مؤشرات على عملية تركية في عين عيسى.. مساعٍ روسية مشروطة لإيقافها
كثّف “الجيش الوطني” مدعومًا بالجيش التركي خلال الساعات الماضية من وتيرة قصفه بلدة عين عيسى شمالي الرقة، وسط محاولات روسية لتسليمها إلى قوات النظام السوري.
وقال الصحفي سعد الصبر، المنحدر من عين عيسى، لعنب بلدي اليوم، الأحد 6 من كانون الأول، إن المدفعية التركية استهدفت مواقع “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد) على أطراف بلدة عين عيسى صباح اليوم.
وكان الطيران التركي حلّق بشكل مكثف ليلًا خلال قصف مدفعي استهدف مواقع “قسد” في المنطقة.
وذكرت شبكة “عين عيسى بلس” أن مئات القذائف سقطت على مناطق في عين عيسى مصدرها مناطق سيطرة “الجيش الوطني”.
وتتعرض البلدة لقصف متكرر بين حين وآخر من قبل “الجيش الوطني” يستهدف نقاط التماس في مناطق سيطرة “قسد”، لكن بعض القذائف تسقط في مناطق مدنية، حسبما أفاد مراسل عنب بلدي في الرقة، في 30 من تشرين الثاني الماضي.
وتتقاسم “قسد” وقوات النظام السوري في عين عيسى (55 كيلومترًا شمالي الرقة) نقاط التماس الأولى مقابل “الجيش الوطني”، بينما تنتشر القوات الروسية في الخطوط الخلفية.
مؤشرات على هجوم قريب؟
خلال الفترة الماضية، ظهرت عدة مؤشرات على قرب شن “الجيش الوطني” عمليات عسكرية جديدة في منطقة شرق الفرات.
أولها توعد الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، بمواصلة العمليات العسكرية في سوريا إذا لم تحصل تركيا على الوعود المقدمة لها، إذ قال، في 3 من تشرين الأول الماضي، “سنذهب بأنفسنا لتطهير أوكار الإرهاب بسوريا إن لم يتم الوفاء بالوعود المقدمة لنا”.
أما الثاني فكان عبر تعليق “قسد” على القصف، إذ قالت إن “الجيش الوطني” وتركيا كثفا قصفهما على عين عيسى، وإن “الجيش الوطني” يجهز قواعد بالقرب من الطريق الدولي “M4” وسط استعداداته لشن هجمات.
مؤشر آخر جاء في تصريحات قيادي، تحفظ على ذكر اسمه، لعنب بلدي، بأن القصف الحالي هو تمهيد لعملية عسكرية تشمل عين عيسى ومناطق على طريق “M4” الدولي.
وأوضح القيادي، الذي يعمل ضمن صفوف “الجيش الوطني” شرق الفرات، أن العملية المرتقبة قد تبدأ خلال أيام، وأن “الجيش الوطني” يواصل الآن تعزيز قواعده في المناطق القريبة.
وكان الجيش التركي أنشأ قاعدة عسكرية جديدة في قرية صيدا، التي تبعد كيلومترين فقط عن بلدة عين عيسى، مزودة بأبراج مراقبة تطل على البلدة.
مساعٍ روسية لتسليمها للنظام
وجاء ذلك قبل حديث عن مساعدة روسية تريدها “قسد” لقطع الطريق على “الجيش الوطني” بالسيطرة على البلدة التي تتخدها “الإدارة الذاتية” عاصمة لها.
وخلال الاجتماع الروسي مع “قسد” في مدرسة “علي بن أبي طالب” بحي البلدة الشرقي، التي تتخذها القوات الروسية قاعدة لها، قدم الروس عرضًا يتضمن موافقة “قسد” على إقامة مربع أمني في البلدة يضم إدارة مدينة وعناصر شرطة، مقابل ضمان عدم مهاجمة المدينة، بحسب ما قاله الصحفي سعد الصبر.
وأضاف الصبر لعنب بلدي، أن قياديًا في “قسد” أخبره أن ضابطًا روسيًا حضر الاجتماع أكد أن ما يمنع تركيا من مهاجمة عين عيسى هو الوجود الروسي، لأنها تعلم أن هناك “عناصر إرهابيين بين صفوف قسد”.
