ورقتان للنظام والمعارضة تتعرضان للانتقادات في جنيف
رفع وفدا النظام والمعارضة السورية ورقتين في نهاية جلسات الجولة الرابعة من اللجنة الدستورية، لكن الورقتين لم تحظيا بتوافق وأثارتا جدلًا، من حيث البنود التي تحملانها، ومحاولات فرضهما.
وقدم النظام في الجولة الرابعة، بين 30 من تشرين الثاني الماضي و4 من كانون الأول الحالي، ورقة تتضمن ثمانية “مبادئ وركائز وطنية”.
كما قدم وفد المعارضة ورقة جامعة بمبادئ تتضمن موقفه مما يعتبره مبادئ وطنية دستورية، وجميعها غير اشتراطية وغير ملزمة.
بينما قدم وفد المجتمع المدني مبدأ واحدًا، كفل حقوق العودة الآمنة والطوعية والكريمة للاجئين، و”هو ما نعتبره المبدأ الأساسي”، حسبما قالت عضو اللجنة المصغرة عن قائمة المجتمع المدني إيلاف ياسين، لعنب بلدي.
ما المبادئ التي يريدها النظام السوري؟
وقرأ الرئيس المشترك باسم وفد النظام، أحمد الكزبري، نص ورقة تحتوي لائحة بالمبادئ الوطنية اقترحها الوفد، نشرت عنب بلدي بنودها، في 3 من كانون الأول الحالي، وتشمل ثمانية مبادئ من وجهة نظر النظام:
- مكافحة “الإرهاب” ومسبباته، وإدانة الدول الداعمة له، والتعويض عن الضرر المادي والمعنوي.
- إدانة الاحتلال الأجنبي وتجريم كل من يتعامل معه.
- دعم الجيش العربي السوري في الدفاع عن الوطن.
- الرفض التام لكل المشاريع الانفصالية.
- الهوية الوطنية الجامعة والانتماء الوطني فوق الانتماءات الأخرى، واعتبار اسم الجمهورية العربية السورية واللغة العربية والانتماء إلى الوطن وحماية وحدة البلاد واحترام رموز الدولة (العلم والنشيد) محددات أساسية لهذه الهوية.
- حماية التراث الثقافي واسترداد الآثار المنهوبة.
- تشجيع اللاجئين على العودة الطوعية والآمنة، ومطالبة المجتمع الدولي بدعم جهود الحكومة في هذا الصدد.
- المعالجة العاجلة للملف الإنساني، بدعم الحكومة “في رفع الأذى عن الشعب، وتوفير الخدمات، وإدانة الاستخدام السياسي لهذا الملف”.
وحصلت صحيفة “الشرق الأوسط” على نص تفصيلي للورقة، نشرته في 5 من كانون الأول الحالي، يظهر تهجم البنود على جميع الأطراف في سوريا ما عدا إيران وروسيا.
إضافة إلى المساواة بين تنظيمات “الدولة الإسلامية” و”القاعدة” وجماعة “الإخوان المسلمون” (الممثلة في المعارضة والائتلاف الوطني).
هل هذه الورقة ملزمة؟
وأثارت الورقة جدلًا حول محاولات فرضها على بقية الوفود، ما يعني تسيير أعمال اللجنة الدستورية في إطار الرواية التي يراها النظام السوري.
لكن عضو اللجنة المصغرة بقائمة المجتمع المدني إيلاف ياسين أوضحت، في حديث إلى عنب بلدي، أن آلية عمل اللجنة لا تسمح بفرض أو اشتراط أي من الوفود شيئًا على الوفود الأخرى، لأنها ليست مفاوضات سياسية، إنما مفاوضات دستورية.
ولدى اللجنة الدستورية آلية لتمرير القرار، إذ توجد لجنة مصغرة تناقش وتتفق على صيغة ما، وفي حال اتفاق الوفود الثلاثة على مبدأ محدد، فيجب أن يعرض الاتفاق على اللجنة الموسعة التي تضم 150 عضوًا لتقر بالمبدأ.
وكان للنظام منذ انطلاق أعمال اللجنة الدستورية اعتراض شديد على تقديم أي ورقة، حتى إن الرئيس المشترك لوفد النظام، أحمد الكزبري، رفض تسلم أي ورقة خلال إدارته للجلسات، لكنه تسلم ورقة من المجتمع المدني بعد تسميتها بـ”لا ورقة”، وقدمت بمحضر الجلسة في الجولة الأولى من المحادثات، حسب إيلاف ياسين.
لكن الكزبري في الجلسات اللاحقة قال إنه لن يتسلم أي نصوص ورقية، وإنه ليس مضطرًا لذلك، وهو ما أرجعته ياسين لتعرضه للتأنيب.
ووفق آلية تشكيل اللجنة سواء كانت ورقة أو لا ورقة، تدرج في محضر الجلسة، حسب إيلاف ياسين.
انتقادات لمقترح من المعارضة
وقدم وفد المعارضة ورقة تضمنت مضامين وبنودًا دستورية في أربع صفحات حول سيادة سوريا، وأنها دولة مدنية ديمقراطية لا يجوز التنازل عن أي جزء منها، والسيادة الوطنية للدولة السورية، والهوية الوطنية، ونظام الحكم، وأن الشعب هو مصدر السلطات عبر صناديق الاقتراع.
وجاء في أحد البنود “يقرر الشعب السوري وحدة مستقبل بلاده بالوسائل الديمقراطية، وعن طريق صناديق الاقتراع من دون تدخل خارجي وفقًا لحقوق الدولة السورية”.
وقال المعارض السوري محمد صبرا، عبر صفحته في “فيس بوك” أمس، إن البند السابق “يشير بوضوح إلى حجم الخطأ أو الخطايا التي يتم ارتكابها من قبل هذه اللجنة”.
وأوضح صبرا أن البند يعني عمليًا أن الحل في سوريا يجب أن يكون عبر صناديق الاقتراع حصرًا، وهو ما يعني في حقيقته التنازل عن كل قرارات مجلس الأمن والأمم المتحدة الخاصة بالقضية السورية، خاصة أن الفقرة لا تدع مجالًا للاجتهاد عندما تضيف من دون تدخل أحد ووفقًا لحقوق الدولة السورية.
وأشار صبرا إلى أن هذا المطلب هو مطلب روسيا والنظام، وهو نفس الكلام الذي يردده وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، ورئيس النظام، بشار الأسد، بأن الحل في سوريا يجب أن يكون عبر صناديق الاقتراع، وليس عن طريق الأمم المتحدة.
وتجاهلت ورقة وفد المعارضة إلحاق هذا البند بعبارة بعد تنفيذ قرارات مجلس الأمن الخاصة بسوريا، أو وفقًا لقرارات مجلس الأمن الناظمة للمرحلة الانتقالية وما بعدها، حسب صبرا.
والهدف الأساسي من تشكيل اللجنة، وضع آلية لدستور جديد لسوريا، وفق قرار الأمم المتحدة “2254”، القاضي بتشكيل هيئة حكم انتقالية، وتنظيم انتخابات جديدة.
وكانت الجولة الأولى من محادثات اللجنة الدستورية بدأت في 30 من تشرين الأولى 2019، وتلتها ثلاث جولات.
وخسرت اللجنة الدستورية مع إطالة جدول محادثاتها العامل الزمني، مع اقتراب موعد الانتخابات صيف العام المقبل، بعدما كان يعوّل عليها كطريق للانتقال السياسي في سوريا، وهو ما قابله تصريح لرئيس النظام السوري أمام مجلس الشعب، في 12 من آب الماضي، أن عملية الانتقال السياسي التي تعني خروجه من السلطة “لن تكون إلا في أحلامهم”، في تأكيد واضح من قبله على رفضه أي مبادرات ومفاوضات سياسية تجري خارج إرادته، ولا يتحكم بمخرجاتها، واصفًا المبادرات بأنها “خزعبلات سياسية”.
–
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :