وقبول الحلول الوسط، إذا كانوا يريدون الخروج من هذا المستنقع”، بحسب جيفري.
ويرى جيفري أن التحدي الذي يواجه إدارة الرئيس الأمريكي المنتخب، جو بايدن، سيكون إقناع روسيا وإيران بقبول التسويات التي من شأنها أن تضع حدًا لإراقة الدماء في سوريا، و”تضع الأسد الذي صنعاه تحت السيطرة”، في ظل “تردد متزايد” من البلدين لفعل ذلك.
سياسة المقاطعة
دافع المبعوث الأمريكي السابق إلى سوريا، جيمس جيفري، عن سياسة الإدارة الأمريكية في مقاطعة رئيس النظام السوري، بشار الأسد، قائلًا إنها استمرار لموقف الرئيس السابق، باراك أوباما.
وأبدى جيفري استعداد واشنطن للعمل مع الأسد، إذا “استيقظ” وقرر تبني العمل لتحقيق قرار مجلس الأمن الدولي “2254”.
وبرر جيفري مقاطعة الأسد، على الرغم من أن الولايات المتحدة كانت على استعداد للتفاوض مع “منتهكي حقوق الإنسان” في إيران وكوريا الشمالية، بأنه في حالة البلدين الأخيرين، كان من “المنطقي التفاوض معهم”، وأُحرز تقدم في بعض المجالات، بينما مع الأسد “لم يكن هناك أي مؤشر على الإطلاق أنه سيكون على استعداد للتنازل حتى إنش واحد”.
النشاط الإسرائيلي في سوريا
اعتبر المبعوث الأمريكي السابق إلى سوريا، جيمس جيفري، أن الطريقة الوحيدة لإخراج سلاح الجو الإسرائيلي من الأجواء السورية ستحتم على روسيا ورئيس النظام السوري، بشار الأسد، إخراج القوات الإيرانية والميليشيات المدعومة إيرانيًا من سوريا.
ووصف ذلك بأنه “مطلب غير قابل للتفاوض”، بينما أصر على أن تورط إيران في سوريا “يضخم ويضاعف أسوأ غرائز الأسد تجاه شعبه وجيرانه”.
كما يشكل الوجود الإيراني في سوريا، “خطرًا وجوديًا في الوقت الحالي، على الأرجح لإسرائيل، وفي المستقبل، لأصدقائنا وحلفائنا الآخرين في جميع أنحاء سوريا، وتركيا والأردن والعراق”.
وأعرب جيفري عن أسفه لعدم قدرته على إخراج إيران من سوريا، لكنه أكد أن “السياسة الأمريكية فرضت ثمنًا باهظًا على نظام الأسد، وبشكل غير مباشر من خلال ما نقوم به، وما تفعله إسرائيل، وما نقوم به مع مختلف شركائنا الآخرين”، مضيفًا، “خفضنا بشكل كبير فوائد إيران من الوجود في سوريا”.
وأوضح جيفري أنه إذا لم تكن الولايات المتحدة قادرة على التفاوض على حل وسط يتضمن إخراج إيران من سوريا، فإن “الاستراتيجية المؤقتة هي حرمانهم من الانتصار”.
وحول إسهام إسرائيل في محاربة تنظيم “الدولة”، قال جيفري، “لقد لعبت إسرائيل دورًا كبيرًا. الكثير منها سري”.
أما بالنسبة للغارات الجوية الإسرائيلية المفترضة ضد القوات المرتبطة بإيران في العراق، فقد أقر المبعوث السابق بأنه كان هناك “قلق” لدى البعض في الجيش الأمريكي من أن مثل هذه الضربات ستسبب مشاكل لتزامنها مع الجهود لهزيمة تنظيم “الدولة” هناك، ولكن “قررنا في النهاية أن هذه المخاوف مبالغ فيها”.
واعترف جيفري بأن التصريحات التي أدلى بها لموقع “Defence One” قد أوقعته في “مشكلة”، حيث تم تفسيرها بشكل “غير صحيح” على أنها تشير إلى أن موظفي البيت الأبيض كانوا ينقلون معلومات خاطئة عمدًا إلى ترامب، “وهو ما لم يكن كذلك على الإطلاق”.
وكان جيفري قال إن فريقه كان يضلل بشكل روتيني كبار قادة إدارة ترامب، بشأن عدد القوات الأمريكية في سوريا.
ونقل الموقع المتخصص في الشؤون الأمنية والعسكرية “Defence One“، في 12 من تشرين الثاني الماضي، عن جيفري قوله، إن “العدد الفعلي للقوات في شمال شرقي سوريا أكثر بكثير من 200 جندي، وافق ترامب على تركهم هناك في 2019”.
وفي وقت سابق، أكد وزير الخارجية الأمريكي، مايك بومبيو، نهاية خدمة المبعوث الأمريكي إلى سوريا، جيمس جيفري، مع اقتراب موعد تقاعده في تشرين الثاني الماضي.
وشكر بومبيو في تغريدة عبر حسابه في “تويتر”، في 9 من تشرين الثاني الماضي، المبعوث الأمريكي عن دوره في سوريا كممثل خاص.
وقال بومبيو، “أشكر المبعوث جيمس جيفري على إسهاماته البارزة كممثل خاص للمشاركة في سوريا، وكمبعوث خاص للتحالف الدولي لقتال تنظيم الدولة”، مشيرًا إلى أنه يجسد “أفضل ما في السلك الأمريكي الدبلوماسي”.
وذكر الوزير في بيان أن جيفري خرج من تقاعده في آب 2018 بناء على طلب وزير الخارجية لتسلّم الملف السوري ممثلًا له، مضيفًا أن “جيفري تمكن من تحقيق نتائج مذهلة في كلا منصبيه، وطوّر الجهود الأمريكية نحو حل سياسي للأزمة السورية وتوفير الظروف الملائمة لدحر تنظيم الدولة”.
–