وأضاف الضابط الروسي متوجهًا لقياديين في “قسد”، “نحن لا نستطيع فعل شيء بسبب تهور عناصركم الذين لا يسمحون للقوات الحكومية (قوات النظام السوري) بالتنقل داخل المدينة، ولا نصب حواجز فيها”، بحسب الصبر.
وانتهى الاجتماع برفض المقترح الروسي، إذ رد ممثلو “قسد” أن روسيا تريد تسلّم عين عيسى كاملة وإخراج جميع العناصر منها، بما فيها الإدارات المدنية والعسكرية، مقابل تجنيب المدينة المعركة.
وكان “الجيش الوطني” وصل إلى أطراف عين عيسى ضمن عملية “نبع السلام” التركية، في 22 من تشرين الأول 2019، بعد اتفاق تركي- روسي على انسحاب “قسد” من الشريط الحدودي لسوريا بشكل كامل، بعمق 30 كيلومترًا، خلال 150 ساعة، إضافة إلى سحب أسلحتها من منبج وتل رفعت.
ما أهمية عيسى لـ“الإدارة الذاتية”
تخضع البلدة لسيطرة “قسد”، وتبعد نحو 55 كيلومترًا عن مدينة الرقة، وتتبع إداريًا لمحافظة الرقة، منطقة تل أبيض، ومركزها بلدة عين عيسى، وتمتلك عقدة مواصلات مهمة، تربط بين محافظتي حلب والحسكة عبر الطريق الدولي “M4” الذي يمر من منتصفها، كما أنها تتميز بطرق محلية تربطها بمدينة تل أبيض على الحدود التركية، ومدينة الرقة.
سيطرت عليها “قسد” بدعم من التحالف الدولي، منتصف 2015، بعد معارك ضد تنظيم “الدولة الإسلامية” الذي حاول عدة مرات إعادتها إلى سيطرته لكنه فشل.
أسست فيها القوات الأمريكية، التي تقود التحالف، قاعدة عسكرية مطلع عام 2016، ما جعلها تتحول إلى منطقة استراتيجية، دفعت “الإدارة الذاتية” إلى تأسيس عدد كبير من المؤسسات والمجالس التابعة لها فيها.
تحوّلت عين عيسى إلى شبه عاصمة لـ”الإدارة الذاتية” في الشمال بإيعاز أمريكي، حسب حديث سابق لصحفي يعمل ضمن وسائل الإعلام المحلية إلى عنب بلدي، مشيرًا إلى أنها كانت مهملة والخدمات فيها سيئة قبل إنشاء القاعدة الأمريكية.
وأكد الصحفي أن عين عيسى شهدت الكثير من الاجتماعات المهمة بين مسؤولي “الإدارة الذاتية” ومسؤولين في التحالف الدولي، إضافة إلى مسؤولين غربيين.
كما تشهد البلدة اجتماعات دورية لمؤسسات “الإدارة الذاتية” كـ”هيئة الداخلية” و”هيئة الصحة” و”ومجلس المرأة” و”المجالس التنفيذية”، وجميع هذه المؤسسات تعقد كل شهر تقريبًا اجتماعاتها الدورية في عين عيسى.
إضافة إلى الاجتماعات السابقة، شهدت عين عيسى، في أيار الماضي، ملتقى حمل اسم “ملتقى العشائر”، جمع شيوخ عشائر ووجهاء من شمال شرقي سوريا، بقيادات ونواب من الرئاسة المشتركة لـ”المجلس التنفيذي للإدارة الذاتية لشمالي وشرقي سوريا”، ونتج عنه إخراج نساء وأطفال من أبناء مناطق شمالي وشرقي سوريا، الذين نزحوا إلى مخيم “الهول” نتيجة للأوضاع التي مرت بها مناطقهم في أثناء المعارك ضد تنظيم “الدولة”.
الناطق باسم “الجيش الوطني”، الرائد يوسف حمود، أوضح في حديث سابق إلى عنب بلدي، أن “قسد” متمسكة بعين عيسى، لأنها تعتبر خط الدفاع الأول والرئيس عن مدينة عين العرب (كوباني)، بريف حلب.
وتقع البلدة على امتداد شبكة طرق مهمة، وتمتلك عقدة المواصلات التي تربط مناطق عين العرب وتل أبيض وصولًا إلى الجنوب في منبج.
وشدد حمود على أن “قسد” تريد الاحتفاظ بتلك العقدة للربط بين مناطق سيطرتها، لأنه في حال خسارتها ينقطع التواصل مع عين العرب، وفق قوله.
–
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :