طائرات “الدرون” في إدلب.. طموح للمصوّرين لا يعوقه التشويش

camera iconطائرة درون من طراز "DJI Mini" تحلق في مدينة إدلب- تشرين الأول 2020 (عنب بلدي/ يوسف غريبي)

tag icon ع ع ع

إدلب – يوسف غريبي

بحركة بطيئة صعودًا بدأت تتضح معالم المدينة والطائرة الصغيرة ترتفع وتحوم فوق سماء إدلب، لقطات مقطع الفيديو الرائج “إدلب من منظور مختلف” لاقت استحسان المشاهدين، وأثارت رغبة المصوّرين بامتلاك كاميرات “الدرون” الخاصة بهم، لكن ثمنها ليس العائق الوحيد أمامهم.

انتشرت طائرات “الدرون” خلال الأشهر الماضية بشكل ملحوظ في محافظة إدلب، ولم يقتصر عملها على تصوير الأفلام والأعمال العسكرية، بل أصبحت أداة مستخدمة في إنتاج التقارير المتلفزة، والتقاط الصور الفوتوغرافية، ينفذها إعلاميو وناشطو المنطقة، معتمدين على التقدم بالأساليب والمعدات في منافستهم الحرفية.

لقطات “لا غنى عنها”

من وجهة نظر مصوّر مقطع فيديو “إدلب من منظور مختلف“، الذي تداولته عدة قنوات عالمية ووكالات محلية، عبد الرحمن كريج، فإن التصوير الجوي يتميز بمشاهده العامة الواسعة، التي لا تركز على التفاصيل، حسبما قال لعنب بلدي.

وأضاف الشاب الذي يستخدم التصوير الجوي منذ ست سنوات، أنه حاول من خلال مقطعه “لفت نظر العالم لمدينة إدلب بطريقة تصوير جديدة”.

في حين اعتبر المصوّر قصي خطيب، الذي شارك بإنتاج مقطع الفيديو، أن الانتقال لاستخدام التصوير الجوي بالنسبة لناشطي الثورة السورية، شكّل “نقلة نوعية” في تغطية الأحداث وإظهار جمالية المدن والحياة العامة، مشيرًا إلى أن انتشار “الدرون” في إدلب هو مواكبة للتطور الحاصل حول العالم.

صورة “الدرون” الواسعة تعتبر “أوضح للتوثيق”، برأي المصوّر عبيدة الفاضل، الذي قال لعنب بلدي، إن التصوير الجوي ينقل واقع المخيمات المتزاحمة، بطريقة لا يتمكن التصوير الأرضي من توضيحها.

تشويش عسكري وآخر شبكي.. إدلب ليست كغيرها

بسبب التشويش و”قلة الخبرة”، فقد عارف وتد طائرته “الدرون” وهو يوثق أيام عيد الأضحى في مدينة الدانا شمال إدلب، في آب الماضي، لكنه لم يفقد اهتمامه بالتصوير الجوي.

فبعد انتشار عشرات النقاط العسكرية التركية في إدلب، وتفعيل أجهزة التشويش، لم تعد طائرات “الدرون” تستطيع التحليق بحرية، وصار عملها محصورًا ضمن مناطق محدودة في المحافظة.

ويرى المصوّر براء الرزوق، أن التشويش هو أكثر الصعوبات التي تواجه الإعلاميين، مشيرًا إلى أن قوة التشويش تأتي متفاوتة بحسب نوع “الدرون” وحسب نظام الإرسال إن كان 2.4 هرتز أو 5.6 هرتز، ومصدره النقاط العسكرية والحدود التركية.

بينما قال عبيدة، إن التشويش يأتي من أبراج الإنترنت، وخصوصًا في مدينة إدلب، وإن كان للنقاط التركية “الحصة الكبرى” من التشويش.

ويرى عبد الرحمن، أن تصوير “الدرون” في إدلب مختلف عن بقية أنحاء العالم، “بسبب كثرة النقاط العسكرية”، التابعة للنظام السوري أو للجيش التركي، لأن الطائرات تعتمد بشكل أساسي على إشارة “GPS” لتحديد المواقع، وعلى الاتصال اللاسلكي.

ولا حل للسيطرة على الطائرة سوى بخبرة القيادة والتحكم ومتابعتها منذ الانطلاق وحتى العودة، لأن نظام تحديد المواقع العالمي (GPS) لا يمكن الاعتماد عليه في المنطقة، حسب خبرته.

وأشار المصوّر الشاب إلى أن أبراج شبكات الإنترنت تؤثر على الإصدارات القديمة من “الدرون”، لأن تردداتها تتراوح ما بين 2.4 و5.8 هرتز، فإن كانت الطائرة تحمل التردد ذاته فلا يمكن التحكم بها، وتداخل الإشارة يؤدي إلى ضياعها.

أما بالنسبة للطائرات الحديثة، فأنظمتها تحاول تلقائيًا تجنب التشويش، وتحافظ على إشارتها متفادية شبكات الإنترنت، وبرأي عبد الرحمن، فإن أفضل طريقة للحفاظ على “الدرون” القديمة الإصدار يكون من خلال تجنب الإقلاع بها ضمن المدن أو على مسافات قريبة منها.

وينتشر في المنطقة استخدام طائرات “الدرون” من نوع “DJI“، من فئة “Mavic” و”Phantom”، وتتراوح الأسعار بالنسبة للطائرات المستعملة، الأكثر مبيعًا، ما بين 200 دولار وحتى 1500، وبمدى للتحكم ما بين 200 متر وحتى سبعة كيلومترات، كما تختلف جودة ودقة الصور الملتقطة وفقًا لنوع الطائرة.

التعهد بطلب الإذن

في المنطقة الخاضعة لسيطرة حكومة “الإنقاذ”، لا يعتبر الإقلاع والتصوير حرًا دون ترخيص، فكان من ضمن شروط “البطاقات الصحفية” التي قدمتها للإعلاميين، وجوب ترخيص التصوير الجوي مسبقًا مع العلاقات الإعلامية التابعة لها.

برأي المصوّر عارف، فإن طلب الترخيص “طبيعي”، فالمنطقة “منطقة حروب ونزاعات”، ولا يعطى إذن التصوير سوى ليوم واحد فقط.

وقال براء، إن الحصول على الترخيص يتم وفق شروط “سهلة”، تتضمن شرح معلومات التصوير والهدف من المادة الإعلامية، مع الابتعاد عن الأماكن العسكرية والأمنية.

لكن عبيدة قال إن أغلب ناشطي إدلب يعانون عند طلب التراخيص، لأن أي صورة بحاجة إلى إذن.

وحسب شهادة ناشط إعلامي، فضّل عدم ذكر اسمه، فإن وجود العلاقات الإعلامية التابعة لـ”الحكومة” في المدينة، يصعّب الأمر على الناشطين الذين لا يكفيهم الزمن الممنوح للوصول إلى مناطق بعيدة مثل المخيمات على الحدود السورية- التركية.

وقال الناشط إنه تعرض لحجز طائرته مدة أسبوعين، حين حاول التصوير حول منزله دون طلب إذن، وأدى التشويش إلى ابتعاد “الدرون” عن المكان، “أدى الأمر إلى كثير من التساؤلات والاتهامات”، ولم تُرد له الطائرة إلا بعد كتابة تعهد وفرض الإذن للتصوير.

وتوجهت عنب بلدي باستفسارات حول أسباب التنسيق المسبق وشروط تصوير “الدرون” في إدلب، إلى مدير العلاقات الإعلامية في حكومة “الإنقاذ”، ملهم الأحمد، إلا أنها لم تلقَ ردًا حتى ساعة إعداد هذا التقرير.

نجاح

شكرًا لك! تم إرسال توصيتك بنجاح.

خطأ

حدث خطأ أثناء تقديم توصيتك. يرجى المحاولة مرة أخرى.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة