حذر الصحفي الفلسطيني محمد صفية، من مغبة تنفيذ المخطط التنظيمي لمخيم “اليرموك”، ومن الخطوات التي اتبعتها محافظة دمشق في التعامل مع هذا الملف.
وفي سلسلة فيديوهات نشرها الصحفي على حسابه في موقع “فيس بوك”، وأرسلها إلى عنب بلدي عبر البريد الإلكتروني في 29 من تشرين الثاني الماضي، تحت عنوان “خفايا المخطط التنظيمي لمخيم اليرموك”، تحدث صفية عما أسماه “حيلًا قانونية” لجأت إليها محافظة دمشق من أجل تمرير مخططها.
وأشار صفية إلى أنه تمكن من الوصول إلى معلوماته بعد عمليات بحث وتقصٍّ وتواصل مع مصادر خاصة من داخل محافظة دمشق على مدار عدة أسابيع.
واعتبر أن هذه الحيل تشتمل بداية على حل “اللجنة المحلية لمخيم اليرموك”، التي تتبع لوزارة الإدارة المحلية، وهي جهة مستقلة يمكنها أن تقرر إن كان المخيم بحاجة إلى مخطط تنظيمي أم لا، إذ سعت محافظة دمشق منذ عام 2018 لاستصدار قرار من مجلس الوزراء بحل هذه اللجنة، باعتبار أن وجودها يعوق استصدار المخطط، وغيّرت اسمها إلى “دائرة خدمات دمشق” حتى تكون تابعة لها.
وعقب ذلك، عمدت محافظة دمشق إلى تزوير نسبة الدمار في المخيم، وادعت أنها تبلغ 42% من مساحته، بينما لم تتجاوز نسبة الدمار الحقيقية 18%، بحسب ما نقله صفية عن مهندسين في دمشق، وهي نسبة قليلة لا تسمح بفرض مخطط تنظيمي جديد، لافتًا إلى أن المحافظة أرادت من وراء ذلك استغلال بند من المادة الخامسة في القانون “23” لعام 2015، يتيح إعادة تنظيم المناطق التي تعرضت لدمار كبير.
وإلى جانب ذلك، تلاعبت محافظة دمشق بعدد الاعتراضات التي تقدم بها الأهالي على المخطط التنظيمي للمخيم، إذ قسمت المحافظة المخيم إلى ثلاثة أقسام (أ،ب، ج) وأخضعت كل قسم لتصويت مستقل، واعتمدت نسبة الاعتراضات لكل منطقة على حدة، حتى لا يتجاوز عدد الاعتراضات ثلاثة آلاف اعتراض، وهي النسبة التي حددها القانون من أجل إسقاط المخطط التنظيمي.
وأضاف صفية أن تضاربًا بدا واضحًا في تصريحات المسؤولين حول عدد الاعتراضات التي تقدم بها الأهالي على المخطط التنظيمي للمخيم، إذ كان آخرها تصريح عضو المكتب التنفيذي لمحافظة دمشق سمير جزائرلي، بأنها بلغت 2900 اعتراض، بينما توجد تصريحات سابقة عن المحافظة تفيد بأن نسبة الاعتراضات هي الأكبر في تاريخ سوريا، وبلغت من تسعة آلاف إلى 12 ألف اعتراض، وطالب صفية محافظة دمشق بتقديم إحصائيات رسمية عن عدد الاعتراضات.
كما جرى التلاعب بتوقيت الإعلان عن المخطط الجديد، إذ أعلن عنه المجلس التنفيذي للمحافظة خلال جلسة استثنائية يوم الخميس، وبالتزامن مع عطلة عيد الأضحى، وامتحانات الشهادتين الثانوية والإعدادية، فخسر الناس بذلك ثلاثة أيام للاعتراض على المخطط، وفقًا لصفية.
ويرى صفية أن المحافظة عمدت علاوة على ذلك إلى إلغاء صفة المخيم، إذ غيرت اسمه من مخيم “اليرموك” إلى منطقة “اليرموك”، عازيًا ذلك إلى جذب الجهات الاستثمارية التي لن تقبل شراء أبراج في مخيم.
فبعد إصدار قرار التريث بتنفيذ المخطط من قبل مجلس الوزراء، أصدرت محافظة دمشق بيانًا قالت فيه إنه “إثر صدور قرار التريث، تم تشكيل لجنة لبحث الحلول المستقبلية في منطقة اليرموك”.
وتؤكد المصادر التي تواصل معها صفية والوقائع على الأرض انتقال القرار من مرحلة التريث إلى مرحلة الإلغاء والعودة لمخطط عام 2004، مبينًا أن المخاوف من تنفيذ المخطط الجديد مردها إلى غياب أهالي المخيم عنه، وعدم الحديث عن تعويضات للمتضررين، أو التزام المحافظة بتوفير سكن بديل لمن سيأتي المخطط التنظيمي على منازلهم، معتبرًا أنه عندما يضمن المخطط عودة جميع أهالي مخيم “اليرموك” إليه، سيكون مرحبًا به أما بقاؤه على الوضع الحالي فلن يقبله الناس، بدليل عدد الاعتراضات الهائل الذي وصل إلى المحافظة.
شروط عودة الأهالي
وكان محافظ دمشق، عادل العلبي، قال في تصريحات لصحيفة “الوطن“، في 1 من كانون الأول الحالي، إنه يتم حاليًا إجراء كشوف لمعرفة الواقع العمراني في مناطق بدمشق وحولها، ومنها منطقة “اليرموك”، والبحث في حلول عاجلة لإعادة تأهيل تلك المناطق.
ولفت إلى تكليف “الشركة العامة للدراسات الفنية” بإجراء دراسة تنظيمية وفنية لمنطقة “اليرموك” وإجراء تقييم كامل لمخططها كونها منطقة منظمة ولا توجد فيها مخالفات.
وقد قدمت الشركه ثلاثة حلول بعد الانتهاء من الدراسة، “الأول هو عبارة عن تهذيب بسيط للمنطقة يشمل المناطق المتضررة، والثاني توسيع شارع اليرموك واعتباره منطقة تنظيمية ومناطق وضع راهن، والثالث تنظيم منطقة اليرموك بشكل كامل”.
وأشار العلبي إلى أنه وبعد موافقة محافظة دمشق على الحل الثاني، تم إقرار التريث والعمل بشكل عاجل على إعادة المواطنين من أبناء المخيم إلى منازلهم القابلة للسكن، بشرط أن تكون سليمة إنشائيًا.
وكان المكتب التنفيذي في محافظة دمشق حدد ثلاثة شروط للسماح لأهالي مخيم “اليرموك” بالعودة إلى منازلهم، وهي “السلامة الإنشائية، وإثبات الملكية، والحصول على الموافقات اللازمة”، وفقًا لما نشرته صحيفة “الوطن”.
–